بدأ شهر رمضان المبارك وسط حالة اقتصادية لا توصف بأنها الأفضل بطبيعة حال المنطقة العربية، فثمة أزمات أمنية وتغيرات ‏سياسية اتبعتها أزمات اقتصادية في عدد من البلدان، كما أن التضخم هو الضيف الأثقل على موائد الصائمين هذا العام‎.‎

مصر

تلقي الأزمة الاقتصادية التي تعيشها مصر خلال السنوات الأخيرة بظلالها على موائد إفطار المصريين خلال شهر رمضان، ‏وتشهد أسواقها استمرار ارتفاع أسعار السلع مع تراجع معدلات الشراء من قبل المستهلكين‎.‎

وتباطأ التضخم السنوي (معدل ارتفاع الأسعار) في مصر قليلا إلى 23.2% في يناير/كانون الثاني الماضي مقابل 23.4% ‏لديسمبر/كانون الأول 2024‌‎.‎

ورغم ما تظهره المؤشرات الرسمية من تراجع معدلات التضخم، تعلو أصوات المعاناة داخل الأسواق من كلا الطرفين، البائع ‏والمشتري‎.‎

يقول فايز محمد، بائع لحوم حمراء، إن نسبة المبيعات بمتجره تراجعت بشكل كبير مقارنة بسنوات فائتة، بسبب ارتفاع أسعار ‏اللحوم‎.‎

ويتراوح سعر كيلو غرام اللحم بين 420 و500 جنيه (8.30 دولارات إلى 9.88 دولارات) ، بزيادة أكثر من 50% مقارنة ‏بعام 2022‌‎.‎

ويضيف البائع أن كثيرا من زبائنه لجؤوا إلى تقليل الكميات التي اعتادوا على شرائها استعدادا لشهر رمضان، وبالتالي تراجعت ‏مبيعاته‎.‎

وتقول لبنى السيد، وهي زوجة وأم لثلاثة أبناء، إنها ومنذ رمضان قبل الماضي تلجأ لكثير من الحيل لتقليل الإنفاق على الطعام ‏خلال شهر الصوم، موضحة أن مائدة إفطار أسرتها تخلت بشكل كبير عن أنواع البروتين المختلفة، واختصرت الياميش في ‏التمر والزبيب فقط‎.‎

وتضيف السيدة دعاء عبد اللطيف أنها تواجه أزمة في تدبير النفقات، قائلة: "راتب زوجي الشهري لا يتجاوز 7 آلاف جنيه ‌‏(138.26 دولارا)، مما يجعل بند الإنفاق على الطعام يزيد قليلا على 3 آلاف جنيه (59.25 دولارا) أي ما يعادل 7 ‏كيلوغرامات من اللحم فقط‎".‎

وبسؤال تجار وأرباب أسر، وبالنظر إلى ما أعلنته الجمعيات الخيرية عن تكلفة إفطار الصائم، فإن متوسط إنفاق الفرد الواحد ‏على إفطار متكامل العناصر الغذائية من بروتين وخضار وياميش وحلوى وعصائر، يتراوح بين 90 إلى 130 جنيها (1.78 ‏دولار إلى 2.57 دولار) يوميا، ذلك يعني أن متوسط تكلفة الإنفاق للفرد خلال شهر رمضان تتراوح بين 2700 و3900 جنيه ‌‏(53.33 دولارا إلى 77.03 دولارا)، بينما تقل التكلفة إلى النصف تقريبا حال استثناء اللحوم من المائدة‎.‎

العراق

في العراق، يقول الخبير الاقتصادي مصطفى حنتوش إن ثمة تضخما معلنا وآخر غير معلن، أما المعلن فهو يصدر عن وزارة ‏التخطيط للعامين 2023 و2024 ويتراوح بين 3.5% و4%، ويشمل السلع الأساسية مثل الخضروات والفواكه والبقوليات‌‎.‎

ويضيف فارس الخيام أن التضخم غير معلن يؤثر على سلع أخرى مثل الذهب والعقارات، وقد ارتفعت أسعار العقارات ‌‏120% بين عامي 2021 و2023، بينما تجاوز التضخم في أسعار الذهب 30% إلى 40‌‎%.‎

