وسط ظروف إنسانية بالغة القسوة، يواجه سكان قطاع غزة مجاعة متفاقمة جراء الحصار (الإسرائيلي) المستمر منذ اندلاع الحرب في أكتوبر/تشرين الأول 2023، والذي حوّل القطاع إلى منطقة منكوبة، بحسب تقارير حقوقية ووسائل إعلام دولية، على رأسها شبكة "سي إن إن" الأمريكية.

وفي بيان مشترك صدر أمس الأربعاء، أطلقت أكثر من 100 منظمة إنسانية دولية – من بينها "أطباء بلا حدود"، و"إنقاذ الطفولة"، والمجلس النرويجي للاجئين – تحذيراً شديد اللهجة من الكارثة التي يمر بها القطاع، داعية إلى وقف فوري لإطلاق النار، وإنهاء الحصار (الإسرائيلي)، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق.

وقال البيان، إن "الأسواق خالية من الطعام، والنفايات البشرية تتراكم، والأمراض تنتشر، والناس ينهارون في الشوارع من شدة الجوع والعطش".

وأضاف: "كل يوم دون مساعدات كافية يعني موت المزيد من الناس بسبب أمراض يمكن الوقاية منها"، مؤكداً أن الحصار (الإسرائيلي) "يحرم السكان من أبسط مقومات الحياة".

البيان أشار بوضوح إلى، أن مئات الآلاف من المدنيين، وخاصة الأطفال، مهددون بالموت نتيجة سوء التغذية، في وقت لم يعد فيه حتى عمال الإغاثة قادرين على توفير قوت يومهم، إذ يقفون في طوابير طويلة للحصول على الطعام لعائلاتهم.

وتؤكد وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أن عشرات المدنيين، معظمهم أطفال، توفوا بالفعل نتيجة الجوع وسوء التغذية، مشيرة إلى، أن "الاحتلال يستخدم التجويع كسلاح حرب ضد سكان القطاع".

أما وكالة "الأونروا"، فاتهمت إسرائيل بتعمد تجويع المدنيين، بما فيهم مليون طفل، يعاني كثيرون منهم من نقص التغذية ويواجهون خطر الموت المحتم.

من جانبه، حذر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة من أن "المجاعة تطرق أبواب غزة"، حيث يعاني نحو 70 ألف طفل من سوء تغذية حاد ويحتاجون إلى علاج فوري.

وتقول منظمات الإغاثة الدولية وعدة دول غربية إن ما يُسمح بدخوله من مساعدات لا يغطي حتى الحد الأدنى من احتياجات السكان، وتخضع الشحنات الإنسانية لتدقيق وإجراءات (إسرائيلية) معقدة تؤخرها أو تمنعها بشكل شبه دائم.

وفي ظل القصف المستمر وانهيار البنية التحتية الصحية، انتشرت الأمراض المعدية في العديد من مناطق القطاع، في وقت يصعب فيه الوصول إلى مياه شرب نظيفة أو خدمات طبية أساسية.

وأظهرت صور نشرتها وكالات الأنباء العالمية، بينها "سي إن إن"، أطفالاً هزالاً يتضورون جوعاً، ومواطنين يبحثون عن كسرة خبز أو طبق شوربة في طوابير تمتد لساعات.

ويُجبر كثيرون على مخاطرة حياتهم لعبور مناطق النار التي حددتها (إسرائيل) كممرات إنسانية، لكن القوات (الإسرائيلية) تطلق النار عشوائياً على المدنيين، حسب تقارير من الأمم المتحدة ومنظمات دولية.

وفي مشهد يعكس حجم المأساة، نظم صحفيون فلسطينيون في غزة مسيرة أطلقوا خلالها نداء استغاثة إلى المجتمع الدولي. وقالوا إنهم باتوا "يغطون أخبار الجوع وهم جوعى، جنبًا إلى جنب مع أهاليهم"، ورفعوا لافتات كُتب على بعضها: "غزة تتضور جوعاً" و"أوقفوا الحرب".

الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، وصف الأوضاع في غزة بأنها "فيلم رعب"، مؤكداً أن سوء التغذية يتزايد والمجاعة تدق كل باب في القطاع. وقال خلال جلسة لمجلس الأمن: "نشهد الرمق الأخير لنظام إنساني مبني على المبادئ. لقد حُرم هذا النظام من القدرة على العمل، من الحماية، ومن المساحة الكافية لإنقاذ الأرواح".

م.ال

اضف تعليق