تواجه العاصمة بغداد منذ ما يقرب من خمسة عشر عاما حربا شوهت جمالها الحضاري وارثها الثقافي، اذ نالت تجاعيد الزمن على وجهها الجميل لتحول مجدها من ارض الجنائن لأرض العشوائيات بعد أن غزا الزحف السكاني الغير المنظم كرخها ورصافتها، فأضحت بغداد الجمال أسوء مدينة للعيش في العالم.
العشوائيات المرض الخبيث الذي عزا جسد العاصمة استفحلت جيناته بين أزقتها وشوارعها ومناطقها، وبات معضلة يصعب حلها بعد تجهل الوباء المستفحل على مدى الحكومات المتعاقبة.
اذ كشفت وزارة التخطيط، في تصريحات صحفية "عن أعداد المجمعات العشوائية في عموم المدن العراقية، وعدد الساكنين فيها، فيما أشارت الى أن العاصمة بغداد تحتل الصدارة في عدد العشوائيات".
وقال المتحدث باسم الوزارة، عبد الزهرة الهنداوي، في تصريح له، أن عدد "المجمعات العشوائية في عموم المدن العراقية يبلغ 3700 مجمع عشوائي".
وأضاف الهنداوي، أن "العاصمة بغداد جاءت في صدارة المدن العراقية بواقع 1002 منطقة عشوائية تليها محافظة البصرة ونينوى بـ 700 عشوائية"، مبيناً أن "محافظتي كربلاء والنجف اقل المحافظات بواقع 98 منطقة عشوائية".
وتابع الهنداوي، أن "عدد الوحدات السكنية في جميع المجمعات العشوائية تصل الى 522 الف وحدة سكنية”، لافتاً الى أن "تلك العشوائيات تضم أكثر من ثلاثة ملايين نسمة".
ولفت الى، أن "هناك الآلاف من دور العشوائيات في بغداد بحاجة أيضا الى حل من قبل الدولة العراقية"، مؤكدا أن “التجاوزات على الأراضي أثرت على الكثير من المشاريع الإستراتيجية في العاصمة".
مراقبون وصفوا ما تشهده بغداد من انتشار وتوسع للعشوائيات أمر يتطلب تدخل حكومي عاجل، يعيد للعاصمة هيبتها ومكانتها الدولية والحضارية، فيما صنف برلمانيون تلك العشوائيات إلى فئتين
عضو مجلس النواب جاسم البخاتي الذي اقر بوجود اكثرمن 22 الف مجمع عشوائي في عموم العراق وصف المشكلة لــــ(المخيفة).
البخاتي وفي حديث لــ"وكالة النبأ للأخبار" صنف تلك العشوائيات الى فئتين: (أ) وتشمل العشوائيات التي تقع ضمن الحدود الإدارية للعاصمة والتي يمكن معالجتها ببساطة".
أما الفئة (ب)الخاصة بالعشوائيات التي تقع في قلب العاصمة ووضع آلية تتناسب والأسعار السائدة في المنطقة او المناطق المجاورة لها، وهذا التصنيف بحسب البخاتي مخيف ويحتاج وقت طويل لمعالجته.
المهندس أسامة العبيدي اعتبر أن "تفاقم مشكلة العشوائيات تأتي من التهاون الحكومي الذي أمعن في صراعاته السياسية وأهمل البلاد حتى عاث بها المفسدون ."
العبيدي ، يقول لــ" وكالة النبأ للأخبار" أن الكثير من الأراضي التي تصنف اليوم بالحواسم بيعت من قبل ميليشيات تابعة لأحزاب مشاركة في الحكومة بحكم سلطة القوة".
وأضاف، "الحل وان يأتي متأخر يكمن في إنشاء مجمعات سكنية عملاقة على غرار مجمع بسماية يتم توزيع وحداته السكنية على مستحوذي العشوائيات".
هذا ما اكدته امانة بغداد التي كشفت وجود جماعات متنفذة هي المسؤولة عن التجاوزات في العاصمة، لافتاً الى ان هذه الجماعات تستولي على الاراضي وتقوم باستغلال الناس البسطاء وتبيع لهم الاراضي بثمن بخس مما ادت الى انتشار هذه العشوائيات .
المتحدث الاعلامي باسم الأمانة حكيم عبد الزهرة في حديث صحفي قال ان هذه الجماعات المستفيدة تستغل ايام العطل وتقوم ببناء تجاوزاتها وسرعان ماتقوم الامانة بايقاف هذا البناء ولكننا نقع في مشكلة وجود العوائل في داخلها ، مشددا على ضرورة ايجاد حلول جذرية من قبل الدولة للحد من هذه الظاهرة التي بدت تستشري بشكل كبير .
واضاف حكيم ان امانة بغداد قدمت ثلاث مقترحات لامانة رئاسة وزراء للحد من هذه الظاهرة ولكن لم يتم العمل بها لحد الان، مؤكدا ان قسم من هذه التجاوزات هو " حاجة " والقسم الاخر منها هو استغلال انشغال الدولة في الحرب ضد داعش والازمة الاقتصادية .
واشار حكيم الى، إن بعض التجاوزات في المناطق التجارية والمهمة يتم رفعها بشكل مباشر ولكن بعض التجاوزات السكنية في بعض المناطق لم نجد لها حلا اذ ان هذا الموضوع يحتاج إلى حل دولة.
واوضح حكيم ان امانة بغداد تنتظر حلا جديدا يتلاءم مع الظرف الحالي، نأمل ان تتبناه الدولة، مؤكدا ان امانة بغداد على استعداد لتقديم الافكار والحلول والأراضي لهذا الخصوص. انتهى/ ع
اضف تعليق