ويقول تاجر المواد الغذائية، منير محمد، إن الأسعار تشهد تباينا ملحوظا بين مواسم رمضان المتعاقبة نتيجة تقلبات أسعار السلع ‏المستوردة المرتبطة بسعر صرف الدولار، مضيفا أن قناعة التاجر تلعب دورا محوريا في تحديد الأسعار، حيث يستغل بعض ‏التجار هذا الموسم لزيادة الأرباح‎.‎

وفي حديثه، يؤكد محمد أن القدرة الشرائية للمستهلكين تؤثر بشكل مباشر على الأسعار، ومع ذلك، فإن الزيادة تتركز في المواد ‏الغذائية الأساسية التي لا تستغني عنها موائد الإفطار، مثل التمور والألبان والأسماك واللحوم وبعض أنواع الحبوب والحلويات، ‏حيث تشهد هذه المواد ارتفاعا في الأسعار‎.‎

ويشير إلى أن استهلاك المواطنين يزداد خلال شهر رمضان، مما يؤدي إلى ارتفاع معدل الإنفاق اليومي، موضحا أن متوسط ‏الإنفاق اليومي للأسرة المتوسطة، المكونة من 5 أفراد أو أقل، يتراوح بين 10 و30 دولارا‎.‎

من جانبه، يقول التاجر محمود الطائي إن أسعار السلع ترتفع بصورة "طفيفة"، إذ يزيد سعر كيس الأرز الفاخر من 50 دولارا ‏إلى 55 دولارا، وكيس السكر من 30 دولارا إلى 33 دولارا‎.‎

ويشير إلى أن الأسعار لم تشهد تغييرات كبيرة وهو تكرار لسيناريو العامين الماضيين، وذلك بفضل استقرار السوق‎.‎

ويؤكد المواطن جاسم أبو سما أن بعض المواد الغذائية والألبان وعصائر التمر الهندي واللومي بصرة (شاي الليمون المجفف) ‏والتمور والعدس والأرز والحلويات تحظى بحضور دائم على موائد رمضان، بالتالي ترتفع أسعارها لكن بشكل بسيط‎.‎

ويقول إن المائدة الرمضانية تختلف من أسرة إلى أخرى حسب الوضع المادي، فثمة موائد بسيطة وأخرى فاخرة، مضيفا أن ‏وجبة الإفطار لأسرة متوسطة الدخل مكونة من 4 أفراد، مثل أسرته، تكلف حوالي 15 إلى 25 ألف دينار عراقي (ما يعادل 10 ‏إلى 17 دولارا.)‏

فلسطين

في فلسطين، أقرت وزارة الاقتصاد الوطني الحد الأقصى لأسعار 15 سلعة أساسية بعملة الشيكل، منها‎:‎

الخبز: 4.5 شواكل (1.25 دولار.)‏

الأرز: بين 6 و8 شواكل (1.7 إلى 2.25 دولار.)‏

لتر الزيت النباتي: بين 1.67 دولار و2.22 دولار.)‏

كيلو لحم العجل الطازج 60 شيكلا (17.7 دولارا.)‏

كيلو لحم الخروف الطازج: 90 شيكلا (25 دولارا.)‏

كيلو الدجاج المذبوح: 17 شيكلا (4.72 دولارات.)‏

ويتكون الطبق الرئيسي لمائدة إفطار أسرة فلسطينية متوسطة الدخل غالبا من الأرز والدجاج، إضافة إلى المحاشي وورق ‏العنب، مع المشروبات الغازية والعصائر الطبيعية كالخروب والسوس (العرق سوس) والليمون واللوز، وحلوى القطايف‎.‎

وحسب جمعية حماية المستهلك الفلسطينية تصل كلفة مائدة الإفطار لأسرة متوسطة الدخل مكونة من 4 أفراد إلى 30 دولارا، ‏وترتفع التكلفة لتصل إلى 50 دولارا في حال استبدال الدجاج بلحم الضأن‎.‎

وإجمالا تتراوح كلفة موائد شهر رمضان كاملا بين 900 و1500 دولار لأسرة متوسطة الدخل والعدد‎.‎

وقال أيمن، رب أسرة مكونة من 8 أفراد، أنه ثاني رمضان يحل عليه في الحرب، وسط ضنك شديد، لدرجة أنه ظل يعتمد في ‏قوت عياله على الديْن من متجر قريب له، الذي قرر أخيرا التوقف عن البيع بالدين‎.‎

