سوزان الشمري
يجرى داخل مجلس النواب تحرك نيابي لفتح ملف المبادرة الزراعية والتي أطلقتها الحكومة في مطلع آب/ أغسطس 2008 والتي كان هدفها تحديث البنية التحتية للمشاريع الزراعية، ودعم مشاريع الإنتاج الحيواني، بالإضافة إلى تطوير التعليم الزراعي بكافة مراحله، والتركيز على إرسال البعثات والزمالات الدراسية.
نواب اعتبروا، أن "تلك المبادرة لم تأتي بثمارها منذ إطلاقها الأمر الذي يطرح استفهامات عديدة عن أسباب تلكؤ تنفيذها وعدم استمرارية العمل بخططها التنموية، فيما وصف خبراء تلك المبادرة (بالنوعية)، أجهضت نتائجها من قبل مستفيديها وهم (المقترضين)، ودخول داعش لبعض المحافظات المشمول بها.
تجربة ناجحة. حرفت اهدافها
الخبير الاقتصادي صالح الهماش أوضح، ان " تنفيذ مشروع المبادرة الزراعية من المشاريع الناجحة والمعمول بها ضمن العديد من الدول في العالم أهمها المجاورة للعراق ".
لافتا إلى، أن" المبادرة كان لها ان تحقق نتائجها الايجابية في توفير السلة الغذائية للمواطن العراقي لولا تراجع المقترضين عن سداد قيمة القروض المصروفة لهم واستغلالها بغير الجانب الزراعي".
الهماشي كشف، لــ (النبأ للإخبار) ان" بعض ممن حصلوا على قروض المبادرة الزراعية استغلوها في شراء السيارات او تنفيذ مشاريع أخرى بعيدة كل البعد عن الزراعة، اذ هجر بعضهم الزراعة وتحولت نشاطاتهم إلى تجارية ".
وأشار إلى، أن "مشاريع زراعية كبيرة توسعت بفعل خطط المبادرة الزراعية في المناطق الشمالية والغربية، إلى أن دخول تنظيم داعش الإرهابي واستيلاؤه على مساحات زراعية واسعة وتدميرها كان سبب في تراجع تنميتها".
داعش يستهدف الزراعة بخطط احترافية
وكانت منظمة العفو الدولية، كشفت في تقرير أوردته وكالة "فرانس برس"، حجم التدمير الذي ألحقه تنظيم داعش الارهابي بالأراضي الزراعية في العراق، واصفة ذلك بأنه "وحشي وجريمة حرب".
وقالت المنظمة، إنّ "تنظيم داعش الإرهابي مارس خطط متعمدة لتخريب آبار الري وتدمير البنى التحتية الزراعية الأخرى وحرق للبساتين، ونهب للماشية، والآلات، وزرع الألغام الأرضية في المناطق الزراعية".
وأضاف التقرير، انه "بعد هزيمة داعش لم يتمكن مئات الآلاف من المزارعين النازحين وعائلاتهم من العودة إلى ديارهم، لأن التنظيم الإرهابي تعمّد جعل الزراعة أمراً مستحيلاً في المنطقة".
ونقلت المنظمة عن مهندسي مياه قولهم، إنّه " أنّ الدمار كان متعمّداً، وكان على نطاق واسع، اذ عطل تنظيم داعش 400 بئر من 450 من آبار الري".
وأكّد التقرير، أنّ "الصراع ضدّ تنظيم داعش أدّى إلى انخفاض الإنتاج الزراعي للعراق، والذي أصبح يقدّر الآن بأقل من 40% من مستويات 2014".
وأضاف، أنّه "قبل سيطرة تنظيم داعش في 2014 على المنطقة "كان حوالي ثلثي مزارعي العراق يحصلون على الري وبعد ثلاث سنوات فقط، انخفض هذا المعدل إلى 20% فقد ضاع ما يقرب من 75% من الماشية، وارتفعت النسبة إلى 95% في بعض المناطق".
تلكؤ بتسديد قيمة القروض الزراعية
من جانب اخر تعاني المصارف الزراعية من مشاكل تلكؤ المزارعين في تسديد القروض الزراعية ضمن المبادرة الزراعية التي أطلقتها الحكومة عام 2008 وحتى الان، اذ تؤكد مصادر مطلعة استغلال البعض من المزارعين لنسب كبيرة من القروض في مشاريع تجارية واسكانية عبر تحويل الأراضي الزراعية الى سكنية.
