خاص / وكالة النبأ

في ظل المشهد السياسي المتقلب، باتت الخلافات الأيديولوجية تمتد إلى بيئات العمل، ما يخلق تحديات تؤثر على الأداء الوظيفي وعلاقات الزملاء، وبينما كانت هذه الانقسامات ظاهرة عالمية، فإن تأثيرها في العراق، حيث التعددية السياسية والتجاذبات الحزبية، يبدو أكثر وضوحًا. 

بيئة العمل بين التوتر السياسي والإنتاجية

ويؤدي النقاش السياسي داخل المؤسسات إلى خلق أجواء مشحونة قد تؤثر على الإنتاجية وروح الفريق، ومع اشتداد الخلافات، يتحول العمل الجماعي إلى ساحة صراع غير مباشر، حيث يتراجع التركيز على الأهداف المهنية لصالح النقاشات السياسية المحتدمة. 

ويرى رون جوتمان، أستاذ القيادة في جامعة ستانفورد، أن "الأمان النفسي هو مفتاح الحفاظ على استقرار بيئة العمل"، مشيرًا إلى أن تصاعد التوترات السياسية قد يؤثر على ثقة الموظفين ببعضهم البعض، ويقلل من التعاون الفعّال بينهم. 

العراق.. مجتمع سياسي بامتياز

في بلد مثل العراق، حيث تُعد السياسة جزءًا لا يتجزأ من الهوية اليومية، يكون من الصعب فصل الآراء الأيديولوجية عن التفاعل المهني، إذ يتأثر الأفراد بالمواقف السياسية للأحزاب والتيارات المختلفة، ما يجعل الحديث عن القضايا الوطنية والدولية أمرًا شائعًا داخل المؤسسات والشركات. 

ويرى حسين جابر، أستاذ في علم النفس، أن "التداخل بين السياسة والعمل في العراق ليس جديدًا، بل هو انعكاس طبيعي لثقافة مجتمعية تشهد استقطابًا مستمرًا"، مضيفًا، أن "الأحداث السياسية الكبرى، مثل الانتخابات، غالبًا ما تكون لحظة تفجّر للخلافات داخل بيئات العمل." 

كيف يمكن تقليل التوترات؟

ومن أجل الحفاظ على بيئة مهنية مستقرة، ينصح الخبراء باتباع استراتيجيات عدة، منها: 

1- خلق مساحات آمنة للحوار: بحيث تكون النقاشات السياسية بعيدة عن العداء الشخصي، مع الحفاظ على اللباقة والاحترام المتبادل. 

2- تعزيز ثقافة التواضع الفكري: عبر تقبل وجهات النظر المختلفة دون إصدار أحكام مسبقة، ما يساعد على بناء علاقات قائمة على التفهم بدلاً من الصراع. 

3- البحث عن نقاط الالتقاء: فبدلاً من التركيز على الخلافات، يمكن للزملاء التركيز على القيم المشتركة مثل حب الوطن والرغبة في تحسين الأوضاع المعيشية. 

4- تحديد سياسات داخلية واضحة: بعض المؤسسات تضع لوائح تمنع النقاشات السياسية داخل بيئة العمل للحفاظ على الإنتاجية، وهو ما يمكن أن يكون حلاً مناسبًا لبعض القطاعات. 

إدارة الصراعات داخل المؤسسات

ومع تصاعد الاستقطاب السياسي، تواجه الشركات والمؤسسات في العراق تحديات متزايدة في كيفية إدارة التنوع الأيديولوجي داخل بيئاتها.

ويرى ضياء محمد، مدير شركة الدقة التقنية في كربلاء، أن "الإدارة الحكيمة تلعب دورًا رئيسيًا في توجيه الحوارات السياسية بعيدًا عن النزاعات، عبر التركيز على الأهداف المشتركة وتعزيز بيئة منفتحة على التعددية." 

وفي ظل التغيرات المستمرة التي يشهدها العراق، يبدو أن تحقيق توازن بين حرية التعبير داخل أماكن العمل والحفاظ على بيئة مهنية مستقرة سيظل تحديًا مستمرًا يتطلب وعيًا وإدارة حذرة من جميع الأطراف.

م.ال

اضف تعليق