أجرت صحيفة الغارديان، اليوم الاربعاء، تحقيقا بشأن صناعة القوارب التي يستخدمها مهربو البشر، والتي يتم إنتاج معظمها على بعد آلاف الأميال من مدينة دوفر في الصين ويطلبها المهربون عبر الإنترنت ليتسلموها في المناطق التي يتم نقل المهاجرين منها في أوروبا.
وقال سالفاتوري فيلا، المدعي العام في أجريجينتو، صقلية في تقرير مترجم تابعته وكالة النبأ، ان "الذي قاد غالبية التحقيقات ضد المهربين العاملين في ليبيا، ان "معظم القوارب التي يبلغ طولها حوالي 11 مترا، مصممة لتحمل 15 شخصا بأمان كحد أقصى.. يدفعها المهربون إلى مساحات شاسعة من المحيط حتى، وقد حملوها 50 شخصا".
وأضاف فيلا، إن "المخاطر التي يتعرض لها الركاب على متن هذه الطوافات عالية جدا إنها من بين الأسباب الرئيسية لوفاة طالبي اللجوء في البحر، لأنه يصعب على هذه القوارب الوصول إلى وجهتها ما لم يتم إنقاذهم. ولخفض التكاليف، يشتري المهربون قوارب مطاطية منخفضة الجودة، تتراوح أسعارها بين 500 دولار و2000 دولار".
وتابع، انه "يمكن شراء زورق ميري بوتي من النوع الموجود في دونكيرك، مقابل 2000 جنيه إسترليني تقريبا. ليس هناك ما يشير إلى أن قوارب ميري هي دون المستوى المطلوب للاستخدام العادي، أو أنها تسوق قواربها لمهربي البشر".
وقالت الصحيفة، إنه "هنالك محاولات للعبور في قوارب صيد قديمة وصنادل وقوارب خشبية وزجاجية اشتراها المهربون من صيادين ليبيين وأتراك وتونسيين ومصريين".
وبدأت البعثات العسكرية الأوروبية لمكافحة الهجرة غير الشرعية في تدمير هذه القوارب بهدف منع إعادة استخدامها في تهريب البشر، منذ ذروة أزمة المهاجرين عام 2015".
وعبر الطرق البحرية الرئيسية، من وسط البحر الأبيض المتوسط إلى تركيا ومن جزر الخالدات إلى ساحل دوفر، أصبح الزورق القابل للنفخ أكثر أنواع القوارب استخداما للوصول إلى أوروبا.
وبعض القوارب، المصنوعة من مواد رديئة، عرضة للانكماش بعد ساعات قليلة من الإبحار، حيث تنهار الجيوب الهوائية فيها تدريجيا، حتى عندما يكون القارب ثابتا في بحر هادئ. وحتى القوارب الأكثر تكلفة والأفضل المباعة في ألمانيا غير مناسبة لعبور القنال عندما تكون محملة بعشرات الأشخاص.
وعلى الرغم، من أن مسار القناة قد يبدو أكثر سهولة من عبور البحر الأبيض المتوسط ، إلا أنه في الواقع أحد أكثر الممرات فتكا. تعد القنال في أضيق نقطة لها -حوالي 21 ميلا- عبر واحدة من أكثر الممرات البحرية ازدحاما في العالم، مع حركة مرور مستمرة لسفن الشحن وصيد الأسماك وعبارات الركاب واليخوت وقوارب خفر السواحل.
ولا تحمل الطوافات أي أضواء ولا تقنية لبث مواقعها الخاصة أو مراقبة مواقع السفن الأخرى، فهي تتلمس في الظلام، وهي غير مرئية تقريبا للسفن الأخرى. ولا يتوفر للركاب سوى منفاخ دراجة في حالة الانكماش وزجاجات بلاستيكية لتفريغ الماء الذي يدخل القارب.
وقتل الشهر الماضي 27 شخصا، معظمهم من الأكراد العراقيين، عندما غرق قاربهم في الظلام في القناة. وقال الناجون، إن "الزورق بدأ ينكمش بعد حوالي ثلاث ساعات ونصف من انطلاقه من شاطئ بالقرب من دونكيرك".
وتابع الناجون، إن "أولئك الذين كانوا على متن القارب حاولوا إبقاء الزورق طافيا، لكن المنفاخ توقف عن العمل، وانقلب الزورق في النهاية.
ويزعم الناجون، أنهم "وصلوا إلى المياه البريطانية عند هذه النقطة، واتصلوا بالمملكة المتحدة لطلب المساعدة، ولكن دون جدوى. بعد 11 ساعة، اكتشف صيادون فرنسيون جثثا في الماء".
وقال فيلا، ان "تكاليف المُتجِرين انخفضت بشكل كبير مع استخدام القوارب المطاطية ويمكن أن تتم قيادة تلك القوارب من قبل رجال عديمي الخبرة، يتم اختيارهم من بين المهاجرين أنفسهم. بالإضافة إلى ذلك، يسهل الحصول عليها. يمكن حتى شراؤها على الإنترنت، في الأسواق الآسيوية".
ولسنوات عديدة، عرضت منصة التسوق الصينية على الإنترنت Alibaba.com قوارب قابلة للنفخ للبيع تحت علامة قارب اللاجئين أو قارب المهاجرين".
وعرض إعلان للمبيعات على المشترين "قارب لاجئين عالي الجودة" مقابل 800 دولار إلى 1100 دولار للقوارب المصنوعة من الخشب الرقائقي والألومنيوم والبلاستيك، والتي يمكن أن تحمل ما يصل إلى 30 راكبا وسترات النجاة "كمعدات اختيارية".
