اسقاط باكستان لطائرتين هنديتين داخل اجوائها، قد ينذر بحرب تشعل جذوة الصراع المكبوت طوال سنين بين الجارتين، وآي حرب ان تفاقمت الاوضاع واخفقت الحلول الدبلوماسية فيها، قد تكبد المنطقة خسائر عظيمة وتدفع الملايين الى النار، اذ تمتلك كلا الدولتين اسلحة نووية وتقف خلفهما دول عظمى قد تعجل من آلة الحرب.
وعقب الحادثة، دعا رئيس الوزراء الباكستاني، عمران خان، الهند، إلى الحوار وتحكيم العقل.
خان قال، في خطاب متلفز للشعب الباكستاني، "أقول مجددا إن العقل يجب أن يسود، ويتعين علينا حل المشكلات عبر الحوار". مضيفا، "سؤالي للحكومة الهندية، هل يمكننا تحمل عاقبة الحسابات الخاطئة بالنظر للأسلحة التي نملكها نحن وأنتم؟ ولو تصاعد الموقف أكثر فإلى أين سيؤدي بنا ذلك؟".
وقد أسقطت باكستان طائرتين تابعتين لسلاح الجو الهندي داخل مجالها الجوي في كشمير، اليوم الاربعاء، وتم توقيف طيار هندي ما يهدد بتصعيد إضافي للتوتر بين الدولتين النوويتين.
وكتب المتحدث باسم الجيش الجنرال آصف غفور في تغريدة "لقد أسقط سلاح الجو طائرتين هنديتين في المجال الجوي الباكستاني" مضيفا أن طائرة سقطت في القسم الباكستاني من كشمير فيما تحطمت الاخرى في الجانب الهندي.
وقال "لقد تم توقيف طيار هندي على الارض من قبل العسكريين".
وكانت مقاتلات باكستانية خرقت المجال الجوي في الشطر الهندي من كشمير الأربعاء قبل أن يتم إرغامها على العودة أدراجها فوق خط المراقبة الذي يفصل شطري الإقليم المتنازع عليه.
وقال مسؤول حكومي كبير في الشطر الهندي من كشمير، إن "المقاتلات الباكستان عبرت لفترة وجيزة الحدود لكن سلاح الجو الهندي أرغمها على العودة".
وهي أول أزمة دبلوماسية كبرى لرئيس الوزراء الباكستاني عمران خان الذي تولى مهامه الصيف الماضي وكان يدعو حتى الان الى الحوار مع نيودلهي.
وأعلن الجيش ان اجتماعا للهيئة الوطنية للقيادة المكلفة الاشراف على الترسانة النووية سيعقد الاربعاء. ودعا خان الى جلسة مشتركة للبرلمان الخميس كما أعلن مكتبه.
محاولة تهدئة
وفي خضم التطورات، دعت الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي والصين القوتين الى "ضبط النفس والحوار" بعدما أعلنت نيودلهي عن ضرب معسكر تدريب لجماعة "جيش محمد" الاسلامية المتمردة في باكستان.
وكانت الهند حاولت في وقت سابق الاربعاء، تهدئة الوضع، اذ صرحت وزيرة الخارجية شوشما سواراج خلال زيارة إلى الصين، أنّ بلادها لا تريد "مزيداً من التصعيد" مع باكستان.
الوزيرة قالت، إن بلادها ضربت الثلاثاء هدفاً "محدوداً" هو معسكر تدريبي لتنظيم "جيش محمد" الإسلامي المتشدّد الذي تبنّى قبل أسبوعين هجوماً انتحارياً قتل فيه 41 عسكرياً هندياً في الشطر الهندي من كشمير، مشيرة إلى أنّ "الهند لا تريد تصعيداً" و"ستواصل التصرّف بمسؤولية وبضبط النفس".
وأخذت الوزيرة الهندية على إسلام أباد تجاهلها دعوات المجتمع الدولي لها للتحرك ضدّ جماعة جيش محمد. وقالت "في مواجهة رفض باكستان المستمر الاعتراف والتصرّف ضدّ الجماعات الإرهابية (...) قرّرت الحكومة الهندية العمل بشكل وقائي".
التصعيد يثير قلقا دوليا واسعا
قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في بيان "نحضّ الهند وباكستان على ممارسة ضبط النفس وتجنّب التصعيد بأي ثمن"، مشيراً إلى أنه تباحث هاتفيا مع نظيريه الهندي والباكستاني في التصعيد العسكري الأخير بين دولتيهما.
