قال المطران العراقي بشار وردة، رئيس أساقفة أربيل، إن التوترات بينه وبين الكاردينال لويس ساكو، بطريرك الكلدان الكاثوليك المقيم في بغداد، كانت نتيجة لسوء تفاهم، نافيا الاتهامات بأنه كان يعمل ضد البطريرك.

وقال بوقت سابق إنه يرفض "جميع الاتهامات بالكامل"، في إشارة إلى الادعاءات التي قدمتها البطريركية الكلدانية في 28 أغسطس بأن رئيس الأساقفة وردة "خدع بالوعود" التي قدمها شخصيات سياسية كانت وراء محاولة الحكومة رفض الاعتراف بسلطة الكاردينال ساكو كرئيس للكنيسة الكلدانية الكاثوليكية في عام 2023.

وأكد المطران وردا في رسالة مكتوبة لوسائل اعلام "إننا فخورون بقداسته كرئيس للكنيسة الكلدانية"، وأضاف: "أرفض بشكل قاطع الاتهامات بالفساد ... وسأستمر في التعامل مع هذه القضية من خلال القنوات الكنسية ذات الصلة".

في يوليو/تموز 2023، غادر الكاردينال ساكو بغداد بعد أن ألغى الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد مرسومًا يعترف رسميًا بالكاردينال بطريركًا للكلدان في البلاد وسلطته على إدارة الوقف الديني الكلداني.

وفي تصريح صحفي في ذلك الوقت، قلل المطران وردا من أهمية إلغاء المرسوم، قائلاً إن "سحب المرسوم الجمهوري لا يضر بالوضع الديني أو القانوني للكاردينال لويس ساكو، لأنه معين من قبل الكرسي الرسولي".

لكن الكاردينال ساكو ووسائل الإعلام العراقية المحلية اعتبرت هذه الخطوة محاولة للاستيلاء على منصب البطريرك كرئيس للكنيسة الكلدانية، والتي يزعم أنها تمت بتحريض من ريان الكلداني، رئيس كتائب بابل، وهي ميليشيا كاثوليكية كلدانية تربطها علاقات وثيقة مع إيران.

ويعتقد كثيرون أن الكلداني، الذي فرضت عليه وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات في عام 2019 بسبب انتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان، دفع إلى إلغاء العقوبات في محاولة للسيطرة على أصول الكنيسة الكلدانية.

وفي أثناء وجوده في المنفى في أربيل لمدة عام تقريباً، تلقى الكاردينال ساكو الدعم من آية الله العظمى علي السيستاني، الشخصية الدينية الشيعية الرائدة في العراق، وهيئة علماء المسلمين في العراق، أعلى سلطة سنية في البلاد. وقد أبدى كل من الهيئة والهيئة استياءهما من المعاملة التي لقيها الكاردينال.

وأعربت دول، من بينها الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا، أيضا عن عدم موافقتها على خطوة الرئيس.

وفي يونيو/حزيران الماضي، أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مكانة الكاردينال ساكو بطريركاً للكلدان في العراق والعالم.

وعاد الكاردينال على الفور إلى بغداد، وفي الشهر التالي ترأس مجمع الكنيسة الكلدانية الذي انعقد في الفترة من 15 إلى 19 يوليو/تموز.

وأشارت البطريركية إلى غياب خمسة أساقفة - المطران وردا، والمطران بولس ثابت من القوق، والمطران آزاد صبري شابا من دهوك، والمطران أميل شمعون نونا من سيدني للكلدان، والمطران سعد سيروب حنا، الزائر الرسولي للكلدان الكاثوليك في أوروبا، والذي يقيم في مدينة سودرتاليا شمال السويد.

وفي بيان نشر على موقع البطريركية الكلدانية بعنوان "الحقيقة حول ما يحدث في الكنيسة الكلدانية"، نُشر في 24 أغسطس/آب، قال الكاردينال ساكو إنه يعلم "على وجه اليقين أن بعض الأشخاص كان لهم يد في سحب المرسوم الرئاسي" من أجل "دفعي إلى الاستقالة من أجل السعي إلى الخلافة".

