تثير خطة السلام العربية الخاصة بقطاع غزة، والتي طرحتها مصر، جدلاً واسعاً بشأن مصير حركة حماس خلال المرحلة الانتقالية وما بعدها، خاصة في ظل التحديات السياسية والأمنية التي تحيط بالقطاع.

وبحسب الباحث حسين عبد الحسين، زميل مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن، فإن الخطة تسعى إلى تهميش حكم حماس في غزة، وكذلك الحد من نفوذ السلطة الفلسطينية، ولكن فقط لفترة انتقالية مدتها ستة أشهر.

وخلال هذه الفترة، سيتم تشكيل "لجنة إدارة غزة" التي تتكون من شخصيات تكنوقراطية مستقلة وغير محسوبة على أي فصيل، لتتولى شؤون القطاع استعدادًا لتمكين السلطة الفلسطينية من العودة إلى غزة بشكل كامل.

الخطة، التي كشف عنها مكتب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في وثيقة من 91 صفحة، تضمنت محاور متعددة مقسمة إلى "السياق السياسي" و"التفاصيل الفنية"، إلا أنها لم تقدم تصورًا واضحًا حول مصير حماس بعد المرحلة الانتقالية، وهو ما يفتح الباب أمام العديد من السيناريوهات المتضاربة.

وتشير تقارير غربية، منها ما نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، إلى أن الاحتلال الاسرائيلي لن يقبل بإنهاء الحرب ما دامت حماس تواصل وجودها في غزة، وبالتالي، فإن نجاح المرحلة الانتقالية مرهون بإيجاد آلية تضمن استبعاد حماس من الحكم أو على الأقل الحد من نفوذها، وهو ما يبدو صعب التحقيق في ظل تمسك الحركة بإدارة القطاع ورفضها التخلي عن سلاحها.

وبحسب خطة السلام، فإن المرحلة الانتقالية ستنتهي بالانتقال إلى "المرحلة الثانية"، والتي تتضمن وقفًا دائمًا للقتال وإعادة إعمار غزة، لكن دون الإشارة إلى آلية محددة للتعامل مع حماس في حال رفضها التخلي عن الحكم.

أحد أبرز التحديات التي تواجه الخطة العربية هو تأجيل نزع سلاح الفصائل المسلحة، بما في ذلك حماس والجهاد الإسلامي، إلى ما بعد إنشاء الدولة الفلسطينية.

ويرى الخبراء أن هذا البند إشكالي، حيث إن جميع خطط السلام السابقة التي استندت إلى حل الدولتين منذ 1993، فشلت بسبب عجز السلطة الفلسطينية عن كبح جماح حماس، والتي قادت موجات من التفجيرات والعمليات المسلحة خلال انتفاضة التسعينيات وأوائل الألفية.

يستشهد الكاتب بالمبعوث الأمريكي السابق للسلام دينيس روس، الذي أشار إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحاق رابين كان يرى ضرورة أن تتعامل منظمة التحرير الفلسطينية مع حماس بنفس الأسلوب الذي تعاملت به إسرائيل مع ميليشيا "إرغون" في حادثة "سفينة ألتالينا" عام 1948.

حينها، قامت القوات الإسرائيلية الناشئة بإغراق السفينة التي كانت تحمل أسلحة لميليشيا إرغون، في خطوة تهدف إلى احتكار السلطة العسكرية في يد الدولة الوليدة.

في هذا السياق، فإن تطبيق هذا السيناريو على غزة يعني أن السلطة الفلسطينية، إذا استعادت زمام الأمور، قد تكون مطالَبة باتخاذ إجراءات حاسمة ضد حماس لإنهاء ازدواجية السلطة، وهو أمر قد يكون مستبعدًا في ظل الواقع الحالي.

وفي ظل هذه المعطيات، تظل خطة السلام العربية محفوفة بالغموض والتحديات، خاصة فيما يتعلق بقدرة اللجنة الانتقالية على إدارة القطاع دون صدام مع حماس، وكيفية التعامل مع ملف نزع السلاح، فضلاً عن مدى استعداد إسرائيل للتجاوب مع المبادرة في ظل وجود الحركة.

وبالتالي، فإن الأشهر الستة القادمة ستكون بمثابة اختبار حاسم لمستقبل غزة، وسط صراع إقليمي ودولي معقد لا يزال يلقي بظلاله على المشهد الفلسطيني.

 

 م.ال

 

 

 

 



اضف تعليق