أعلن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني المباشرة بتنفيذ أول 3 مشاريع ضمن حملة كبرى أطلقها مطلع الشهر الماضي، لفك اختناقات بغداد المرورية.
وقال السوداني خلال لقائه مجموعة من المهندسين الشباب أثناء إعلان البدء بتنفيذ المشاريع الثلاثة -في مقر وزارة الإعمار والإسكان ببغداد- إن حكومته قد وضعت من ضمن أولوياتها تقديم الخدمات في مختلف المجالات، ومنها هذه المشاريع التي تعنى بفك الاختناقات المرورية التي تعد جزءا من 19 مشروعا في العاصمة.
وتعد هذه المشاريع الأولى من نوعها في العاصمة منذ ثمانينيات القرن الماضي، وفق ما أكده السوداني، ليضيف أن الاختناقات المرورية تعدت كونها مشكلة معطلة لحياة المواطنين، وبات كل موظف يقضي ساعتين من وقته للوصول إلى مكان عمله، الأمر الذي تحول إلى مشكلة نفسية، وفق تعبيره.
من جهته، قال وزير الإعمار والإسكان والبلديات العامة بنكين ريكاني الذي كان حاضرا رفقة السوداني وأمين بغداد عمار موسى -خلال اللقاء- إن المشاريع التي بدأ تنفيذها تمثل نقلة نوعية لسكان بغداد، مشيرا إلى أن العاصمة ستشهد أسبوعيا انطلاق مشاريع جديدة من ضمن الحزمة الأولى، وأن الحكومة ستعلن عن حزمة مشاريع جديدة للعاصمة فور إقرار الموازنة العامة للبلاد.
مشاريع حيوية
وتشمل المشاريع التي أعلن السوداني بدء تنفيذها، إنشاء جسر على قناة الجيش لربط شارع الداخل باتجاه شارع فلسطين (حي المهندسين)، أما المشروع الثاني فيتمثل بإنشاء جسر على قناة الجيش لربط منطقة "جَميلة" مع امتداد شارع الجهاد-باب المعظم، ويتضمن هذا المشروع إنشاء جسر لعبور طريق قناة الجيش السريع باتجاه "شارع 71" بطول نحو 660 مترا وعرض حوالي 20 مترا، في حين يتمثل المشروع الثالث بإنشاء جسر لربط "شارع 77" بتقاطع القدس.
وتتضمن الحزمة الأولى لمشاريع فك اختناقات بغداد المرورية، التي أُعلن عنها في الثاني من مارس/آذار الماضي 19 مشروعا، تشمل تطوير واستحداث الطرق والجسور والمجسرات في جانبي الكرخ والرصافة من بغداد، فضلا عن الطرق الخارجية التي تربط العاصمة بالمحافظات الوسطى والشمالية والغربية، حيث ستتولى شركات عراقية وصينية وتركية تنفيذها، بحسب ما أفاد به وزير الإسكان والإعمار.
وتأتي هذه المشاريع بعد جملة من الإجراءات الأولية التي اتخذتها حكومة السوداني منذ توليها السلطة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بهدف التخفيف من الاختناقات المرورية في بغداد، وتضمنت فتح طرق مغلقة منذ سنوات، ورفع عدد كبير من نقاط التفتيش والحواجز الكونكريتية، وفتح عشرات الطرق وسط العاصمة وداخل المنطقة الخضراء التي تعد معقل الحكومة والعديد من البعثات الدبلوماسية.
وعن هذه الحملة العمرانية، تحدث مستشار رئيس الحكومة العراقية حسين علاوي، مؤكدا أن الحكومة العراقية تهدف من خلال هذه المشاريع لتخفيف الأعباء عن سكان العاصمة وتقليل انبعاثات احتراق الوقود وانسيابية السير مع إعادة تفعيل دور المرور والإشارات الضوئية، مبينا أن المشاريع الجديدة ستعكس صورة تعافي بغداد من آثار الحروب وإعلان عودة الحياة التامة.
