صدر عن ملتقى النبأ للحواربحث علمي جديد للدكتور نوزاد أحمد ياسين الشواني، حمل عنوان: "المسؤولية الجنائية عن التوائم المتلاصقة (دراسة مقارنة)". تناول فيه إشكالية قانونية نادرة ومعقدة تتعلق بكيفية التعامل الجنائي مع التوائم السيامية، عند ارتكاب أحدهما جريمة دون مشاركة الآخر، في ظل غياب نصوص قانونية واضحة بهذا الخصوص.

البحث، الذي يأتي ضمن جهود ملتقى النبأ للحوار في تسليط الضوء على القضايا القانونية المستجدة والمعقدة، طرح تساؤلات جوهرية تتعلق بمدى مسؤولية أحد التوأمين عن فعل الآخر، في حال كانا ملتصقين جسديًا، لكن بعقلين مستقلين. كما ناقش الباحث الفرضيات القانونية المتعلقة بإرادة كل توأم، ومدى إمكانية تطبيق مبدأ "تفريد العقوبة" و"شخصية العقوبة" في هذه الحالات.

إشكالية قانونية معاصرة

بيّن الدكتور الشواني أن ما يُعرف بـ"التوائم السيامية" يُعد من الحالات النادرة، إلا أن التطور العلمي والطبي جعل من ولادات هذه الحالات أكثر ظهورًا، مما يفرض ضرورة معالجة تشريعية وقانونية واضحة لها، لا سيما في حال ارتكاب أحد التوأمين الملتصقين فعلاً إجراميًا.

واستعرض الباحث في دراسته مقارنة بين القوانين والتشريعات في بعض الدول، متوقفًا عند غياب النصوص الصريحة في أغلب القوانين الجنائية العربية، وخصوصًا القانون العراقي، فيما يتعلق بهذه الحالة.

أهمية البحث

أوضح البحث أن أهمية هذا الموضوع تنبع من كونه يمثل ثغرة قانونية واضحة، ما يستدعي تدخل المشرع لتقنين أحكام تتماشى مع مبدأ العدالة، دون الإخلال بحقوق الإنسان، خاصة في ظل صعوبة تنفيذ عقوبة على أحد التوأمين دون التأثير جسديًا ونفسيًا على الآخر.

وسلّط الباحث الضوء على الحالات التي يكون فيها للتوأمين جهاز عصبي مستقل، أو جهاز إدراكي مشترك، وأثر ذلك على الركن المعنوي للجريمة (العلم والإرادة)، مشيرًا إلى أن فرض العقوبة في مثل هذه الحالات يجب أن يُراعى فيه الواقع الطبي والإنساني والاجتماعي.

استنتاجات وتوصيات

توصل الباحث إلى عدد من الاستنتاجات، أبرزها أن تنفيذ العقوبات التقليدية مثل الإعدام أو السجن المؤبد بحق التوائم الملتصقة يُعد انتهاكًا صارخًا لمبادئ العدالة وحقوق الإنسان، لكونه قد يشمل شخصًا بريئًا لم يرتكب أي جرم، بل لم يكن قادرًا على منعه حتى.

كما أوصى الباحث بضرورة تبني العقوبات البديلة كخدمة المجتمع أو التعويض المدني، وتطوير نظام العقوبات التأديبية بما يتناسب مع الحالات النادرة والمعقدة كالتوائم الملتصقة. وأكد على أهمية تعزيز دور التقارير الطبية الشرعية والتقييم النفسي العصبي في تحديد المسؤولية الجنائية، فضلًا عن مراعاة الخصوصية القانونية لكل توأم على حدة من حيث الاسم، الجنسية، والهوية القانونية.

دعوة للمشرّع العراقي

وفي ختام التقرير، دعا الدكتور الشواني إلى ضرورة تدخل المشرّع العراقي لسد الفراغ التشريعي في هذا المجال، ووضع إطار قانوني متكامل يراعي خصوصية التوائم المتلاصقة، ويضمن حقوقهم الفردية، سواء كانوا فاعلين في الجريمة أو ضحايا لها.

يُذكر أن ملتقى النبأ للحوار يواصل عبر إصداراته وفعالياته طرح ومناقشة القضايا القانونية والاجتماعية والفكرية المعقدة، في إطار رؤية إصلاحية تهدف إلى تعزيز ثقافة الحوار والمعرفة القانونية في العراق والمنطقة.

يُذكر أن هذا البحث صدر في وقتٍ سابق عن ملتقى النبأ للحوار بالتعاون مع كلية القانون في جامعة الكوفة بوسق سابق، وذلك في إطار سعي المؤسستين إلى تطوير الخطاب القانوني العراقي، وتسليط الضوء على الإشكاليات المعاصرة التي لم تُعالج بعد في القوانين النافذة، من خلال دراسات أكاديمية رصينة تفتح آفاقًا جديدة أمام المشرّعين والباحثين على حد سواء.

ع.ع

اضف تعليق