لم يدخر الجيش الامريكي جهدا، في حماية قاعدة التنف في المثلث الحدودي بين سوريا والعراق والأردن، حيث يستهدف أي تقترب من حرم هذه القاعدة المحددة بـ55 كيلومتراً، لكن هذا الخط الأحمر تم اختراقه.
وما زالت التحليلات العسكرية تتناول موقع استهداف القوات الأمريكية شمال شرق الأردن، والذي يعتبره بعضهم "نقطة إسناد" لقاعدة "التنف"، مع التأكيد على أهمية كلتيهما.
"البرج T22" و"التنف"، قاعدتان أمريكيتان، لم تكن الأولى معلومة، لكن الهجوم عليها في 28 يناير/كانون الثاني الماضي، عزز فكرة المحللين، بأن وجودهما في محيط "المنطقة 55"، هو لتحقيق أهداف أمنية واستراتيجية".
وتشير كثير من التقارير، بأن البرج T22، قاعدة يستخدمها الجيش الأمريكي لتقديم الدعم اللوجستي، وتحتوي على مئات الجنود، إضافة لمروحيات هجومية ومركبات عسكرية.
أما "التنف"، فتقع داخل الأراضي السورية عند المثلث الحدودي بين سوريا والعراق والأردن، وتضم عدداً من الجنود الأمريكيين، وسبق أن تعرضت لهجمات بطائرات مسيرة، تمكنت القوات الأمريكية من إحباطها قبل وصولها.
الأناضول استمعت لآراء خبراء عسكريين حول أهمية تلك المنطقة، للحليفين، الأردن والولايات المتحدة، والأهداف التي تسعيان لتحقيقها فيها.
يقول المحلل العسكري الأردني هشام خريسات، إن: "أهمية قاعدة البرج، تكمن في وجودها على خط الإمداد طهران ومهران (في إيران) وزرباطيه وواسط والقائم (في العراق) والبوكمال و دمشق (في سويا) وبيروت (في لبنان)، وطول هذه المسافة هي 1500 كيلو متر".
وأوضح أن "قاعدة البرج تقع ضمن امتداد قاعدة التنف، وكلاهما يقعان في منطقة محيطها 55 كيلو مترا، باتت تعرف لدى بعض العسكريين بالمنطقة 55".
واعتبر أن الأهمية تكمن في "وقوعهما على الخط الذي يمر من بغداد عبر محافظة الأنبار، إلى وادي حوران على الحدود العراقية السورية، ثم إلى بادية الشام وتدمر وريف حمص الشرقي، وصولاً إلى إدلب مقر تنظيم داعش الإرهابي بسوريا".
وعن مهمة هذه القواعد، قال خريسات: "القواعد ترصد تحركات إيران".
ولفت إلى أن "طول الحدود الأردنية العراقية تصل إلى 176 كيلو مترا".
وأوضح أن "قاعدة التنف تحتوي على منظومة دفاعية من نوع سيرام آلية التوجيه، وهي مدافع بذخيرة 20 ميلمتر، ولها ست فوهات، تطلق 4500 طلقة بالدقيقة الواحدة، وسيتم تزويد قاعدة البرج منها، لمواجهة المسيرات".
وشدد على أن "وجود هذه القواعد بطريق الحرس الثوري، يشكل عائقاً أمام تحقيق مشاريعهم بالمنطقة".
ورجح خريسات أن تكون المسيرة التي استهدفت قاعدة البرج، من نوع صقر1، مبيناً أنها "إيرانية الصنع ومن طراز جديد، تطير لمسافة 100 كيلو مترا، ويبلغ وزن المتفجرات التي تحملها 40 كيلو غرام".
ووفق خريسات، فإنه "على الأغلب أن المسؤول عن الاستهداف مجموعة تدعى أبو علي الأشتر (وفق تسميته)، ومعه 20 عنصرا تابعا لما يسمى حزب الله العراقي، وتم من قاعدة الإمام علي في البوكمال".
وفي 28 يناير/ كانون الثاني الماضي، أعلنت القيادة المركزية الأمريكية، في بيان، مقتل 3 جنود أمريكيين في هجوم بطائرة مسيرة ضرب قاعدة شمال شرق الأردن قرب الحدود مع سوريا.
ورفضت إيران اتهامات ضلوعها في الهجوم المذكور، وقالت إن "قوى المقاومة في المنطقة لا تتلقى تعليمات من إيران في قراراتها وتصرفاتها".
من جانبه، قال المحلل العسكري حاتم الفلاحي، إن "قاعدة التنف تكتسب أهمية بسبب موقعها الجغرافي الذي يشرف على مناطق متعددة من العراق وسوريا والأردن، وقد شغلتها منذ زمن بعيد القوات الأمريكية والبريطانية، وقوات مغاوير الثورة (مجموعة من العسكريين المنشقين عن الجيش السوري وهدفها محاربة داعش، وتشكلت بين 2015 و 2016)".
وأضاف الفلاحي، أنه في "عام 2016، حاولت القوات الأمريكية أن تنسحب من هذه المنطقة، لكن الأردن أصرّ على بقاء هذه القاعدة التي تمنع تسلل تنظيم داعش الإرهابي".
وأشار إلى أن "هذه النقطة مهمة جدا للقوات الأمريكية، لمراقبة الخط الذي يربط إيران بسوريا باتجاه لبنان والبحر الأبيض المتوسط".
كما أنها نقطة مهمة أيضا "بالنسبة للتواجد الأمريكي في سوريا، في قضية التفاوض على مستقبل سوريا"، وفق الفلاحي.
وأوضح أن "البرج 22 يقع ضمن منطقة الركبان على بعد نحو 5 كيلو مترا من التنف، وتشغله قوات أردنية وأمريكية، وتتخذ من هذه المناطق قاعدة خلفية بالنسبة للقطعات المتقدمة في قاعدة التنف".
أما عن مسألة تداعيات الاستهداف الأخير، أشار الفلاحي إلى أن "هذه الضربة ستكون لها تداعيات، خصوصاً وأنها قاتلة بالنسبة للأمريكان (..)، فهناك سنة انتخابية في الولايات المتحدة (من المقرر أن تجري في نوفمبر المقبل) ، والمنافسة كبيرة جدا ما بين المرشح دونالد ترامب وبايدن".
ويعد الهجوم على قوات أمريكية في الأردن، الأول من نوعه منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والأول الذي يُسفر عن سقوط قتلى أمريكيين.
ويرتبط الأردن والولايات المتحدة بتعاون عسكري وثيق، وقد وقّع البلدان عام 2021 اتفاقية تعاون دفاعي، يوفر الأردن من خلالها أماكن حصرية للقوات الأمريكية تشمل 15 موقعا، وهذه الأماكن يتحكم الجانب الأمريكي بالدخول إليها، ويجوز لهذه القوات حيازة وحمل الأسلحة في الأراضي الأردنية أثناء تأديتها مهامها الرسمية.
خ. س
المصدر: وكالة الأناضول
اضف تعليق