تصدر حزب الشعب الجمهوري "المعارض" لحزب العدالة والتنمية "الحاكم"، في الانتخابات البلدية المحلية في عموم تركيا، لأول مرة منذ وصول أردوغان إلى السلطة قبل 21 عاماً، التي يخسر فيها حزبه بجميع أنحاء تركيا في صناديق الاقتراع.
وحل حزب الرفاه من جديد "إسلامي" في المرتبة الثالثة، متجاوزا الحركة القومية والحزب الجيد "قومي معارض" وحزب الديمقراطية ومساواة الشعوب الكردي، ما يمثل ضربة قوية للرئيس رجب طيب أردوغان، الذي كان يأمل في استعادة السيطرة على المدن بعد أقل من عام من فوزه بولاية رئاسية ثالثة.
وحقق زعيم حزب "الرفاه من جديد" التركي، ونجل رئيس الوزراء الأسبق نجم الدين أربكان، نصرا غير مسبوق في الانتخابات المحلية بعدما تمكن من انتزاع رئاسة 67 بلدية في عموم البلاد، بينهم بلدية شانلي أورفا الكبرى ويووزغات.
وتقدم حزب "الرفاه من جديد" خلال الانتخابات التي شهدت تراجع كبيرا لحزب "العدالة والتنمية" الحاكم لصالح المعارضة، ليصبح ثالث أكبر حزب سياسي في البلاد من حيث الأصوات بنسبة تجاوزت الـ6 بالمئة من أصوات الناخبين.
وبذلك تمكن أربكان الذي رفض في بداية السباق الانتخابي التحالف مع أردوغان، من جعل حزبه في المرتبة الثالثة بعد حزبي "الشعب الجمهوري" و"العدالة والتنمية"، من حيث عدد الأصوات والأعضاء المنتسبين الذين فاق عددهم عتبة النصف مليون عضو خلال الأشهر الأخيرة.
وقال أربكان في وقت متأخر من مساء الأحد: "سجلنا زيادة في الأصوات تجاوزت 100 بالمئة، وأصبحنا نجم هذه الانتخابات"،
وأضاف في كلمة أمام أنصاره بالعاصمة أنقرة، أن "نتيجة الانتخابات هذه حددتها ردود الفعل على مواقف أولئك الذين يواصلون بشكل صارخ التجارة مع إسرائيل والقتلة الصهاينة"، لافتا إلى أن "إدخال السويد، التي تدعم حزب العمال الكردستاني (PKK) إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، أثر على هذه النتيجة".
يشار إلى أن نتائج الانتخابات المحلية أسفرت عن هزيمة كبيرة للرئيس التركي رجيب طيب أردوغان وحزبه "العدالة والتنمية"، لاسيما بالمدن الكبرى مثل إسطنبول وأنقرة وإزمير، في مقابل نصر وصف بـ"التاريخ" لحزب "الشعب الجمهوري" الذي تمكن لأول مرة منذ أكثر من 35 عاما من الحصول على أعلى نسبة تصويت في الانتخابات.
وتوجه الأتراك صباح يوم الأحد بعد فتح صناديق الاقتراع في 81 ولاية وقضاء في عموم تركيا، لانتخاب رؤساء البلديات الكبرى والفرعية وأعضاء المجالس المحلية والمخاتير، في انتخابات هي الثانية خلال الأشهر العشرة الأخيرة.
وأقر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مساء الأحد أن حزبه لم يحقق النتائج المرجوة من الانتخابات المحلية التي جرت في تركيا، قائلا في كلمة أمام حشد من أنصاره في مقر حزب العدالة والتنمية الحاكم إن "الانتخابات المحلية ليست النهاية بالنسبة لنا لكنها نقطة تحول".
وأضاف: "انتخابات اليوم أظهرت أننا نفقد جزءا من شعبيتنا في عموم البلاد وسنحلل النتائج ونراجع أنفسنا.. سنحاسب أنفسنا وسندرس الرسائل الصادرة عن الشعب".
وتابع أردوغان "سنحترم بالطبع قرار الأمة، وسنتجنب العناد والتصرف ضد الإرادة الوطنية والتشكيك في قوة الأمة".