ولم تكن هذة الحادثة هي الاولى بين الدولتين، حيث أعلنت الهند أن عملية، امس الثلاثاء أدت الى "مقتل عدد كبير جدا" من المقاتلين الذين كانوا يتدرّبون لتنفيذ هجمات انتحارية في الهند.
من جانبها نفت إسلام أباد ما أعلنته نيودلهي من أنّ الغارة أدّت إلى مقتل "عدد كبير جداً" من مسلّحي الجماعة، واصفة ادّعاءات الهند بأنها "متهورة وواهمة"، ومتوعّدة بالرد.
وشنت الهند الغارات بعد اعتداء انتحاري أسفر عن مقتل 41 عسكريا هنديا في كشمير في 14 شباط/فبراير وتبنّته الجماعة الإسلامية المتشدّدة.
الموقف المشترك بين العاصمتين هو ان مقاتلات هندية دخلت الاراضي الباكستانية الى مستوى بالاكوت، مدينة صغيرة في اقليم خيبر باختونخوا الواقع في منطقة جبلية في شمال شرق البلاد قرب منطقة كشمير المتنازع عليها.
وقتل اربعة اشخاص بينهم طفلان من جانب آخر، امس الثلاثاء، في تبادل اطلاق نار بين عسكريين هنود وباكستانيين قرب خط المراقبة، المحدد بحكم الامر الواقع بين الهند وباكستان في كشمير.
وخاضت الهند وباكستان اثنتين من الحروب الثلاث التي دارت بينهما منذ 1947 بسبب نزاعهما حول كشمير.
الامور لم تبق الى هذا الحد اذ ان العمليات الاستفزازية استمرت بين الجانبين، غداة تنفيذ طائرات هندية حربية ضربة جوية في باكستان، خرقت طائرات مقاتلة باكستانية الأربعاء المجال الجوي في الشطر الهندي من كشمير قبل أن يتم إرغامها على العودة أدراجها فوق خط المراقبة الذي يفصل شطري الإقليم المتنازع عليه.
وتصاعد التوتر منذ أن فجر متشددون يتمركزون في كشمير الهندية سيارة ملغومة يوم 14 فبراير/شباط فقتلوا ما لا يقل عن 40 من أفراد قوات الأمن الهندية، لكن مخاطر نشوب حرب زادت كثيرا بعد الضربة الجوية الهندية أمس الثلاثاء.
باكستان تعلن انها لا تريد تصعيد الأزمة مع الهند
قال كبير المتحدثين باسم الجيش الباكستاني إن بلاده لم تجد أمامها "خيارا" سوى الرد على الهجوم الهندي على أراضيها لكنها لا تريد تصعيد الأزمة وتجنبت قصف أهداف عسكرية أو التسبب في خسائر في ضربة جوية شنتها يوم الأربعاء.
وأضاف الميجر جنرال آصف غفور مدير الإعلام العسكري أن طائرات باكستانية أغارت على ستة أهداف لاستعراض قدراتها على قصف منشآت مهمة لكنها حرصت على تجنب التسبب في أي ضرر.
خاضت الهند وباكستان ثلاث حروب شاملة، انتهت الأولى بتقسيم كشمير عام 1949، ولم تفلح الثانية عام 1965 في تغيير هذا الوضع، في حين أسفرت الثالثة عام 1971عن تقسيم باكستان نفسها إلى دولتين بعد انفصال باكستان الشرقية وتأسيس جمهورية بنغلاديش.
ويبقى السؤال قائما ماهي الحلول المتوفرة في حال دفعت الدول الكبرى المتحالفة مع الجانبين، الولايات المتحدة الامريكية التي تقف الى جانب باكستان والجانب الاخر روسيا والصين حليفتا الهند، الى خوض غمار الحرب الدموية، لاسيما انهما يمتلكان السلاح النووي الذي لم يجرب من الاعلان عن وجوده، وسبق ان خاضا حروبا على الحدود الفاصلة بينهما حول المنطقة المتنازعة عليها منذ عقود والمعروفة "بكشمير".
ان الجهود الدولية اطفت فيما سبق جذوة الحرب، لكن هل تكون اليوم الدبلوماسية نقطة التقاء بين الجائرتين اللدودتين، ام ان تغليب آلة القتل لتحصد ملايين البشر عبر تفعيل الصواريخ النووية الكامنة والمستعدة للأنطلاق في حال قرر احد الخصمين عرض عضلاته لتشهد البشرية حملة جديدة للابادة الجماعية. انتهى/ ع
اضف تعليق