رغم تخصيص مليارات الدولارات لقطاع الكهرباء في العراق منذ عقود لكن البلد لم يشهد أي تقدم ملموس في هذا الجانب، وسيطرت المولدات الأهلية على قطاع خدمة الطاقة.
لأول مرة في العراق، تحركت وزارة التخطيط، وعبر الجهاز المركزي للإحصاء، لإجراء مسح لمولدات القدرة الكهربائية للقطاع الخاص في جميع المحافظات بما فيها إقليم كردستان.
عدد المولدات
وقال المتحدث الرسمي باسم التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي في بيان، أمس الثلاثاء، إن "نتائج المسح، كشفت أن عدد المولدات الإجمالي (محرك+رأس توليد) بلغ(48533) مولداً".
سُجِّل عدد العاملين الكلّي في قطاع المولدات، بحسب المسح، (44640) عاملاً، بأجور مُنِحت للعاملين في المولدات بلغت (200,648) مليون دينار.
وأوضح الهنداوي، إن "عدد المستفيدين الكلي بلغ (6,700,665) مشتركاً، أما عدد الإمبيرات المجهَّزة خلال الشهر الواحد فوصلت إلى (25,875,722) إمبيراً".
الوقود المستخدم
ووفق الإحصائية أيضاً، فإن كمية الوقود المستخدَم داخل فترة الذروة بلغت (2,178) مليون لتر، في حين سُجِّلت خارج فترة الذروة (1,243) مليون لتر، وبقيمة إجمالية مقدارها (1,947) مليون دينار عراقي، أما كمية الزيوت المستخدَمة داخل فترة الذروة وخارجها فقد سجلت (33) مليون لتر، بقيمة إجمالية مقدارها (123) مليون دينار عراقي، أما قيمة أجور الإدامة والصيانة فقد بلغت (65) مليون دينار عراقي.
الإيرادات
وأشار الهنداوي إلى أن إجمالي الإيرادات المتحققة بلغت (3,479) مليار دينار توزّعت داخل فترة الذروة بمقدار (2,105) مليار دينار، أما خارج فترة الذروة فكانت بمقدار (1,374) مليار دينار.
وتُنفق الأُسَر العراقية بين 6 إلى 10 مليارات دولار سنوياً تذهب لجيوب أصحاب المولدات الخاصة، وهو قطاع ليس له إسهام في اقتصاد البلاد ولا يدفع ضرائب وبلا قانون ينظمه لكونه جزءاً من شبكة معقدة لـ"البطالة المقنّعة".
الأعلى في المنطقة
في أيلول من العام الماضي، أكد تقرير أميركي أن أسعار تجهيز الكهرباء من المولدات الأهلية في العراق هي الأعلى بين دول المنطقة.
وذكر تقرير لوكالة (اسوشييتدبرس) الأميركية، أن "المولدات الأهلية، هي من تعمل على تسيير قسم من بلدان الشرق الأوسط والمنطقة أمثال العراق ولبنان واليمن وليبيا وكذلك أفغانستان".
وأضاف التقرير، أن "هذه المولدات تنتشر في كل مكان عند ساحات وقوف السيارات والأزقة وفي فناءات المستشفيات وعند الأسطح، حيث تنفث أدخنة سُمّيّة خطرة تدخل البيوت والمحلات على مدار اليوم".
وأشار، إلى أن "العالم في وقت يتطلع للطاقة المتجددة لمواجهة تغير المناخ، فإن ملايين من الناس في هذه المنطقة يعتمدون اعتماداً كلياً تقريباً على مولدات الديزل الأهلية للإبقاء على إنارة الإضاءة مفتوحة وذلك بسبب حروب مرّت عليهم أو سوء إدارة وفساد عملت على تقويض وتخريب البنى التحتية للكهرباء".
وأوضح التقرير، أن "خبراء يصفون هذه الحالة على أنها انتحار وطني من وجهة نظر بيئية وصحية". فيما يقول مدير إدارة ومساعد مؤسس أكاديمية البيئة لدى الجامعة الأميركية في بيروت سامي كايد، إن "تلوث الهواء الناجم عن مولدات الديزل يحوي أكثر من 40 مادة سُمّية ملوِّثة للجو، بضمنها كثير من المواد المعروفة أو التي يشكّ بتسبيبها للسرطان".
ورأى التقرير، أن "الاعتماد على المولدات هو أحد نتائج فشل الدولة في بلدان مثل العراق ولبنان واليمن وليبيا وأفغانستان".
وشدد، على أن "الحكومات في هذه البلدان لا تستطيع الإبقاء على مواصلة عمل شبكة الكهرباء الوطنية؛ لأسباب متعددة منها: الحروب والنزاعات أو سوء الإدارة أو تفشي الفساد".
ويواصل، إن "العراق، الذي يضم أحد أكبر احتياطيات النفط في العالم، رغم ذلك فإنه دائما ما تصاحب أيام فصل الصيف اللاهبة فيه أصوات هدير مولدات الكهرباء الأهلية المنتشرة بين أحياء وأزقة المدن ليتمكن الأهالي من إبقاء مكيفات الهواء لديهم تعمل لتلطيف الجو داخل بيوتهم".
وتحدث التقرير، عن "حروب متكررة عبر عقود من الزمن عملت على تحطيم شبكات الطاقة الكهربائية في العراق". لافتاً، إلى أن "مليارات الدولارات كانت مخصصة لإصلاح وتطوير هذه الشبكة تم هدرها واختلاسها بسبب الفساد المستشري".
وأفاد التقرير، بأن "ما يقارب من 17 مليار متر مكعب من الغاز يتم حرقها وهدرها سنوياً من آبار العراق النفطية، لأنه لم يتم بناء محطات وبنى تحتية لتجميع هذا الغاز ومعالجته ليُستخدم في تشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية لمدّ بيوت العراقيين بالكهرباء".
ونبّه، إلى أن "عائلات عراقية متوسطة الدخل تشتري الكهرباء من أصحاب المولدات الأهلية على مدى عشر ساعات كمعدل يومي، مقابل أسعار وفقا لكمية الطاقة المسحوبة".
ونقل التقرير، عن "وكالة الطاقة الدولية بأن معدلات أجور كهرباء المحطات الأهلية في العراق هي الأعلى على مستوى المنطقة".
وأشار، إلى "مخالفة تلك المولدات لشروط محطات الكهرباء لأن نصبها يحصل عادةً في قلب الأحياء السكنية والتي تنفث بأدخنتها السُّمّية بشكل مباشر على السكان".
اضف تعليق