تتزايد استخدامات الذكاء الاصطناعي في مجال خدمة العملاء، حيث باتت التكنولوجيا تقتحم هذا القطاع الحيوي الذي يضم ملايين العاملين.

تقرير نشرته مجلة الإيكونوميست يبرز نتائج دراسة استقصائية أجرتها شركة جارتنر، والتي أفادت بأن استخدام الذكاء الاصطناعي في خدمة العملاء سيؤثر بشكل كبير على المؤسسات خلال الاثني عشر إلى ثمانية عشر شهرًا المقبلة.

صناعة كبيرة

تعد خدمة العملاء صناعة ضخمة، حيث تُستخدم في معظم الشركات، سواء كانت مراكز اتصال داخلية أو خارجية.

في الولايات المتحدة وحدها، يعمل حوالي 3 ملايين شخص في هذا القطاع، وفقًا لمكتب إحصاءات العمل، ويتقاضى كل منهم متوسط راتب سنوي يبلغ نحو 40 ألف دولار، مما يُعادل حوالي 120 مليار دولار سنويًا في تكاليف الأجور.

ويعتبر العمل في مراكز الاتصال في دول مثل الهند والفلبين مجالاً للطبقة المتوسطة.

أشار أندي لي، المؤسس المشارك لشركة ألوريكا، التي تضم 100 ألف موظف، إلى أن السمعة السيئة لخدمة العملاء قد تضر بسمعة الشركات.

ولأن استخدام البشر في حل مشاكل العملاء يُعتبر مكلفًا، تلجأ الشركات إلى ما يُعرف بعملية "تشتيت العميل"، مما يجعل عملية الاتصال بخدمة العملاء مرهقة، من خلال خيارات معقدة أو روبوتات تعيد الإجابات العامة.

تحول نحو الذكاء الاصطناعي

يتجه رواد الأعمال والمستثمرون إلى الاعتماد على الذكاء الاصطناعي التوليدي لتخفيف تلك المعاناة.

وقد ارتفعت الاستثمارات في الشركات الناشئة التي تطور أدوات خدمة العملاء المعتمدة على الذكاء الاصطناعي إلى 171 مليون دولار في الربع الثالث، مقارنة بـ 45 مليون دولار في العام السابق.

تعمل شركات التكنولوجيا العملاقة مثل Alphabet وAmazon وMicrosoft على دمج الذكاء الاصطناعي في خدماتها، إلى جانب شركات البرمجيات مثل Salesforce.

تتميز روبوتات الذكاء الاصطناعي المولدة بقدرتها على خلق ردود مخصصة، مستندة إلى بيانات تدريبها وتفاعلات سابقة، على عكس الروبوتات التقليدية التي تعتمد على الإجابات الجاهزة.

الحدود والتحديات

تنقسم آراء مقدمي الخدمة حول دور الروبوتات، ويرى البعض أن البشر يجب أن يستمروا في إدارة المحادثات مع دعم من الذكاء الاصطناعي، بينما يعتقد آخرون أن الروبوتات أصبحت قادرة على التعامل مع معظم المحادثات بشكل مستقل.

وأعلنت شركة Twilio مؤخرًا عن أداة جديدة تتيح للعملاء بناء روبوتات قادرة على الاستماع والتحدث.

مع ذلك، لا يزال العديد من العملاء غير مقتنعين بفوائد هذه التكنولوجيا. وفقًا لاستطلاع جارتنر، يفضل 64% من المشاركين عدم استخدام الشركات للذكاء الاصطناعي في خدمة العملاء، مخاوفًا من صعوبة الوصول إلى الدعم البشري.

علاوة على ذلك، قد تؤدي الثقة الزائدة للروبوتات في ردودها إلى مشاكل، كما حدث مع شركة طيران كندا التي اضطرت لتعويض عميل بسبب وعد غير صحيح قدمه روبوت الدردشة.

مستقبل الوظائف

تبقى الأسئلة مطروحة حول تأثير الذكاء الاصطناعي على وظائف وكلاء مراكز الاتصال، وتوقعت شركة جارتنر انخفاضًا بنسبة 20-30% في وظائف خدمة العملاء بحلول عام 2026.

رغم أن التحولات التكنولوجية السابقة لم تؤدِ إلى فقدان وظائف كبيرة، فإن الذكاء الاصطناعي قد يُحدث تأثيرًا مختلفًا.

في حال تحقق هذا الانخفاض، قد يُتاح لوكلاء خدمة العملاء الفرصة للتركيز على مهام أكثر إبداعًا ومجزية، مثل تحسين المنتجات، وقضاء وقت أقل في التعامل مع العملاء الغاضبين.


م.ال

اضف تعليق