ويقول أيمن، الذي لا يجد عملا منذ بدء الحرب على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول بعد أن كان يعمل داخل الخط الأخضر، ‏إن "اللحوم والدجاج سعرها مرتفع، بينما الكثير من الأصناف الأساسية مثل الزيوت والطحين والطماطم والبطاطا والزهرة ‌‏(القرنبيط) والخيار، سعرها معقول أو في تراجع، لكن أمثالي ليس لديهم المال للشراء‌‎".‎

من جهته، يقول حسام محمد، وهو تاجر جملة من منطقة رام الله إن بعض الأسعار تراجعت في الشهور الأخيرة كالزيت ‏والطحين والسكر بنسبة تصل إلى 20%، لكن ذلك لم يؤثر على الحركة الشرائية نظرا لانعدام السيولة‌‎.‎

وتقول رئيسة جمعية حماية المستهلك شمالي الضفة فيحاء البحش للجزيرة نت إن الدجاج مثلا ارتفع إلى 17 شيكلا (4.72 ‏دولارات) مقارنة مع 13 (3.61 دولارات) قبل نحو أسبوع، لكنه قريب من أسعار العام الماضي‎.‎

أما سعر لحوم الخراف فوصل الكيلو إلى 120 شيكلا (33.34 دولارا) مع أن وزارة الاقتصاد حددت سقفه بـ90 شيكلا ‌‏(25.01 دولارا)، بينما وصل سعر كيلو لحم العجل إلى 60 شيكلا (16.7 دولارا) مقارن مع 50 شيكلا (13.9 دولارا) العام ‏الماضي‎.‎

ووفق معطيات سلطة النقد الفلسطينية سجل التضخم في فلسطين ما نسبته 46.7% خلال 2024 مقارنة مع 5.6% خلال ‌‏2023‌‎.‎

وأشار موقع المؤشرات الاقتصادية إلى انخفاض معدل التضخم السنوي إلى 22.77% في يناير/كانون الثاني 2025 من ‌‏87.99% في ديسمبر/كانون الأول 2024‌‎.‎

وقد سجل هذا أدنى معدل تضخم منذ يناير/كانون الثاني 2024، وكانت الأسباب الرئيسية وراء ذلك هي إعلان وقف إطلاق ‏النار في قطاع غزة‎.‎

الجزائر

تتميز مائدة الإفطار الجزائرية بتنوع كبير يضم عددا من الأطباق المشهورة في البلاد على اختلاف مناطقها وتتشكل من أطباق ‏تقليدية أساسية توجد على مائدة الإفطار طيلة الشهر الفضيل وهي شوربة الفريك أو الحريرة والبوراك (رقائق عجينة محشوة ‏باللحوم والأجبان) وطبق اللحم الحلو (تشكيلة من الفواكه المجففة تطهى مع اللحم) والسلطات إلى جانب طبق آخر رئيسي ‏يختلف من منطقة إلى أخرى وتتنوع مكوناته بين اللحوم والأسماك والدواجن‎.‎

ويقول المنسق الوطني لمنظمة حماية المستهلك، فادي تميم " إن متوسط 70 ألف دينار (517.54 دولارا) يكفي لقضاء شهر ‏رمضان لعائلة مكونة من 4 إلى 5 أشخاص، فإذا زاد دخل في إطار البذخ، وكلّ حسب إمكانياته‎.‎

أما عن أقل ثمن لوجبة، فمن الممكن في الجزائر أن يفطر الشخص وعائلته مجانا على مدار 30 يوما نتيجة انتشار موائد ‏الإفطار الجماعي في كل أحياء البلاد وتوفير المتطوعين والجمعيات وجبات مجانية طيلة الشهر‎.‎

وأشار إلى أن وفرة المنتجات والتحضيرات المسبقة إلى جانب عدم تسجيل أي اختلال في السوق يجعل الوضع رمضان الحالي ‏أفضل من الوضع في سابقه‎.‎

وقال إلهام محمد إن أسعار الخضر تعد أفضل هذا العام مقارنة بالعام الماضي رغم ارتفاعها في الأيام الماضية بـ20 إلى 40 ‏دينارا (0.15 دولار إلى 0.30 دولار) نتيجة زيادة إقبال المواطنين عليها‎.‎

