جاء قرار مجلس، بتأجيل التصويت على مشروع "قانون جرائم المعلوماتية" الذي كان مقرراً أن يحصل في الجلسة التي عقدت الخميس الماضي، ليؤكد على استمرار الجدال بشأن القانون الذي ينقسم البرلمان بشأنه بين من يراه ضرورياً، ومن يعتبره تقييداً للحريات العامة والخاصة.
وحصل قرار التأجيل بعد قيام نواب معترضين على مشروع القانون بالإخلال بنصاب جلسة البرلمان، ما دفع رئاسة البرلمان إلى تأجيل التصويت.
وسبق أن تعرّض مشروع القانون إلى انتقادات من قبل برلمانيين وسياسيين وحقوقيين بسبب بعض فقراته التي تتيح للسلطات فرض عقوبات وغرامات مالية كبيرة على الصحافيين والناشطين الذين يدلون بآرائهم في مواقع التواصل، والمواقع الإلكترونية الأخرى، ووسائل الاتصال، وهو ما اعتبر تقييداً للحقوق والحريات التي ضمنها الدستور.
وأقرت عضوة البرلمان وإحدى قيادات التيار المدني في البلاد، شروق العبايجي، بوجود "قوى سياسية تريد قانون جرائم المعلوماتية من أجل شرعنة القمع وإسكات الأصوات الحرة". بحسب قولها.
وقالت العبايجي أنّ "قضية حرية التعبير، وبعض المسائل الأخرى التي تحمل إشكالات، كانت عبارة عن معارك مفصلية في عدة دورات برلمانية سابقة، وهناك حالياً صراع في البرلمان ما بين محاولة القضاء على حرية التعبير التي تعد إحدى أهم ركائز الديمقراطية، وبين الأطراف المدافعة عن الديمقراطية".
ولفتت إلى أنّ حرية التعبير تمثل المكسب الوحيد الذي تحقق للعراق بعد الاحتلال الأميركي عام 2003، وهناك اليوم من يريد تقييد هذه الحرية من خلال قمع التظاهرات والخطف والتهديد والضغوط على الإعلاميين والصحافيين وكلّ من يمارس النشر.
وتابعت العبايجي أنّ "كلّ ذلك يمثل انتهاكات لحرية التعبير، وفوق كلّ ذلك هناك من يريد شرعنة المزيد من القمع"، مشيرة إلى "وجود معركة واضحة بين سلطة قمعية غاشمة تدافع عن مصالحها بأشرس الطرق، وبين شعب يريد الحياة والحرية والتقدم".
واعتبرت العبايجي أنّ "واقع الحال العراقي يسير نحو الأسوأ، والطبقة الحاكمة وممثليها في السلطة التشريعية لا يستوعبون دروس التاريخ، حتى القريبة منها، وزيادة القمع ستكون لها تبعات خطيرة على المشهد العراقي".
واتهمت البرلمان بـ "محاولة انتهاز الفرص الزمنية لتمرير بعض القوانين، ومنها قانون جرائم المعلوماتية".
وأوضحت أنّ "القانون يقيد حريات الصحافيين والناشطين بسبب وجود عقوبات غير منطقية، وبعض هذه العقوبات مطاطية تسمح بإدانة من يقوم بعمل صحافي استقصائي، أو يبدي رأياً في أيّ قضية"، موضحةً أنّ العقوبات تصل إلى السجن، وفرض غرامات مالية كبيرة.
في المقابل، عبّر عضو البرلمان عن كتلة "صادقون" نعيم العبودي، عن تأييده لتمرير القانون. وقال، خلال مقابلة تلفزيونية، إنّ "جميع دول العالم لديها قوانين تنظيم القضايا المتعلقة بالمعلوماتية".
وأشار إلى أنّ القانون لا يتعلق فقط بتقييد استخدام مواقع التواصل، مبيناً أنّه يسعى للحفاظ على المواقع الإلكترونية المهمة المرتبطة بسيادة البلاد، على حدّ قوله.
وبحسب مسودة "قانون جرائم المعلوماتية" التي تنتظر تصويت البرلمان، فإنّ عقوبات بالسجن تصل إلى 10 سنوات، وغرامات مالية يصل بعضها إلى 15 مليون دينار عراقي (ما يعادل 10 آلاف دولار أميركي)، تفرض على الذين يسيئون استخدام الإنترنت ومواقع التواصل.
واستبعد عضو اللجنة القانونية في البرلمان، سليم همزة، في وقت سابق، التصويت على "قانون جرائم المعلوماتية" قريباً، موضحاً أنّ القانون سيرحّل إلى الدورة البرلمانية المقبلة".
وأشار إلى أنّ القانون ما زال يحتاج إلى مزيد من الدراسة والمتابعة الدقيقة، مبيناً أنّ تمريره يتطلب توافقاً سياسياً.
واعتبر المحامي محمد الكندي، أنّ القانون يحمل "عقوبات غاشمة"، وقال إنّ "قانون جرائم المعلوماتية العراقي قانون سيئ الصياغة بعقوبات غاشمة تخرق الحق في إجراءات التقاضي السليمة وتنتهك حرية التعبير". وأضاف أنّ ذلك "يتعارض مع الدساتير الديمقراطية".
اضف تعليق