في خضم الأخبار المتواصلة عن فضائح شركات التقنية، وما يتعلق منها بتأثير الشبكات الاجتماعية، مثل "فيسبوك"، على آراء الناخبين، نشر موقع "بيزنس إنسايدر" مقالًا يتحدث فيه عن ضرر عملاق الشبكات الاجتماعية على الديمقراطية

أشار الموقع إلى ما حدث منذ عامٍ مضى تقريبًا، حين هاجم الملياردير التقني المدير التنفيذي لشركة "سايلز فورس" مارك بينيوف موقع "فيسبوك" في المنتدى الاقتصادي العالمي في سويسرا.

كان مارك قد صرح في حديثه مع قناة "سي إن بي سي" قائلًا: "إنَّ المشرعين الأمريكيين يجب أن يُنظِّموا عمل الشبكة الاجتماعية تمامًا مثلما يفعلون مع صناعة السجائر" وهي نظرية تبناها بينيوف عدة مرات، وصرح بها بوضوح في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حين قال للصحافية التقنية كارا سويشر إنَّ شبكة فيسبوك هي السجائر الجديدة.

واصل بينيوف شرح نظريته موضحًا أنَّ "فيسبوك" يمكن إدمانه، وغير مفيد، وهناك أشخاص يحاولون دفعنا لاستخدامه، حتى أنَّنا أحيانًا لا نفهم بالضبط ما الذي يحدث لنا أثناء استخدامه، منذ ذلك الحين، وفقًا للموقع، استُخدمت الشبكة وسيلةً لإعاقة العملية الديمقراطية، وكانت في قلب فضائح جمع وتسريب البيانات، التي كان أكبرها تعاونها مع شركة "كامبريدج أناليتيكا" للاستشارات السياسية.

يُرجع بينيوف الفضل في وصوله لوجهة نظره هذه إلى مجموعة من الأشخاص المؤثرين في المجتمع التقني، الذي يؤمنون مثله أكثر من أي وقتٍ مضى أنَّ "فيسبوك" مؤذٍ للعملية الديمقراطية بنفس الدرجة التي يؤذي بها التدخين الصحة، وأنَّ ثمة حاجةً ماسةً لاتخاذ قراراتٍ بخصوصه، أحد هؤلاء المؤثرين بحسب الموقع هو جيم ستيار، مؤسس منظمة "كومون سينس ميديا" غير الربحية، التي تمارس الضغط لتوفير حمايةٍ أكبر للأطفال على الإنترنت.

صرح ستيار لموقع "بيزنس إنسايدر" في المنتدى الاقتصادي العالمي بمدينة دافوس هذا العام بأنَّه يؤمن أنَّ منصات التواصل الاجتماعي سببت للمستخدمين مشكلاتٍ ضخمة تتعلق بالإدمان والانتباه والإلهاء، وأضاف أنَّ العام الماضي كان نقطة تحول في العلاقة بين مجال التقنية والمجتمع العالمي؛ إذ كُشف أمر "فيسبوك"، بالإضافة لعددٍ من المواقع، وتبيَّن ارتكابهم لانتهاكاتٍ بحق المؤسسات الديمقراطية.

ويشير الموقع إلى أنَّ رجل الأعمال روجر ماكنامي، المستثمر السابق في "فيسبوك"، والذي كان مستشارًا لمارك زوكربيرج، كان واحدًا من الذين ناقش معهم بينيوف نظرية تشبيه "فيسبوك" بالتبغ، وصرَّح ماكنامي وفقًا للموقع بأنَّ بينيوف اختار النظر لقضيته من منظور الصحة العامة، وهذا في رأيه نقطة انطلاق مثالية وتابع: بأنَّ المثيرات التي تتلاعب بالانتباه تقتات على أضعف مكونات النفس البشرية، وأنَّ الهدف لم يعد جمع المعلومات عنا، بل تغيير ما نفكر فيه وما نفعله".

وأضاف أنَّ المقارنة بالسجائر كانت فكرة عظيمة؛ لأنَّ الشخص العادي يستطيع فهمها وختم كلامه بالإشارة إلى حاجتنا الملحة إلى أمرين: أولًا نقاش عالمي عن هذه المشكلة، وثانيًا تنظيم عمل شركات التقنية بطريقة منطقية متوافقة مع الطبيعة البشرية.

الفصل هو الحل

أشار الموقع إلى أنَّ ستييار انخرط في صياغة قانون خصوصية جديد في كاليفورنيا، وسافر إلى العاصمة بروكسل في منتصف يناير (كانون الثاني) ليتحدث مع المشرعين عن النظام الأوروبي العام لحماية البيانات، والقواعد الأخرى لضبط عمل الشركات التقنية، أوضح ستيار أن الناس الآن يدركون ضرورة اتباع نهجٍ متوازن في استخدام التقنية، وأنَّ الفكرة التي تفترض حماية التكنولوجيا للمصلحة العامة والتحكم الذاتي غير حقيقة والحل في رأيه هو استخدام نهج توجهه المصلحة العامة.

يتفق ماكنامي بشكل أو بآخر مع رأي ستيار؛ إذ يعتقد أنَّ سلطة شركاتٍ مثل "فيسبوك" و"جوجل" و"أمازون" يجب تقييدها وكبحها وكذلك يقترح منعها من الاستحواذ على شركات أخرى، ومنعها من مشاركة البيانات مع الشركات التابعة ويفسر ماكنامي رأيه قائلًا: إنَّ النظام الاقتصادي سيستفيد من فصل الشركات عن بعضها، ويوافقه ستيار في ذلك، مقترحًا الفصل الإجباري بين "فيسبوك" و"إنستجرام".

لم تعلق "فيسبوك" على تلك المسألة لكن بحسب الموقع، قالت شيريل ساندبيرج، كبيرة مسؤولي العمليات في "فيسبوك"، في مؤتمرٍ بميونخ هذا الشهر: إنَّ شركة "فيسبوك" منفتحة للعمل مع الجهات التنظيمية، وتسعى للتحسين المتواصل وأضافت وفقًا للموقع "نحن بحاجة للتوقف عن الإساءة إلى المستخدمين، والقيام بما هو أفضل في حماية بيانات الناس"، خاتمةً تصريحاتها بأنَّ شركة "فيسبوك بالفعل اعترفت بأخطائها.

اضف تعليق