يوم الجمعة الماضي نشر موقع "ويكيليكس" مئات الوثائق السرية التي تشكل جزءاً من بريد جون بوديستا الذي يدير حملة المرشحة الديمقراطية للرئاسة الأميركية هيلاري كلينتون التي تظهر الوثائق انتقادها للدور السعودي في أكثر من مكان قائلة إن السعوديين هم أكثر من صدروا التطرف إلى العالم في الأعوام الثلاثين الماضية.
في حزيران/ يونيو الماضي دعت المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون الدول الخليجية الحليفة للولايات المتحدة وفي مقدمها السعودية إلى تضييق الخناق على مواطنيها الذين يدعمون "التطرف". تصريح كلينتون هذا جاء علنياً في أعقاب هجوم أورلاندو الإرهابي. ولكن ما قالته في الاجتماعات المغلقة يذهب إلى حد اعتبار السعودية صدّرت الإيديولوجيات المتطرفة أكثر من أي مكان آخر في العالم.
هذا جزء مما كشفه موقع ويكيليكس حديثاً في إطار ما أسماه "مراسلات بوديستا" في إشارة إلى جون بوديستا، مدير حملة المرشحة الديمقراطية للرئاسة الأميركية هيلاري كلينتون. ومن ضمن الرسائل التي تضمنها بريد بوديستا مجموعة من المحاضرات "مدفوعة الأجر" التي ألقتها كلينتون بعد خروجها من وزارة الخارجية في جلسات مغلقة بعيداً عن الإعلام مع مصرفيي وول ستريت لمصلحة وكالة "هاري ووكر". وفي أكثر من مكان من هذه الخطابات إشارة إلى السعودية.
ففي خطاب لها لمصرف غولدمان ساكس في 6/4/2013 رأت كلينتون أنه ليس بالضرورة أن يكون السعوديون على وجه الخصوص "أكثر الأنظمة استقراراً" في العالم. وقالت "إن الدمار المؤكد المتبادل كالذي شهدناه مع أوروبا في الأربعينيات والخمسينيات والستينيات والسبعينيات إلى حين سقوط الاتحاد السوفياتي أصعب من أن يحصل مع دول الخليج لكونها ستفكر بأن عليها الدفاع عن نفسها. وسيلجأون إلى الأسلحة النووية. السعوديون ليسوا بالضرورة الأنظمة الأكثر استقراراً التي يمكن أن تجدها في العالم. لذلك فإن الأمر محفوف بجميع أنواع المشاكل".
وأضافت كلينتون "في حال طورت إيران سلاحاً نووياً فإن السعوديين والإماراتيين ومصر سيحاولون القيام بذلك أيضاً" مشيرة إلى "أن السعوديين لن يقفوا متفرجين فهم يحاولون بالفعل معرفة كيفية الحصول على أسلحتهم النووية. ثم إن الإماراتيين لن يدعوا السعوديين يحصلون على أسلحتهم النووية. كما أن مصر ستبادر إلى السؤال "أين نحن؟" نحن أهم بلد عربي في العالم وسنحصل على أسلحتنا النووية الخاصة. ومن ثم يبدأ السباق حيث سنواجه مشاكل في المنطقة أسوأ بكثير مما واجهناه حتى اليوم".
وزيرة الخارجية الأميركية السابقة اعتبرت أن عدم نجاح عقيدة "الدمار المؤكد المتبادل" في الشرق الأوسط مرده إلى عدم استعداد دول الخليج للقبول بمنظومة دفاع صاروخي مشتركة. وقالت في الخطاب نفسه "إنهم فعلاً يركضون خلف هذا النوع من الأهداف التي قد تكون عبارة عن أي شخص يعتقدون أنه بوسعهم ترويعه أو لجعله يدفع ثمن سياساته. لذلك في الواقع لا يوجد بديل جيد. أعني أنه قد يقول بعض الأشخاص بضرورة اللجوء إلى التدمير المؤكد لكن هذا الأمر يتطلب قيام دول الخليج بأمر لم يبدوا حتى اليوم رغبة بالقيام به وهو أن يكونوا جزءاً من مظلة الدفاع الصاروخي وأن يكونوا مستعدين لمشاركة منظومتهم الدفاعية بحيث أنه في حال كان المكان الأفضل للرادار هو مكان يمكن له لاحقاً حماية السعوديين والإماراتيين فإن على السعودية أن تقبل بذلك. وهذا الأمر من المستبعد أن يحصل".
في خطاب آخر لها بتاريخ 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2013 تقول كلينتون "إن أحد التطورات التي نجمت عن الربيع العربي هو التقارب بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية في سياساتهما الخارجية". ومما جاء في وثيقة ويكيليس "أعتقد أن هناك جهداً مستمراً من قبل قيادة إسرائيل لجعل الأمر واضحاً بخصوص عدم التزامها بالبرنامج النووي أو برنامج الإرهاب، وقول ذلك سراً وعلانية وبمختلف الطرق، بهدف التأثير ليس فقط على السلوك داخل إيران إنما على نحو متزايد وأوسع على الخليج. ما أعنيه هو أن أحد تطورات الربيع العربي هو أنه بات لدينا اليوم هذا التقارب بين إسرائيل والسعودية في سياساتهما الخارجية". ورداً على سؤال قالت كلينتون "إن الأمر لا يتعلق بإيران فقط والتي تضعها الاثنتان على رأس قائمة مخاوفهما بل أيضاً بمصر وسوريا وأمور كثيرة أخرى".
كلينتون انتقدت الدور السعودي في سوريا. وقالت في كلمة لها خلال عشاء لصندوق الجباية اليهودية الموحد في 28 تشرين الثاني/ نوفمبر 2013 "إنها كانت تفضل عملية سرية أكثر قوة في سوريا لكن الأمور تعقدت نتيجة شحنات الأسلحة الكبيرة التي يرسلها السعوديون والآخرون وبشكل عشوائي، ليس إلى الأشخاص الذين نعتقد أنهم سيكونون الأكثر اعتدالاً على الإطلاق، وهذه من المشاكل الصعبة للغاية".
وبالانتقال إلى الدور السعودي في مصر رأت كلينتون في الخطاب نفسه (آنذاك كان لا يزال الإخوان المسلمون في الحكم) "أن الجيش سيحكم مصر طالما يريد ذلك وأنه مدعوم من السعوديين والإماراتيين". وقالت "إن الجيش سيبقى يتولى زمام الأمور طالما يريد ذلك فعلاً. سيواجهون (الجيش المصري) المزيد من التهديدات الداخلية بحيث سيكون عليهم أن يكونوا أكثر تشدداً في التعامل معها وسيحاولون سحق جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسية. وهم يحصلون على الكثير من الدعم من السعوديين والإماراتيين لأن هؤلاء ينظرون إلى الإخوان المسلمين على أنهم يشكلون تهديداً لهم، وهو ما يثير السخرية نظراً لكون السعوديين صدّروا الايديولوجية المتطرفة أكثر من أي مكان آخر في العالم خلال السنوات الثلاثين الماضية".انتهى/س
اضف تعليق