ونوه بأن الارتفاع الوحيد سجل في أسعار البطاطا والتمور، إلى جانب اللحوم الحمراء خاصة المستوردة التي سجلت أسعارها ‏ثبات العام الماضي كون هوامش ربحها مسقفة، خاصة لحم الخروف الإسباني المستورد الذي بلغ 2200 دينار للكيلو (16.27 ‏دولارا) بدل 1500 أو 1800 (11.09 أو 13.31 دولارا)، محملا التجار سبب هذا الارتفاع‎.‎

من جانبه، يقول محمد، رب أسرة، إنه لاحظ هذا العام وفرة وتنوعا في المنتجات والأسعار، مما جعله يشتري ما يريد في حدود ‏ميزانيته المخصصة لهذا الشهر، مؤكدا أن المتجول في السوق خلال الأيام الماضية يستشعر من الإقبال الكبير بأن الأسعار هذا ‏العام في المتناول‎.‎

وتراجع معدل التضخّم في أكتوبر/تشرين الأول 2024 إلى 4.9%، من 5.2% في سبتمبر/أيلول، وفق حسب أرقام الديوان ‏الوطني للإحصائيات‎.‎

وبلغ معدل التضخم في الجزائر مع نهاية سنة 2023 حدود 9.32%، قريبا من المستوى المسجّل في 2022 والبالغ 9.27‌‎%.‎

المغرب

استقبل المغاربة شهر رمضان وسط موجة غلاء شملت العديد من المواد الغذائية التي تعد أساسية في المائدة الرمضانية‎.‎

واستعد محمد الميساوي، رب أسرة من 4 أفراد، لرمضان منذ أسبوع، إذ اشترى المواد الغذائية وحاجته من اللحوم والأسماك ‏والخضر وغيرها من مواد البقالة تجنبا للازدحام الذي يميز الأسبوع الأخير من شعبان تهيئا لاستقبال رمضان‎.‎

ويقول الميساوي سناء القويطي إن مستلزمات رمضان هذا العام أنهكت جيبه، وهو عامل في إحدى شركات النقل ولا يتجاوز ‏أجره 6 آلاف درهم (600 دولار) شهريا‎.‎

ولم يستطع محمد تغيير عاداته الرمضانية في الاستهلاك رغم أنه في قرارة نفسه يرى ضرورة الاستغناء عن كثير من المواد ‏لإنقاذ جيبه من الإفلاس، لكنه كما يقول يريد أن تعيش أسرته أجواء رمضان الغذائية كما تعودوا في السنوات الماضية‎.‎

وقال رئيس الجامعة الوطنية لحماية المستهلك بوعزة الخراطي إن ما يسميه "تسونامي الأسعار" بدأ في المغرب أواخر عام ‌‏2022‌‎.‎

وأضاف أن رمضان هذه السنة يختلف عن سابقه بكون ارتفاع الأسعار شمل المنتجات البروتينية مثل اللحوم الحمراء والبيضاء ‏والبيض إلى جانب الأسماك وهي مواد أساسية في المائدة الرمضانية ما سيجعل تكلفتها مرتفعة‎.‎

وتقصت الجامعة عبر فروعها في مدن الرباط والقنيطرة والدار البيضاء ومراكش وأكادير وواد زم وكلميم وآيت باها تكلفة ‏مائدة الإفطار في رمضان هذا العام‎.‎

ووفق الخراطي، فإن هذه التكلفة تتراوح بين 150 و400 درهم (15 دولارا إلى 40 دولارا) في اليوم الواحد، وفي الشهر ما ‏بين 4 آلاف و12 ألف درهم (أي ما بين 400 و1200 دولار‎).‎

ويرتفع استهلاك الأسر في شهر رمضان مقارنة بباقي الأشهر، وتضم مائدة الإفطار المغربية حساء الحريرة، والتمر، ‏والفطائر، وحلوى الشباكية، والسفوف، والسمك أو اللحم أو الدجاج، والسلطات، والعصائر والحليب، والشاي، والمملحات‎.‎