وأضاف أن "محاولاتهم لم تتوقف عند هذا الحد، بل سحبوا طلابهم من المدرسة اللاهوتية"، مضيفا: "أؤكد لهم أنهم واهمون ورهانهم خاسر، لأن الكنيسة للمسيح وهو يرسل العمال إلى الحصاد".

لكن بعد أربعة أيام فقط، أصدرت البطريركية بيانًا آخر حذرت فيه من أن "مقاطعة المجمع الكلداني من قبل خمسة أساقفة تشكل سابقة خطيرة" تتعارض مع عهودهم الأسقفية "بالتعاون مع غبطة البطريرك لويس رافائيل ساكو من أجل أن تواصل الكنيسة رسالتها النبيلة".

وقالت البطريركية إن إلغاء المرسوم في عام 2023 "أوحى للبعض أن هذا هو النهاية وجعل أفواههم تسيل لعابًا"، واتهمت رئيس الأساقفة وردا بشكل مباشر بحشد الدعم من رجال الدين لإزالة الكاردينال.

"ومن المؤسف أن رئيس أساقفة أربيل قد خدع بوعود هذا الحزب، ووافق على أن يصبح عرابه"، كما كتبت البطريركية. "لم يندد فقط بسحب المرسوم، بل دعمه واقترح بديلاً: "حجة الخلافة".

واتهمت البطريركية المطران وردا أيضاً بدعم "الحزب السياسي"، أي كتائب بابل، "رغم علمه بتعديه على الكنيسة وحقوق المسيحيين والاستحواذ على ممتلكاتهم".

وأضاف البيان أنه عندما طلب الكاردينال ساكو من رئيس الأساقفة وردا أن يندد علناً بإلغاء المرسوم، "رفض".

وقالت البطريركية "في حين استنكر العديد من رجال الدين المسلمين هذا الإجراء، فكم بالحري أساقفة كنيستنا" الذين كان من المتوقع أن ينددوا به.

وقالت البطريركية الكلدانية إن تصرفات رئيس الأساقفة وردا والأساقفة الأربعة الذين لم يحضروا المجمع أجبرت "غباءه على تسوية القضية بإحدى طريقتين: من خلال الاعتذار العلني أو بموجب القانون الكنسي"، ومنحهم مهلة حتى 5 سبتمبر للاعتذار.

وأضاف البيان أنه إذا لم يحدث ذلك "سيتم تقديم تقرير إلى قداسة البابا فرنسيس لاتخاذ الإجراء المناسب لكل من الأساقفة الخمسة".

وتابع البيان في الإشارة إلى الانتهاكات التي سيُتهم بها الأساقفة، بما في ذلك القانون رقم 1447 من مجموعة قوانين الكنائس الشرقية، الذي ينص على أن "من يحرض على الفتنة والكراهية تجاه أي رئيس كهنة مهما كان أو يحرض رعيته على العصيان، يجب معاقبته بعقوبة مناسبة، دون استثناء الحرمان الكنسي الرئيسي، خاصة إذا ارتُكبت الجريمة ضد بطريرك أو ضد البابا الروماني".

في تأمل له في السابع من سبتمبر بعنوان "عد إلى نفسك"، كتب الكاردينال ساكو أنه "من المؤلم للغاية أن يحول بعض الناس الأكاذيب إلى سلاح للاغتيال الأخلاقي! دعونا نبتعد عن إيذاء الناس لأن الله سيحاسبنا، خاصة عندما نكون مؤمنين ونصلي".

وكتب الكاردينال: "إن هذا الفكر الروحي والتربوي لا علاقة له بالأساقفة المقاطعين، حيث أن القضية وصلت إلى أعلى محكمة كنسية".

ا-ب

اضف تعليق