وأضاف أن دورة الانتخابات التي ترجع إلى مايو الماضي والتي أنهكت الاقتصاد التركي انتهت الآن.
هذا وتسير المعارضة التركية على طريق تحقيق انتصار كبير في الانتخابات البلدية في أنحاء البلاد وصولاً إلى الأناضول، والحفاظ على إسطنبول وأنقرة، على حساب حزب العدالة والتنمية بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان.
وأعلن رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو المنتمي إلى حزب الشعب الجمهوري، احتفاظه بمنصبه الذي يشغله منذ عام 2019.
وفي أنقرة، أعلن رئيس البلدية المنتمي أيضاً إلى حزب الشعب الجمهوري منصور يافاش، احتفاظه بمنصبه بينما كان فرز الأصوات لا يزال جاريا.
وفاز حزب الشعب الجمهوري بـ 36 بلدية من أصل 81 محافظة في تركيا، وفقًا للأناضول، ما يعني اقتحامه للعديد من معاقل حزب أردوغان.
وحصل الحزب على 37% من الأصوات على مستوى البلاد، مقارنة بـ 36% لحزب الرئيس، مما يمثل أكبر انتصار انتخابي لحزب الشعب الجمهوري منذ وصول أردوغان إلى السلطة قبل عقدين من الزمن.
وقد أدى انتصار حزب الشعب الجمهوري في أنقرة وإسطنبول في عام 2019 إلى تحطيم هالة أردوغان التي لا تقهر/ حسب مراقبين.
وكانت ساحة المعركة الرئيسية للرئيس التركي البالغ من العمر 70 عاما هي إسطنبول، المدينة التي يبلغ عدد سكانها 16 مليون نسمة، حيث ولد ونشأ وبدأ حياته السياسية كرئيس للبلدية في عام 1994.
وجاءت النتيجة بمثابة دفعة للمعارضة، التي تلقت ضربة موجعة بعد الهزيمة أمام أردوغان وحزب "العدالة والتنمية" الحاكم ذي التوجه الإسلامي في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية العام الماضي.
وقال زعيم حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل أمام حشد من المؤيدين: "لقد قرر الناخبون إنشاء نظام سياسي جديد في تركيا". وأضاف: "اليوم، قرر الناخبون تغيير الصورة المستمرة منذ 22 عامًا في تركيا، وفتح الباب أمام مناخ سياسي جديد في بلادنا".
وتجمّع حشد كبير خارج قاعة مدينة أنقرة للاحتفال بفوز يافاش. ورفعت هتافات مثل "أنقرة فخورة بك".
وقال سنان أولجن، مدير مركز إيدام للبحوث ومقره إسطنبول، إن "النتيجة المفاجئة" ترجع إلى رغبة الناخبين في معاقبة الحزب الحاكم؛ بسبب "الأوضاع الاقتصادية الصعبة". وترك ارتفاع معدل التضخم العالي العديد من الأسر التركية تواجه صعوبات في شراء السلع الأساسية.
وأضاف أولجن، أن أنصار حزب العدالة والتنمية اختاروا الابتعاد عن مراكز الاقتراع، أو صوتوا لأحزاب أخرى.
وأشار إلى أن "نسبة المشاركة كانت أقل مقارنة بالانتخابات السابقة. كانت هناك تحولات في توجهات الأحزاب في أثناء التصويت، وهو ما لم يحدث في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بسبب الارتباطات الأيديولوجية القوية. هذه المرة ساد الاقتصاد على الهوية".
وبلغت نسبة المشاركة حوالي 76%، وفقًا لوكالة الأناضول، مقارنة بنسبة 87% العام الماضي.
وانتشر حوالي 594 ألف عنصر من جهاز الأمن في جميع أنحاء البلاد لضمان سير التصويت بسلاسة.
ومع ذلك، قُتل شخص وأصيب 11 آخرون في مدينة ديار بكر، حيث تحول الخلاف حول انتخاب مدير أحد الأحياء إلى أعمال عنف، حسبما ذكرت وكالة الأناضول، كما أصيب ستة أشخاص على الأقل في قتال اندلع في إقليم شانلي أورفا المجاور.
اضف تعليق