وكانت المندوبية السامية للتخطيط (جهاز حكومي مكلف بالإحصاء) أصدرت في مارس/آذار من العام الماضي تقريرا حول ‏ميزانية الأسر في رمضان أظهر أن متوسط نفقات الأسر في رمضان يتزايد بنسبة 18.2% مقارنة بالشهور الأخرى من السنة، ‏وأن الميزانية المخصصة للتغذية ترتفع بنسبة 17.8‌‎%.‎

وأما المنتجات الغذائية التي تعرف زيادة في نفقات استهلاكها في رمضان فهي الأسماك بنسبة 57.7% (تستهلك في رمضان ‌‏6.8 كيلوغرامات مقابل 5.2 في باقي الأشهر) والفواكه بنسبة 43.3% (54.3 كيلوغراما مقابل 22.9 كيلوغراما) والبيض ‏بنسبة 35.7% (52.2 وحدة مقابل 39.4 وحدة) والمنتجات الحليبية بنسبة 34.8% (35.8 لترا مقابل 23.7 لترا) واللحوم ‏بنسبة 26% (15.1 كيلوغراما مقابل 11.3 كيلوغراما.)‏

وكانت المندوبية قد أعلنت أن التضخم السنوي مقاسا بمؤشر أسعار المستهلكين قد بلغ 2.4% في 2024 مقابل 6.1% عام ‌‏2023‌‎.‎

الأردن

ارتفع معدل التضخم السنوي في الأردن خلال يناير/كانون الثاني إلى 2.29%، بعد أن زاد 1.67% في عام 2024 مقارنة بعام ‌‏2023‌‎.‎

وذكرت جمعية حماية المستهلك الأردنية، حبيب أبو محفوظ، أن كلفة الحد الأدنى لإفطار الأسرة الأردنية برمضان يوميا بلغت ‌‏35 دولارا والحد الأعلى 653 دولارا، بالتالي تبلغ كلفة الحد الأدنى شهريا ألف دولار والحد الأعلى 1950 دولارا‎.‎

وتتكون مائدة الإفطار الأردنية غالبا من طبق الأرز مع الدجاج الذي يعتبر وجبة رئيسية، واللحوم الحمراء فالأسماك بدرجات ‏متفاوتة، بالنظر لارتفاع أسعارها بالإضافة إلى سلطة الخضروات بصورة دائمة (البندورة والخيار والخس)، والخبز والحساء ‏الساخن‎.‎

وعادة يبدأ الأردنيون استعداداتهم لشهر رمضان قبل أسبوع من حلوله، ليبدأ التزاحم على الأسواق، لشراء ما يعرف بـ"مونة ‏رمضان"، التي غالبا ما تقتصر على المواد الغذائية، وتقول هند بني هذيل، ربة منزل عائلتها تتكون من 5 أفراد، إن أسعار ‏المواد الاستهلاكية والغذائية بدأت تشهد ارتفاعا حادا قبل حلول شهر رمضان المبارك‎.‎

وشكت بني هذيل في حديثها حبيب أبو محفوظ من ارتفاع أسعار الدجاج -كمادة أساسية على موائد الأردنيين- وكذلك الخضار ‏والمواد التموينية التي يحتاجها المواطن الأردني في شهر رمضان والتي دائما ما تشهد ارتفاعات حادة وغير مفهومة في مثل ‏هذا الوقت من كل عام‎.‎


ودعت بني هذيل الجهات المعنية لتشديد الرقابة على الأسواق لضمان توفر السلع بأسعار مناسبة "حتى لا نبقى تحت رحمة ‏التجار الذين يستغل بعضهم الظروف الاقتصادية الحالية"، مضيفة نجد أن ثمة وفرة في المواد التموينية، لكن التهافت على ‏الشراء يدفع التجار لرفع أسعارها‎.‎

وتابعت: "تبقى مشكلتنا ومخاوفنا متكررة كل عام مع بداية شهر رمضان من ارتفاع أسعار المواد التموينية والغذائية، خصوصا ‏السلع التي تحتاجها كل أسرة أردنية، كالسلع الطازجة كالدجاج واللحوم، والأرز والزيوت، وأصناف من الخضار المختلفة‎.‎

من جانبه، يؤكد مؤيد غنيم، مدير إحدى الأسواق التجارية في الأردن " أن ثمة وفرة في السلع والمواد التموينية قبيل حلول شهر ‏رمضان، مبينا وجود فروقات في الأسعار ما بين رمضان العام الماضي، والعام الحالي‎.‎

