في ظل تصاعد المخاوف من تداعيات أسوأ موجة جفاف تضرب البلاد منذ عقود، أعلنت وزارة الموارد المائية العراقية البدء بإعداد دراسات متقدمة لإنشاء عشرة سدود مائية جديدة في المناطق الصحراوية، في محاولة لاحتواء أزمة الشح المائي التي وصفتها الحكومة بأنها "الأخطر في تاريخ العراق الحديث".
وقال وزير الموارد المائية عون ذياب عبد الله، إن الخطوة تأتي ضمن إستراتيجية وطنية عاجلة تستهدف حصاد مياه الأمطار والسيول الموسمية في مناطق تعاني شُحًّا شبه تام في الموارد السطحية، بهدف تعزيز الخزين الإستراتيجي وتأمين احتياجات السكان في المناطق الأكثر تضررًا.
وأوضح عبد الله، أن 12 محافظة عراقية أصبحت تعتمد كليًا على المياه الجوفية بعد أن جفّت أنهارها أو انخفضت مستوياتها بشكل حاد، محذرًا من أن المخزون الجوفي نفسه بات مهددًا بالاستنزاف نتيجة الحفر العشوائي للآبار غير المرخصة وعدم الالتزام بالضوابط العلمية.
وأشار الوزير إلى، أن الوزارة تنفذ بالتعاون مع الجهات الأمنية حملات واسعة لإزالة التجاوزات، تشمل غلق الآبار المتدفقة، وردم بحيرات الأسماك التي تستنزف المياه، ومصادرة أجهزة الحفر المخالفة.
وأضاف، أن خطر الجفاف لا يُهدد فقط مياه الشرب والري، بل يضرب عمق الأمن الغذائي والاجتماعي، مؤكداً أن ظاهرة "النينو" المناخية وتغير نمط هطول الأمطار فاقمت الأزمة، وجعلت الكثير من المناطق الريفية شبه مهجورة بسبب ندرة المياه.
وفي هذا السياق، أعلنت الوزارة عن اكتمال التصاميم الفنية لسدين جديدين هما:
- سد أبو طاكية في نينوى
- سد الأبيض في كربلاء،
- إلى جانب حاجزين مائيين في نينوى.
كما يجري العمل على إعداد التصاميم لـعشرة سدود أخرى موزعة بين ديالى، والمثنى، ونينوى، والنجف، بهدف تخزين المياه خلال مواسم السيول وتغذية الآبار الجوفية وحماية التجمعات السكانية في الصحراء الغربية وبادية الجزيرة.
وأكد الوزير، أن السدود التي سيتم تشييدها ليست مشاريع إعمار تقليدية، بل إجراءات دفاعية في معركة العراق مع التصحر والانهيار المائي، مشدداً على أن نجاح الخطة مرهون بتكاتف الجهود الحكومية والتشريعية والقطاع الخاص، لا سيما في ظل ارتفاع تكلفة التنفيذ والضغط الزمني.
ويحذر خبراء من أن فشل العراق في مواجهة الجفاف قد يقود إلى موجات نزوح جماعي من الأرياف إلى المدن، وتصاعد الأزمات الزراعية والغذائية والاجتماعية، في بلد يُعد من أكثر الدول تضررًا من التغير المناخي في الشرق الأوسط.
ويأمل العراقيون أن تكون السدود الصحراوية المرتقبة بداية لاستراتيجية مائية أكثر صلابة، تحفظ ما تبقى من المياه وتؤسس لأمن مائي مستدام في مواجهة السنوات العجاف المقبلة.
م.ال
اضف تعليق