ولا تقف تحركات الحكومة عند ذلك، إذ بين- أن الحكومة نقلت عددا من مقرات الوزارات إلى أطراف العاصمة، فضلا عن الشروع بإعادة إعمار بوابات بغداد مع المحافظات الأخرى، وأن العمل بدأ فعليا.
أما عن السقف الزمني لتنفيذ هذه المشاريع، فقد كشف المتحدث باسم وزارة الإعمار والإسكان نبيل، أن مدة إنجاز المشاريع متباينة، وتتراوح بين 9 و18 شهرا، غير أنه أكد أن مجمل مشاريع الحزمة الأولى البالغ عددها 19 مشروعا لن تستغرق أكثر من 18 شهرا كحد أقصى، بحسبه.
وعن جدوى هذه الحملة وعما إذا كانت ستحل فعليا مشكلة الاختناقات المرورية ببغداد، يقول الخبير الاقتصادي منار العبيدي إن حملة المشاريع هذه ستسهم بتخفيفها، إلا أنها لن تحمل حلا جذريا للمشكلة، وإنما حلا مؤقتا وسينتهي مع الزيادة السكانية الكبيرة ببغداد واستمرار الوتيرة المتسارعة في استيراد المركبات الخاصة والآليات، على حد قوله.
وبين العبيدي أن مشكلة الاختناقات المرورية ببغداد كبيرة جدا، وناتجة عن الكثافة السكانية المرتفعة في العاصمة، إلى جانب تحسن الوضع الاقتصادي لكثير من سكان العاصمة وتراجع التعرفة الجمركية لاستيراد السيارات، فضلا عن غياب وسائل النقل العامة، الأمر الذي ساهم بتضخم أعداد السيارات إلى أكثر من 8 ملايين سيارة في العراق، حوالي نصفها في محافظة العاصمة.
وتتسق هذه الأرقام مع تصريحات مدير العلاقات والإعلام في مديرية المرور العامة العميد زياد محارب القيسي الذي أكد لصحيفة الصباح الرسمية صحة هذه الأرقام، مضيفا أن شوارع العاصمة بغداد لا تستوعب أكثر من 200 ألف مركبة، مبينا أن مسؤولية هذه الزيادة في أعداد المركبات تقع على عاتق وزارتي التجارة والإعمار، إضافة إلى أمانة بغداد.
وكانت وزارة التخطيط الاتحادية قد أكدت في بيان لها مطلع العام الجاري أن محافظة بغداد شكلت أعلى نسبة من السكان، إذ تجاوز عدد سكانها 9 ملايين نسمة، وبنسبة 21.1% من مجموع سكان البلاد.
وفيما يتعلق بالحلول، يؤكد العبيدي أنها تكمن في تبني سياسات عديدة تتعلق بالإسكان وإلزام مالكي العقارات الجديدة بإنشاء مواقف سيارات خلال عمليات البناء، مبينا أنه لا بد من الحد من استيراد السيارات، والشروع بخطة لإخراج السيارات القديمة من الخدمة، مع ضرورة التوسع الأفقي نحو فتح مدن جديدة خارج حدود بغداد، والعمل على بناء العاصمة الإدارية وتحسين واقع النقل العام والشروع بمشاريع إستراتيجية، من ضمنها مترو بغداد الذي طال انتظاره.
هذا وتبلغ قيمة الخسائر المادية المتأتية من الاختناقات المرورية نحو 495 مليار دينار عراقي (380 مليون دولار) سنويا، كقيمة لاحتراق وقود السيارات خلال الاختناقات، وذلك بحسب العبيدي، الذي لفت إلى أن هذه الخسائر تعادل تكلفة إنشاء نحو 11 ألف كيلومتر من مسارات الطرق.
ولمزيد من التوضيح عن هذه الخسائر، يوضح العبيدي أن الخسارة السنوية للسيارة الواحدة التي تقطع يوميا 20 كيلومترا داخل بغداد تصل لنحو 572 لترا من البنزين، بما يعادل قيمة 314 ألف دينار عراقي (200 دولار).
المصدر : الجزيرة
اضف تعليق