وأرجع غنيم الأسباب لارتفاع الأسعار إلى الاضطرابات الأمنية والتوترات الجيوسياسية التي تأثر بها الشحن في البحر الأحمر ‏نتيجة الحرب على قطاع غزة‎.‎

لبنان

يواجه لبنان تحديات اقتصادية جسيمة تؤثر بشكل مباشر على تكاليف المعيشة، خاصة في أعقاب العدوان الإسرائيلي الأخير، ‏وتتفاقم هذه الأعباء خلال شهر رمضان المبارك إذ تزداد الضغوط المالية على الأسر اللبنانية وسط الارتفاع المستمر في ‏الأسعار‎.‎

ووفقا لإدارة الإحصاء المركزي في لبنان، بلغ معدل التضخم السنوي لعام 2024 نحو 45.24% مقارنة بـ221.3% في عام ‌‏2023، مما يعكس تراجعا ملحوظا في وتيرة ارتفاع الأسعار، وإن كانت الضغوط التضخمية لا تزال قائمة‎.‎

أما على صعيد التضخم الشهري، فقد سجل مؤشر أسعار المستهلك ارتفاعا بنسبة 1.10% في يناير/كانون الثاني 2025 مقارنة ‏بالشهر السابق، وهو أدنى مستوى خلال 4 أشهر، بعد أن بلغ معدل الزيادة 2.39% في ديسمبر/كانون الأول 2024، وفقا ‏لبيانات إدارة الإحصاء المركزي في لبنان‎.‎

وبالرغم من التحديات الاقتصادية الخانقة، لا تزال مائدة الإفطار الرمضاني في لبنان تحافظ على مكوناتها التقليدية التي تتنوع ‏بين التمر، والشوربة، والفتوش، والأطباق الرئيسية، بيد أن تأمينها أصبح أكثر صعوبة مع الارتفاع المستمر في الأسعار، مما ‏يضع الأسر اللبنانية أمام اختبار لقدرتها على التكيف مع الظروف المعيشية المتدهورة، وهكذا يغدو الشهر الفضيل مناسبة تمتزج ‏فيها روحانية الصيام بتحديات الواقع الاقتصادي‎.‎

ويقول وليد النميري، صاحب مؤسسة للمواد الغذائية نجية دهيشة، إن أسعار المواد الغذائية في رمضان الحالي لم تشهد تغيرا ‏كبيرا مقارنة برمضان السابق، باستثناء بعض السلع التي يرتفع سعرها خلال الشهر الكريم، مثل الأرز والسكر‎.‎

ويشير إلى أن الإقبال على الشراء لا يزال متواضعا، مرجعا ذلك إلى التوزيعات والتقديمات التي تقدمها الجمعيات الأممية ‏والأهلية والتي تسهم في تغطية جزء من الاحتياجات الغذائية‎.‎

أما أكثر المنتجات طلبا، فتشمل السكر، الأرز، التمر، الجلاب، الشوربات، والمعكرونة، وفيما يلي أبرز أسعار المواد في ‏رمضان‎:‎

سعر كيلوغرام الأرز 1.5 دولار‎.‎

ليتر الزيت 1.5 دولار‎.‎

سعر كيس الشوربة 50 سنتا‎.‎

التمر فيصل سعر 3 كيلوغرامات منه إلى 8 دولارات‎.‎

بينما يتراوح سعر الجلاب بين 5 و5.5 دولارات حسب النوعية‎.‎

أسعار المعكرونة في متناول الجميع حيث تباع 3 عبوات بدولار واحد‎.‎

يقول زياد الأحمد، مواطن لبناني "بصراحة، راتبي لا يكفي لتغطية احتياجاتنا الأساسية بسبب الأوضاع الصعبة في البلد، كنا ‏ننتظر شهر رمضان لنعيش أجواء الخير لكن اليوم أصبح تأمين الطعام اليومي تحديا كبيرا، كل شيء أصبح غاليا، من الخضار ‏واللحوم إلى الأرز والزيت، إذ ارتفعت أسعارها بشكل ملحوظ، كرب أسرة مكونة من 5 أفراد يجبرنا على تقليل الكميات أو ‏الاستغناء عن بعض الأصناف تماما‎".‎

