كشف موقع "ستراتفور" الإستخباري الأمريكي عن أن ولي العهد السعودي یسعی لأن یکون ملکاً مدنیاً علمانیاً.
ونشر موقع "ستراتفور" تقريراً قال فيه إنّ التغيير قادم إلى السعودية وقد يصل قريباً إلى قمة النظام الملكي في البلاد في خضمّ التحولات الإقتصادية والسياسية الكاسحة وتوقعات بمزيد من التعديلات ومن أهمّها تنازل الملك الوشيك عن العرش لابنه وولي عهده الجديد الأمير محمد بن سلمان.
وسيأتي رحيل الملك في وقت يكافح فيه النافذون لوضع خطة للإصلاح الإقتصادي والعديد من تفصيلات البرنامج غير واضحة أو غير مستقرة وقد جاءت محاولة الرياض لإصلاح الاقتصاد السعودي جنباً إلى جنب مع محاولة لتجديد السياسة في البلاد بالإضافة إلى تعديل قواعد الحكم والإستخلاف إذ إنّ الملك سلمان عيّن ابنه محمد ولياً للعهد.
وبعد أن بسط هيمنته على الوزارات وأنشأ لجاناً حاكمة على مدى العامين الماضيين سارع الأمير المعيّن حديثاً إلى إنشاء "رئاسة أمن الدولة" ووضعها تحت سيطرته بعدما ضمّ إليها المديرية العامة للمباحث وقوات الأمن الخاصة وقوات الطوارئ الخاصة وطيران الأمن وغيرها من الأجهزة التي كانت تتبع في السابق لوزارة الداخلية.
وأوضح تحليل مركز "ستراتفور" أنّ التنازل المتوقع عن المُلك يمثّل تغييراً سياسياً بارزاً حيث سيتولّى العرش أصغر ملك سعودي منذ ما يقرب من قرن من الزمان وهو أول ملك من الجيل الثالث.
وأوضح المركز أنّ قرار تنحّي الملك ليس مسألة " إذا " ولكن "متى". غير أنّ المخطط الحقيقي يكمن في التغييرات التي تقترب من جوهر البلاد: التوجه السياسي الإسلامي الذي يشكّل العمود الفقري للمجتمع السعودي وكذا العادات الإجتماعية الصارمة. لتسهيل الطريق نحو إنتقال القيادة في المملكة، من المرجّح أن يشدّد ولي العهد قبضته على التعبير السياسي حتى عندما يختبر محاولات الإصلاح الاجتماعي.
وقد رُفع الستار عن هذه القبضة بسلسلة الإعتقالات الأخيرة التي أثارت تساؤلات حول دوافعها حيث إحتجزت السلطات حتى الآن عشرات من الناشطين والعلماء والدعاة الشعبيين وبعضهم مرتبط بحركة الصحوة المتعاطفة مع الإخوان المسلمين.
ويمكن أن يكون هناك تفسير بسيط للإعتقالات: قد تكون مجرد جزء من النزاع السعودي المستمر مع قطر، ذلك أنّ بعض الشيوخ المعتقلين دعوا علناً إلى إصلاح العلاقات مع الدوحة وأثار هذا الموقف قلق الرياض، خاصةً وأنّهم يحظون بشعبية ومتابعة في تويتر وهم قادرون على تشكيل الرأي العام.
وأوضح تحليل المركز أنّ الإحتجاجات ليست مألوفة في المملكة وخاصةً ما إرتبط بقضايا العمل ورغم أنّ المظاهرات الجماهيرية ضد الأسرة الحاكمة نادرة فإنّ الدعوة إلى الإحتجاجات الشعبية قد عُمّمت على نطاق واسع على قنوات التواصل الاجتماعي خلال الأسابيع الأخيرة ولا يمكن أن تُتجاهل هذه الدعوات في مثل هذا المنعطف الحرج.
ومع ذلك فإنّ الإعتقالات الأخيرة يمكن أن تنذر أيضاً بتغيير أكبر وأكثر تدرجاً. وعلى غرار دولة الإمارات المجاورة قد تتّخذ السعودية موقفاً أكثر صرامة ضد التوجهات القريبة من جماعة الإخوان المسلمين. وينتمي المعتقلون إلى تيار العلماء والمثقفين المستقلين في المملكة وليسوا من المقربين إلى العائلة المالكة.
وفي الوقت نفسه، وفقاً لتحليل المركز، تشير مصادر "ستراتفور" إلى أنّه عندما يتسلّم ولي العهد العرش فإنّه يخطط للفصل بين منصب "الملك" ولقب "خادم الحرمين الشريفين".
ورغم أنّ الملوك السعوديين إستخدموا هذا اللقب منذ الثمانينيات إلّا أنّ جذوره قديمة تعود إلى قرون لإضفاء الشرعية الدينية للحكم. وإذا تخلّى ولي العهد عن ذلك، وفقاً لتقديرات المركز، فإنّ هذه الخطوة من شأنها أن تجعل من الملك حاكماً مدنياً علمانياً أكثر منه شخصية روحية توجيهية. انتهى/خ.
اضف تعليق