تحت شعار (سيداو صوتنا-حقوق المرأة في اتفاقية سيداو ومنظومة التشريعات العراقية) أقامت منظمة أوان للتوعية وتنمية القدرات بمشاركة اعضاء من التحالف العراقي للقرار 1325 ومنظمات المجتمع المدني، ورشة عمل نقاشية تناولت تقرير الظل لمسودة تنفيذ التوصيات الختامية (12-18) لاتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة (سيداو).

و(سيداو) هي معاهدة دولية تم اعتمادها في العام 1979 من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة وتوصف بأنها وثيقة حقوق دولية للنساء، تأسس جدول أعمالها للعمل من أجل وضع حد للتمييز على أساس الجنس. بالشكل الذي يلزم الدول المصدقة على الاتفاقية المطالبة بتكريس مفهوم المساواة بين الجنسين في تشريعاتها المحلية، وإلغاء جميع الأحكام التمييزية في قوانينها، والقيام بسن أحكام جديدة للحماية من أشكال التمييز ضد المرأة.

الورشة النقاشية التي حضرها اكثر من ثلاثة عشر منظمة حكومية وغير حكومية من ضمنها (مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام) تناولت استعراض تفاصيل التوصيات الختامية لاتفاقية سيداو الصادرة بعد مناقشة تقرير العراق في (شباط 2014) اضافة لمناقشة التوصيات الصادرة من المنظمات غير حكومية والتي جاءت تبعا للمتغيرات والاحداث التي تعرضت لها النساء بعد دخول (داعش) العراق في 10/حزيران 2014 والموثقة ميدانيا ً ضمن التقرير المطروح للنقاش.

حيدر العوادي رئيس منظمة (ساوا لحقوق الانسان) وعضو الشبكة العراقية لقرار (13- 25) تحدث لشبكة النبأ المعلوماتية عن دواعي اقامة تلك الورشة النقاشية موضحا الى ان "الجلسة تأتي ضمن توصيات الصادرة للجنة سيداو في الامم المتحدة حيث ناقش العراق تقريره في 2014وبعد مناقشة التقرير الحكومي وتقرير الظل من قبل المنظمات غير الحكومية صدرت (62) توصية وهنالك توصيتان هما ال (12- 18) وتوصية (12) تركزت على قرار مجلس الامن وقرار(13- 25) الخاص بتمكين وحماية النساء اثناء وبعد النزاعات السياسية واشراكها بالقرار السياسي، وكذلك اشراكها بمبادرات السلام.

 اما التوصية (18) فتتضمن مناقشة القوانين التميزية في التشريعات العراقية مبيناً أن "الجلسة تأتي من ضمن جهود المنظمات الغير حكومية لمناقشة التقرير التجميعي الذي سيتم ارساله في شهر نسيان الحالي للجنة سيداو في الامم المتحدة.

واضاف العوادي: الحكومة العراقية أرسلت خلال شهر شباط من العام الحالي تقريرها، ونحن بدورنا كمنظمات غير حكومية سوف نقوم بإرسال تقاريرنا (كتقرير ظل) يوازي تقرير الحكومة، وهذا الاجراء هو من ضمن منهجيات وضوابط ومعايير الامم المتحدة في كافة اللجان التعاقدية والالتزامات الدولية المنضوية تحتها.

جهود محلية ودولية

وبين العوادي أنه" وبالرغم من التشريعات الوطنية في العراق ألا أن التحديات التي تواجه المرأة العراقية تحديداً (النساء والفتيات)، وما تعرضن له من انتهاكات جسيمية خاصة بعد دخول داعش في حزيران 2014 لذلك نجد مع الاسف الشديد مع وجود هذه الانتهاكات الجسيمة من اسر وسبي للنساء، أضافة للتهجير القسري وعمليات الاختطاف والانتهاكات المختلفة بحق هذه الفئة الا أن الجهد الدولي لا يزال ضعيف، لاسيما مع ضعف الموارد الحكومية لمعالجة تلك الانتهاكات.

وأوضح متحدثاً: نحن كمنظمات مجتمع مدني ندعو المجتمع الدولي بالتدخل الفوري، وانقاذ النساء من الانتهاكات في العراق، الطروحات لا تتركز على احتياجات الماء والمأكل والملبس بل انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان، وصلت لدرجة القتل والسبي والعنف الجنسي الذي يمارس بحق النساء، وكذلك الاهمال الحكومي الشديد لمتابعة النساء النازحات في المناطق الامنة والمحررة من الارهاب.