وقال إعلان شاهدته الغارديان، "القارب لديه قدرة جيدة على مقاومة الغرق. عندما يتم تحميل القارب بالعدد المناسب (حتى لو كان القارب مملوءا بالماء بالكامل)، فإنه لا يزال بإمكانه الطفو".
بعد شكاوى من الاتحاد الأوروبي، قالت Alibaba.com إنها "لن تتسامح مع البائعين الذين يستخدمون منصتها لهذا الغرض. وتقول إنه منذ ذلك الحين، تمت إزالة معظم الإشارات إلى قوارب اللاجئين و"قوارب المهاجرين من منصتها.
و وجدت صحيفة الغارديان، أن "الروابط التي تحتوي على قارب لاجئين وقارب لاجئين عالي الجودة وقارب مهاجرين قابل للنفخ لا تزال صالحة على موقع الويب باللغة الإنجليزية لشركة التجارة الإلكترونية العملاقة، على الرغم من أن معظم المنتجات المذكورة تحت تلك الصفحات لم تعد تطلق على نفسها على هذا النحو".
وقالت مندوبة مبيعات اتصلت بها صحيفة الغارديان إن 70% إلى 80% من مبيعات الشركة كانت إلى أوروبا هذا العام، معظمها إلى ألمانيا واليونان. قالت إنها كانت تعلم أن زبونا تركيا اشترى قاربا للاجئين قبل بضع سنوات، لكنها أصرت على أن هذا لم يعد يحدث"؛ بسبب حملة الحكومة التركية.
قالت، اننا "نصنع آلاف القوارب كل عام، مع حوالي 100 طراز مختلف داخل الصين، هذه القوارب تصنع بشكل رئيسي في مقاطعتي شاندونغ وغوانغدونغ".
ولكن عندما سُئلت عن قارب المهاجرين المُعلن عنه على موقع Alibaba.com".
وأشارت الى، ان "هذه مجرد وسيلة للتحايل. هذا لا يعني الكثير ورفضت الكشف عن أي تفاصيل عن عملاء غويثي، وقالت إن تلك تقع ضمن أسرار الشركة ومنذ ذلك الحين، أزال موقع Alibaba.com الصفحات التي عثرت عليها صحيفة الغارديان.
وتصر الشركة التي تتخذ من هانغتشو مقرا لها على أنها "لن تتسامح مع أولئك الذين يسعون إلى الاستفادة من هذه الأزمة".
وقالت في بيان "إننا نشارك باستمرار في الجهود المبذولة؛ لضمان أن البائعين على منصاتنا يعلنون المنتجات بطريقة مناسبة، وبما يتوافق مع سياساتنا".
وأكدت وثيقة سرية مسربة من قبل الاتحاد الأوروبي، كتبها عام 2016 ضباط عملية صوفيا، وهي مهمة الاتحاد الأوروبي لقمع طرق تهريب البشر عبر البحر الأبيض المتوسط ، أن "المهربين المقيمين في ليبيا كانوا يشترون زوارق مصنوعة في الصين، ويشحنونها إلى شمال أفريقيا عبر مالطا".
وأشارت الوثيقة إلى، ان "اعتراض نحو 20 قاربا مطاطيا مغلفا تم استيرادها من الصين ونقلها إلى مالطا وتركيا، في حاوية متجهة إلى مصراتة، ليبيا تم الإفراج عنها لعدم وجود أسس قانونية لحجزها".
وقال فيلا، إن "القوارب التي كانت تنقل الأشخاص إلى اليونان يتم شحنها إلى تركيا وتلك التي تنطلق من ليبيا يتم شحنها إلى مالطا أو الموانئ التركية، حيث يتم شحنها كبضائع إلى ليبيا، والمطاطية التي تعبر القنال يتم شحنها إلى قلب أوروبا.
وكشف تقرير صدر الشهر الماضي عن شرطة الحدود الفرنسية، أن "القوارب التي تأتي من الصين وقادرة على حمل ما يصل إلى 60 مهاجرا مخزنة في الخارج، خاصة في ألمانيا".
ووافق مارفن رويتر، مالك شركة ميري بوتي، الشركة الألمانية التي ظهر شعارها مرارا على بعض القوارب المطاطية التي كانت تحاول عبور القناة، على التحدث إلى صحيفة الغارديان.
وقال موقع الشركة على الإنترنت، "نحن نبني القوارب المطاطية الاستثنائية جودة عالية فردية، رياضية سريعة وجيدة بلا هوادة".
وقال رويتر، إنه "شعر بالإحباط بعد أن أبلغته الشرطة الألمانية أن قواربه المطاطية، التي تبلغ تكلفتها حوالي 2000 جنيه إسترليني، استخدمها المهاجرون لمحاولة العبور من فرنسا إلى المملكة المتحدة".
وأضاف، "أشعر بالفزع حيال ما يفعله هؤلاء الأشرار بقواربي".
وتابع رويتر، إن "العملاء الذين اشتروا القوارب المطاطية التي يتم تصنيعها في الصين، فعلوا ذلك "بشكل قانوني وأخذوها بعيدا في سيارة، مثل أي شخص آخر".
وأشار رويتر الى، ان "مثل شركات القوارب الأخرى في أوروبا، إنه غير قادر على تحديد ما إذا كان العملاء يعتزمون استخدام السفن لنقل الأشخاص. المشكلة هي أن العملاء الذين اشتروا هذه السفن ربما باعوها إلى الأشرار".
اضف تعليق