المدير العام للمصرف الزراعي سري عبد الله أكد أن" المبالغ التي استلمها من المبادرة الزراعية تم توزيعها على الفلاحين على مرور الموازنات السابقة بعد أن توقفت بالكامل منذ نهاية العام 2015، مشيراً إلى أن" الظرف الأمني الذي مر به البلد واحتلال مساحات كبيرة من محافظات البلد أدت إلى تأجيل استلام تسديدات القروض مما أدى إلى خسارة احتياطي المصرف لأكثر من (30) مليار دينار.
تحقيق الاكتفاء الغذائي
إلى ذلك اعتبر الناطق باسم وزارة الزراعة “حميد النايف”، أن المبادرة الزراعية كان لها دور كبير في تنمية القطاع الزراعي وتطويره، بجانبية النباتي والحيواني، حتى أن العراق قارب في فترة من الفترات على تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال إنتاج المحاصيل الإستراتيجية.
ويبين النايف، لـــ"النبأ للأخبار” أن القطاع الزراعي في العراق كان يفتقر في السابق إلى المشاريع الاستراتيجية؛ بسبب الحروب المستمرة التي خاضها العراق، لافتًا إلى أن التعافي بدأ يظهر في الواقع الزراعي بعد انطلاق المبادرة الزراعية في عام 2008، وخصوصًا في جانبها النباتي؛ حين اقتربوا من تحقيق الاكتفاء الذاتي في زراعة المحاصيل الإستراتيجية في عام 2014، مستدركًا بأن دخول مسلحي “تنظيم الدولة” حال دون ذلك، بعد أن خرجت ثلاث محافظات هي “نينوى” وصلاح الدين” والأنبار” من الإنتاج.
عد المتحدث باسم وزارة الزراعة أن " المبادرة الزراعية التي انطلقت عام 2008 بـ "الرائدة "، والتي ساعدت في زيادة الإنتاج كما ونوعا من خلال منح القروض الى أصحاب المساحات الزراعية والدواجن والأبقار والبيوت البلاستيكية والكثير من المفاصل في القطاع الزراعي.
وأضاف النايف، لـ"النبأ للأخبار "أن عدد من المحافظات كان دور المبادرة كبير فيها للنهوض بواقعها الزراعي قبل سيطرة عصابات "داعش" عليها عام 2014، والذي دمر بشكل كامل كل ما تحقق في هذا القطاع، وأنهى جميع مشاريع الفلاحين، مؤكداً استمرار تلك المشاريع في المحافظات الوسطى والجنوبية".
ونبه النايف، بأن "الكثير من مبالغ المبادرة الزراعية لم تعاد الى المصارف التي أقرضت الفلاحين لإنشاء مشاريعهم، وكان يمكن للمبادرة أن تستمر لو أعيدت تلك الأموال وتدويرها بين الفلاحين لضمان استفادة الجميع من تلك المبالغ، فضلاً عن أنها أصبحت في خبر كان بعد هبوط أسعار النفط بعد عام 2014"
وأوضح النايف، بأن" تلك المبادرة ألغيت تماماً عام 2018 وحولت إلى صناديق لدعم القطاع الزراعي لعدم توفر الأموال".
الاستمرار ضروري مع تغير الاساليب
من جانبه، طالب رئيس الاتحاد العام للجمعيات الفلاحية التعاونية حيدر عصام العبادي باستمرار المبادرة الزراعية مع تعديل أساليبها.
وقال العبادي، لـ"النبأ للأخبار "ان فكرة المبادرة الزراعية كانت جيدة جدا، ألا أن أساليبها غير صحيحة، كونها وضعت لدعم نحو 5 محافظات بـ82 بالمائة من المبادرة في حين خصصت 18 بالمئة منها إلى باقي محافظات العراق مضيفا، ان" اغلب الفلاحين الذين استفادوا من تلك المبادرة هم من أصحاب العلاقات الرصينة".
وأوضح العبادي، أن "دخول داعش دمر كل المشاريع سواء الحقيقية منها او الوهمية، وأصحابها اليوم يطالبون بالتعويض بعد خسارتهم المشاريع بشكل كامل".
وطالب العبادي، ان "تكون المبادرة هدفها الوصول إلى صغار الفلاحين، أما الكبار أو الذين تنطبق عليهم صفة المستثمرين المحليين، فيجب ان يكون اعتمادهم الأساسي على أنفسهم بالدرجة الأولى ويأتون بالمرتبة الثانية بعد الفلاحين".
وأشار الى، ان "ذلك انعكس سلباً على الواقع الزراعي، معرباً عن أمنياته باستمرار المبادرة الزراعية مع تعديل أساليب التوزيع بحيث تكون ملائمة لكل الفلاحين". انتهى
اضف تعليق