صنع القرار النسوي

وتابع العوادي: اليوم نحن نتكلم عن اكثر من مليون امرأة تعرضن للتهجير القسري، وفقدان الكثير من الرعاية والخدمات، فنحن كمنظمات مجتمع مدني رصدنا ميدانياً الاحتياجات الإنسانية والاجتماعية والنفسية والصحية لمعظم العوائل النازحة في المناطق الامنة التي لجأوا اليها لذلك فان المهمة عسيرة وتحتاج الى المزيد من الجهود سواء من المجتمع الدولي متمثلاً بالأمم المتحدة الى جانب الدعم الحكومي، العراقي للنهوض بواقع المرأة واشراكها في صنع القرار، سيما في مبادرات السلام والمصالحة والتماسك الاجتماعي وهذا ينطق على الوضع داخل السلطة وخارجها فهي جزء من المجتمع وتشكل الجزء الكبير في توجيه النسيج المجتمعي.

ذكورية المجتمع

وفي مداخلة نقاشية لموفد (مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام)، عن وجود تصورات عامة تؤشر خلل في ذاتية المرأة العراقية في القيادة؟ أجاب العوادي بأن المجتمع العراقي مجتمع ذكوري رغم وجود تشريعات محلية والتزامات دولية للعراق فيما يخص تلك التشريعات الا اننا نجد الخلل يقع على عاتق الرجل والمرأة على حد سواء، ففي جانب الرجل الذي لا يعطي للمرأة الحقوق سواء في السلطة او في خارجها الحديث غير وارد هنا فيما يخص التشابه وانما يتعلق الامر بالحقوق والواجبات وفق ما اقره الدستور العراقي، وأقرته الشرائع السماوية كافة، فمثلما للرجل للمرأة، لذا فان التحديات كثيرة التي تواجه المرأة بأخذ دورها الحقيقي ولا يعد ضعف في كينونة المرأة وانا، ضعف في توفير البيئة السياسية الملائمة التي يفترض ان تدعم المرأة بأن تكون صاحبة قرار بالحكومة او في الحزب فلا تزال القيادات السياسية رغم قوانين الديمقراطية في مجتمعنا الا أن الرجل في السلطة العراقية لا يسمح للمرأة بأخذ زمام الامور، بالتالي انعكس الامر حتى في السلطات التنفيذية، فلا وجود لوزيرة او مدير عام او وكيل وزارة الا بنسب ضئيلة جدا، في حين أن للنساء قدرات قوية جدا في مواقع مختلفة، فالمرأة يمكن لها أن تتعاطف مع مشاكل المرأة، وفيما يخص مؤشرات الفساد الاداري والمالي فالمرأة وبحسب التصنيفات بعيدة عن قضايا الفساد، فالمسوحات الخاصة بمواقع السلطة في العراق وجدت أن معظم حالات الفساد عند الرجال اكبر نسبب عالية عنها لدى المرأة والتي تسعى لإدامة الحفاظ على موارد الدولة.

وسائل الضغط الدولية

وفي مداخلة للقانونية ايمان عبد الرحمن رئيسة منظمة المرأة القيادة أوضحت "أن الهدف من تقرير الظل في الامم المتحدة وسيلة دولية للضغط على الحكومة لتغيير سياساتها وتشريعاتها التي تسعى الى تجميلها واخفاء بعض الحقائق عن الانتهاكات او الخروقات وفق المتغيرات العالمية والمتغيرات في العراق أذ يفترض أن تأخذ المرأة دور أكبر حتى في مشاريع التنمية وليس في حقوقها وهذا ما نسعى اليه في توصيات تقرير الظل.

تشريعات ومتغيرات

فيما ركزت مداخلة مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام عن مساعي المنظمات النسوية في اقرار تعديلات قانونية وطرح تشريعات جديدة تتلائم والمتغيرات السياسية والايدلوجية واكدت عبد الرحمن وجود مساعي حثيثة في هذا الاتجاه لكن وبحسب عبد الرحمن فنان تلك التحركات تصطدم بالترهل الحكومي الذي يترك مسودات التشريعات في الادراج المهملة عازية ذلك لعدم وجود الارادة السياسية.