السودان

يستقبل السودانيون شهر رمضان للعام الثاني وسط ظروف اقتصادية صعبة بعدما فقد قطاعا واسعا منهم مصادر رزقهم ‏ووظائفهم، ونهبت ممتلكاتهم، إضافة إلى تباطؤ الاقتصاد وارتفاع أسعار السلع الغذائية، وتآكل القيمة الشرائية للعملة الوطنية‎.‎

وحسب الجهاز المركزي للإحصاء، فإن معدل التضخم تراجع في يناير/كانون الثاني الماضي إلى 145.14% مقارنة مع ‌‏187.83% سُجلت في ديسمبر/كانون الأول 2024، بعدما كان 198.2% و211.4% في الشهرين السابقين لهما‌‎.‎

وتوقف جهاز الإحصاء عن إعلان معدلات التضخم بعد اندلاع الحرب في منتصف أبريل/نيسان 2023، وقال الجهاز في أول ‏تقرير بعد الحرب إن معدل التضخم في البلاد قفز إلى 136.6% في النصف الأول من عام 2024‌‎.‎

ويقول الناشط في منظمة حماية المستهلك، عصام عبد الرحيم، إن السلع الغذائية متوفرة لكن غالبيتها يصعب على قطاع ‏عريض من المواطنين شراؤها لارتفاع أسعارها بسبب فقد الطبقة الوسطى مصادر رزقها وتوقف الأنشطة الاقتصادية ‏لأصحاب الحرف وتآكل القيمة الشرائية للجنيه السوداني‎.‎

ويقدر الناشط في حديث النور أحمد أن قيمة إفطار رمضان للشخص الواحد في اليوم تتراوح بين 10 آلاف جنيه حوالي (4 ‏دولارات) إلى 20 ألف جنيه (8 دولارات)، وتنقص قليلا في حال كان للمجموعة‎.‎

ويفيد بأن قطاعا من المواطنين لا يستطيعون توفير ما يفطرون به -وخصوصا النازحين- ويعتمدون على المطابخ الطوعية ‌‏"التكايا" في دور الإيواء المؤقتة التي تنشط فيها جمعيات ومنظمات خيرية ومتطوعون يدعمهم رجال أعمال ومؤسسات ‏اقتصادية‎.‎

ويضيف الناشط أن غالبية المواطنين يعتمدون على سلع محلية في الإفطار، فيعتمد مواطنو شمال البلاد وشرقها ووسطها على ‌‏(القراصة) التي تصنع من طحين القمح وفي غرب البلاد على (العصيدة) التي تصنع من الذرة الرفيعة أو الدخن، بجانب البليلة ‏من الحمص أو الدخن المحمص أو العدسية‎.‎

ويفضل السواد الأعظم من المواطنين عصائر من الكركدي والتبلدي والبرتقال أو "الحلو مر" من الذرة "النابتة" أو المخمرة‎.‎

من جانبه، يقول التاجر سليمان دفع الله " إن ثمة استقرارا نسبيا في أسعار السلع الغذائية، ورغم ذلك يوجد ضعف في القوة ‏الشرائية بسبب أوضاع المواطنين الاقتصادية‎.‎

ويوضح أن سعر كيلو السكر نحو 3 آلاف جنيه (1.2 دولار)، وكيلو طحين القمح 2500 جنيه (دولار)، ورطل زيت السمسم ‏نحو 3 آلاف جنيه (1.2 دولار)، ورطل زيت الفول 2500 جنيه (دولار)، وربع الذرة الأبيض 12 ألف جنيه (4.8 دولارات) ‏وربع الدخن 16 ألف جنيه (6.4 دولارات‎).‎

بدوره، توقع الناشط الاجتماعي حسن الأمير أن اللحوم ستكون الغائب الأبرز عن المائدة الرمضانية لعدم استطاعة قطاع كبير ‏من المواطنين شراءها لتصاعد أسعارها، حيث يبلغ متوسط سعر كيلو اللحم البقري 16 ألف جنيه (6.5 دولارات) والضأن 20 ‏ألف جنيه (8 دولارات) واللحوم البيضاء 12 ألف جنيه لكيلو الفراخ (4.5 دولارات).‏

المصدر: الجزيرة نت


اضف تعليق