أصدر علماء البحرين بياناً عقبوا فيه على تصريحات وزير الداخلية راشد بن عبدالله آل خليفة التي هاجم خلالها المواطنين الشيعة وتوعدهم بمزيدٍ من التضييق على حرياتهم ومعتقداتهم الدينية، وجاء في البيان:
"نشرت الصحف المحليّة الصادرة يوم الأحد 21 فبراير/شباط 2016 خطاباً لوزير الداخليّة، وقد جاء خطاباً مأزوماً مجافياً للحقائق الواضحة، ومسكوناً بمنطق الاتهام والتخوين والتهديد".
مضيفا "نحن إذ نستنكر هذا الخطاب، ولا نراه الخطاب الذي تحتاجه البلد، نسجّل ملاحظاتنا عليه ضمن النقاط التالية:
1- جواباً على اتهامه الشيعة بأنّهم قد فرضت عليهم ولاية الفقيه من إيران، نقول: شيعة البحرين في الوقت الذي يحترمون فيه جميع المراجع العظام ويرتبطون بهم ارتباطاً دينياً، فإنّهم لم ينطلقوا في حَراكهم السلمي من هذه الخلفيّة، بل انطلقوا من حاجات ومطالب وطنيّة خالصة من أجل بناء دولة القانون والعدالة والديمقراطيّة والمشاركة الشعبيّة. ومحاولة السلطة خلط الأوراق في هذا المجال يأتي في سياق التحشيد المذهبي والطائفي ضد مطالب الشعب العادلة والوطنيّة، ولتبرير القمع والتنكيل الممارس ضد أبناء الشعب من الطائفة الشيعيّة الكريمة المطالبين بحقوق الشعب المشروعة. ويأتي في هذا السياق كذلك كلّ التوصيفات الزائفة الأخرى التي يوصف بها الحَراك السلمي الوطني لأبناء الشعب.
فالحقّ أن يقال, إنّ الشيعة في البحرين قد فرض عليهم في بلدهم التهميش والاضطهاد، لا ولاية الفقيه.
2- ثورة 14 فبراير 2011، ليست مخططاً انقلابيّاً، وليست محاولةً لجرّ البلاد لحرب طائفيّة، وليست.. وليست.. من الأوصاف التضليليّة، بل هي حَراك شعبيّ سلميّ حضاريّ يطالب بحقوق عادلة ومشروعة لكلّ المواطنين، اتخذ من دوار اللؤلؤة ساحة مركزيّة للتعبير عن رأيه بكلّ سلميّة وحضارية، ولم يمارس أيّ عنف أو تخريب، ووضْعُ الرافعة في الدوّار إنّما كان لرفع علم البحرين كبيراً ليرفرف في أرفع نقطة ممكنة في سماء الدوّار، لا للشنق!!.
وانطلق هذا الحَراك من صميم الشعب واستوعب كلّ فئاته ومكوناته، ومسيرة التاسع من مارس 2012 وما قبلها وما بعدها من مسيرات جماهيريّة حاشدة دليل واضح على ذلك.
وعمليّات التشويه الواسع والممنهج لن تنفع لتغيير الواقع وتشويه الصورة المشرقة لحَراك شعبنا المظلوم عند أحرار العالم.
3- نرفض التهديد المتكرّر بمحاصرة وتقييد الخطاب الديني، ومصادرة الحريّات، وتكميم الأفواه، بحجج واهية، ونؤكّد أنّ هذا الخطاب كان وسيبقى يعيش الاستقامة والانضباط والتقيّد بالوظيفة الشرعيّة، ومسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنصيحة بالخير والصلاح والإصلاح، وهو أبعد ما يكون عن التطرّف والطائفيّة وبثّ الفوضى والإخلال بالنظام العام.
كما نؤكّد أنّ التدخّل والمساس بهذا الشأن الديني الخاص يمثّل خطوة تصعيديّة لها عواقبها الخطيرة، ويعدّ اضطهاداً دينيّاً واضحاً لا يمكن السكوت عليه أو التسامح فيه.
4- البحرين ستكون بخير عندما تتخلّص من التمييز والتهميش على أسس طائفيّة، وعندما تشهد خطوات جادة للإصلاح، واحترام حقوق الإنسان وإرادة الشعب.
وهي كانت وستبقى عربيّة إسلاميّة، تفخر بانتمائها العربي والإسلامي، ولا جدل في ذلك ولا كلام.
5- أكثر من 150 شهيداً من أبناء الشعب المطالبين بحقوقهم بصورة سلميّة، وآلاف المجروحين والمتضرّرين والمعتقلين على خلفيات سياسيّة، وفي مقدمتهم الرموز الدينيّة والسياسيّة، يمثّل دليلاً واضحاً على الأزمة السياسيّة والحقوقيّة التي تعيشها البلد، ولا سبيل لإنهائها إلا من خلال الحوار الجادّ المنتج لحلول سياسيّة مقنعة، فلا الشعارات الخاوية بالإصلاح، ولا سياسات القمع الأمني قادرة على إسكات شعبٍ كريمٍ حرٍّ غيورٍ مضحٍّ.
6- الوطنيّة مصطلح سياسي واضح، يعبّر عن العلاقة الصادقة والمخلصة مع مصالح الشعب والوطن، وهو وصف لجميع أبناء الشعب المخلصين لوطنهم سواءً كانوا من المعارضين للسلطة أو الموالين لها، ولا يصحّ تحديدها وتحجيمها على أسس ضيّقة، وتوزيع تهم الخيانة والعمالة هنا وهناك بصورة جزافيّة، ونصب صور المشانق في الشوارع العامّة، والمطالبة بإعدام المعارضين السياسيين، حتّى وصل الأمر لهدم ما لا يقل عن ثلاثين مسجداً منسوباً للطائفة الشيعيّة الكريمة، وإسقاط الجنسيّة عن عدد كبير من المواطنين الذين يحملون كلّ الحبّ والوفاء لوطنهم، على خلفيّة المعارضة السياسيّة والتعبير عن الرأي، وإبعاد بعضهم بصورة قسرية عن وطنهم.
اضف تعليق