واضافت "مهمتنا اليوم السعي لتأهيل وتنمية المرأة للتكون صانعة للقرار ولتكون جزء من هذه التشريعات، فقيمة المرأة في القيادة اليوم لا يصنف كخلل في ذاتية المرأة ولكن خلل بتأهيل المرأة وبناء قدراتها لأجل ان تكون مرأة قيادية ومؤثرة لصنع القرار في العراق.

نساء البرلمان

وفي سؤال لمؤسسة النبأ للثقافة والاعلام عن مدى امكانية النساء البرلمانيات ودورهن في صنع القرار، اجابت عبد الرحمن: مع الاسف لو كان هناك نساء في البرلمان مؤثرات وصانعات قرار لما تجاوز الحلم (14) من النضال لأجل التغير ولم نلمس ذلك التغير على أرض الواقع.

وفيما يتعلق بمداخلة (النبأ) عن جدوى تقرير الظل في خضن المخاوف من الضعف الحكومي بينت عبد الرحمن: من خلال تقرير الظل سنمارس بالضغط على الحكومة داخليا من خلال حملات التوعية، وفي حال عدم استجابة الحكومة والبرلمان لأجل تعديل ما يلزم تعديله سيكون التوجه صوب الجهات الدولية من خلال التزام العراق بالاتفاقيات، والمواثيق الدولية وهذه الدول ستعاقب العراق لعدم تنفيذ بنود تلك الاتفاقيات، وبالتالي يحصل التغير بحكم التأثير الدولي والداخلي المحلي.

توثيقات ميدانية

وعن طرح (مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام) بضرورة توثيق الانتهاكات ضد النساء ضمن متغيرات الساحة السياسية العراقية والعالمية أيدت رئيسة منظمة أوان فريال الكعبي تلك الطروحات وتضمينها ضمن تقرير الظل المطروح للنقاش اذ اوضحت بالقول: توجد لدينا توثيقات ميدانية لانتهاكات تغفلها الحكومة، أو ربما لو يتسنى لها الوضع الوقف على تبعياتها في خضم الأوضاع التي يعيشها البلد، أذ تعد تلك الوثائق ناقوس ينبه الحكومة لضرورة اعطى اهمية حقيقية فيما يتعلق بالعنف ضد النساء في النزاعات المسلحة والمناطق الساخنة. وهو ما يعطي صورة اعمق واوضح عن مواطن الخلل.

وأضافت: التوصيات التي نحتاجها كمجتمع مدني لمعالجة واقع المرأة والتي تمت مناقشتها كمنظمات مجتمع مدني سوف ترفع تلقائيا الى لجنة (سيداو)، في الأمم المتحدة هذه اللجنة سوف تقارن مابين تلك التوصيات وما بين ما مطروح ضمن التقارير الحكومية، فتقرير الظل هو تقرير موازي للتقرير الحكومي وتوضيح لبعض النقاط التي لم يتطرق لها التقرير الحكومي أو يحاول اخفائها أو تجاهلها.

تقرير ختامي

وخلال الجلسة النقاشية طرح المشاركون جملة من التوصيات والتعديلات على نسخة التقرير الاولية والمزمع رفعها خلال الايام القليلة الماضية، تضمنت بعض تلك التوصيات التركيز على موضوع التشريعات القانونية مابين تعديل البعض منها، وتضمين أخرى بنود وفقرات جديدة تتلائم والمتغيرات السياسية والاوضاع الامنية في البلاد.

وفي معرض المناقشة كان لمؤسسة النبأ للثقافة والاعلام مداخلة نقاشية ركزت فيها على تضمين حقوق المرأة في المناطق المحررة من داعش، والتي لاتزال المرأة فيها تعاني العنف القسري، مع رصد جملة من حالات الاختطاف لأغراض المساوة المادية، وما يترتب على ذلك من تبعيات أبرزها القتل بذريعة غسل العار او القتل المتعمد من قبل الجهات الخاطفة، وطالبت (مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام) بطرح بنود قانونية جديدة لحماية المرأة فيما يخص تلك الحالات مع وجوب تأهيل المرأة نفسياً واجتماعيا ًمن خلال تخصيص موارد مالية كفيلة بتقديم البرامج التأهيلية بغية اندماجها بالمجتمع، وتجاوز أزمة العنف التي تعرضت لها.

وقد أخذت التوصيات المطروحة لـ(مؤسسة النبأ)، ضمن التعديلات الجديدة لتقرير الظل ضمن نسخته النهائية.

اضف تعليق