بغداد/ سوزان الشمري
نشر في إحدى كروبات الواتساب الإعلامية طلب استغاثة لرجل معاق يشكو الم العوز والمرض يسكن في بقعة جغرافية لا تتجاوز الـ (50)مترا ً يناشد الخيريين مد يد العون له ليتمكن من إطعام أطفاله السبعة.
عرض طلب المعونة جاءت نتائجه عكسية على غير المتوقع لها من تشكيل حملة تبرعات وتعاطف مع الحالة، فالرياح جرت بما لا تشتهي السفن إذ تحولت ردود الأفعال المتعاطفة مبدئيا لموجات استهجان غاضبة ومستنكرة لصاحب طالب الاستغاثة تسائلت غالبيتها عن كيفية إنجابه لسبعة أطفال في ظل واقع معيشي متردي.
إذ يشكو المجتمع العراقي من أرتفاع نسب الفقر بين إفراده الذي تحوّل إلى خطر يهدّد تماسك المجتمع واستقراره، متزامناً مع أرتفاع نسب السرقة والقتل فيه، وغياب واضح للسياسات الاقتصادية الوطنية التي من شأنها أن تقلل من تبعات ذلك الفقر الذي يطارد أسرا لا تتوفر لديها فرصة عيش كريم في بلاد النفط والرافدين.
احصائيات مرعبة
وبحسب إحصائية البنك الدولي فإن "نسبة الفقر في العراق وصلت إلى 41.2 % في المناطق المحررة، و30 % في المناطق الجنوبية، و % 23 في الوسط، 12.5و % في إقليم كردستان".
وارتفعت نسبة الفقر في العراق بشكل غير مسبوق، منذ عام 2003،وسط انتشار الفساد الممنهج وزيادة البطالة، فيما يشير البنك الدولي في إحصائية له إلى أن 50% نسبة الأطفال الفقراء في المحافظات الجنوبية، والحال ينطبق على المناطق الغربية والشمالية والتي حررت مؤخرا من تنظيم داعش الإرهابي.
وأوضحت الإحصائية أن "48% من السكان في العراق أعمارهم أقل من 18 عاما بينهم 23% فقراء، أي كل طفل من أربعة أطفال يصنف فقير".
الزواج المبكر القنبلة الموقوتة
وفي ظل ارتفاع نسبة الفقر المتزامن مع ارتفاع عدد سكان العراق أطلق ناشطون مدنيون على حملات توعوية مطالبة بسن قوانين ملزمة لتحديد محذرة في ذات الوقت من ترهل سكاني ينذر بمخاطر وكوارث في البلاد، مطالبة البرلمان بتشريع قانون لتحديد النسل ومنع الزواج دون سن الـ25 عاما لكلا الجنسين، فيما اعتبرت انتشار ظاهرة الزواج المبكر "قنبلة موقوتة" تهدد المجتمع.
خلود الشمري الناشطة في مجال شؤون الأسرة والطفل طالبت بضرورة تشريع قانون لتحديد النسل في العراق، فهو ضرورة حضارية وصحية متبعة في اغلب دول العالم. بحسب قولها.
الشمري كشفت لـوكالة النبأ للأخبار عن وجود تحركات من قبل عدد من منظمات المجتمع المدني وبمساندة منظمات حقوقية وإنسانية لتقديم مسودة قانون ملزمة بتحديد النسل لرئاسة الوزراء، لافته إلى أن"تجربة تحديد النسل أثبتت فعاليتها في عدد من الدول التي تعيش بمستوى معيشي يليق بمواطنيها".
وتضيف "العراق من البلدان الذي يتزايد عدد سكان بشكل كبير وخطير وهذا ينذر بخطورة الوضع الاقتصادي ولاسيما ونحن نعيش وضع متردي من حيث الخدمات".
تهديدات عقدة الذكورة
من جهتها أعتبرت الحقوقية نجاح الذهيباوي أن "تطبيق أو سن قانون لتحديد النسل بالعراق بحاجة لحملات توعية مجتمعية قبل تثبيته كقانون ملزم، لافتة إلى أن "أسباب عديدة تحد من تطبيق القانون مباشرة أولها قلة الوعي الجماهيري، وسيطرة العادات والتقاليد إضافة لضعف التنسيق بين الجهات الحكومية المفترض دعمها لتطبيق القانون".
الذهيباوي اعتبرت "دعوات تحديد النسل غير مجدية في ظل مجتمع يحكمه الدين ويرفع شعار (الرزق على الله)، وتسيطر عليه العادات والتقاليد وعقده (الذكر)، لافتة إلى ان "بعض الأسر تكون وظيفة إلام فيها عبارة مفقسة للأطفال تستمر حتى تلد (الذكر) في ظل وجود أكثر من عشر فتيات في العائلة".
انفجار سكاني مقبل
وكانت منظمة تجمع شباب الثقافة والبناء، حذرت في وقت سابق من ترهل سكاني ينذر بمخاطر وكوارث في البلاد، مطالبة البرلمان بتشريع قانون لتحديد النسل ومنع الزواج دون سن الـ25 عاما لكلا الجنسين، فيما اعتبرت انتشار ظاهرة الزواج المبكر "قنبلة موقوتة" تهدد المجتمع، سيما مع تأكيد رئيس لجنة السياسات السكانية مهدي العلاق مؤخرا وصول سكان العراق إلى أكثر من 64 مليون نسمة بحلول العام 2030.
بالرغم من تلك المطالبات ومخاطر الإحصائيات الرسمية التي تطلقها جهات حكومية فيما يتعلق بزيادة عدد سكان العراق وارتفاع نسب الفقر فان وزارة التخطيط أكدت عدم القدرة على تنفيذ استراتيجيات تحديد النسل، لوجود أفكار دينية وقبلية تتعارض معه، فيما بينت أن ترك الأمور على علتها تتسبب بازدياد معدلات الفقر والبطالة في العراق.
خطط حكومية عاجزة
المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي قال في تصريحات صحافية، إن "معدل زيادة النمو بالعراق سنويا 3% بمقدار مليون نسمة سنويا".
وأضاف "هذه الزيادة تقابلها نزول 500 إلف نسمة إلى سوق العمل سنويا، مما يعني بأنها ستزاحم على فرص العمل والخدمات والاقتصاد ومما ستؤدي الى زيادة نسب البطالة والفقر في البلاد".
وأوضح الهنداوي، أن "العراق لا يمكنه إقرار قرار أو سن قانون لتحديد النسل قي العراق لوجود أفكار قبلية وتأثير ديني يتعارض مع الأمر"، لافتا إلى أن "الوزارة تعمل على برامج تثقيفية وتوعوية مجتمعية من اجل توعية المجتمع بمسالة تحديد النسل من دون الحاجة إلى قوانين وفائدة الأمر".
اضف تعليق