كشفت مجلة "بوليتيكو" الأميركية، أن ذوبان الجليد في القطب الشمالي بوتيرة مقلقة، قد يفتح طرقا جديدة لمد كابلات الإنترنت، في ظل تزايد الأخطار التي تحيط ببنيتها التحتية.
ويأتي مشروع "Far North Fiber" الجاري العمل عليه لربط أوروبا باليابان مباشرة عبر الممر الشمالي الغربي في القطب الشمالي، ليمهد الطريق لاستكشاف الفرص التي توفرها مياه القطب الشمالي بشكل متزايد، إذ سيسهم في نقل البيانات بشكل أسرع، وفق المجلة.
وذكرت المجلة أن المشروع يتضمن الربط المباشر من خلال كابل يبلغ طوله 14,500 كيلومتر، مع "مواقع هبوط" في اليابان والولايات المتحدة (ألاسكا) وكندا والنرويج وفنلندا وأيرلندا.
وحسب المجلة، لم يكن من الممكن تصور ذلك إلا قبل بضعة سنوات فقط، حيث جعلت طبقة الجليد السميكة التي تمتد لسنوات عديدة، الملاحة مستحيلة.
وترتفع درجة حرارة القطب الشمالي بوتيرة مثيرة للقلق مع تغير المناخ، أسرع بنحو 4 مرات من بقية العالم، إذ يتقلص الجليد البحري بنسبة 13 بالمائة تقريبا كل عقد.
وقال نائب الرئيس التنفيذي لشركة "سينيا"، التي تعمل على إنشاء الكابل عبر القطب الشمالي، تانيلي فورينن: "هناك تركيز على إنشاء عدة كابلات، مما يعني أن هناك تخوفات من أخطار في بعض المناطق".
ويضيف: "من أجل تلبية الطلب المرتفع، هناك ضغط متزايد لإيجاد التنوع في الطرق".
المزيد من الحماية
وتضررت خطوط الغاز والاتصالات في بحر البلطيق العام الماضي، حيث اتهمت سفينة صينية بالتسبب في ذلك، وفق المجلة.
كما انقطعت كابلات البيانات في البحر الأحمر الشهر الماضي، في ظل هجمات المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.
ويتدفق أكثر من 90 بالمئة من إجمالي حركة المرور بين أوروبا وآسيا عبر طريق البحر الأحمر.
وقال إيك إيكارد، المسؤول في شركة "Far North Digital"، التي تعمل أيضا في المشروع، إن ذوبان الجليد في الصيف يسمح الآن للسفن بتركيب الكابل، بينما يحد الجليد في الشتاء من أي أضرار محتملة.
ويضيف: "نحن في هذا المكان حيث يمكن الوصول إليه الآن.. ويتيح هذا لنا نافذة زمنية يمكننا فيها تثبيت الكابل بأمان. والاستمتاع بحماية هذا الغطاء الجليدي لجزء كبير من العام ضد التهديدات البشرية".
ومن المقرر بعد اكتمال المسح البحري، أن تبدأ شركة" Alcatel Submarine Networks" التابعة لنوكيا في تصنيع أجزاء الكابلات ونشرها بحلول عام 2027، حينما تكون جاهزة للتشغيل.
ووفق "بويليتكو"، يُعد الاتحاد الأوروبي من أكثر المعجبين بهذا المشروع، حيث ضخ حوالي 23 مليون يورو.
ودعت المفوضية الأوروبية مؤخرا حكومات الاتحاد الأوروبي إلى تأمين شبكاتها تحت الماء بشكل أفضل، وتسعى إلى مشاريع كابلات جديدة لسد الفجوات الاستراتيجية.
ويقول المؤسس المشارك لشركة "Far North Digital" إيثان بيركوفيتش: "إننا نتطلع إلى المزيد من الدعم الصريح من الولايات المتحدة وكندا"، مستشهدا بالوضع الجيوسياسي العالمي كسبب مقنع لهما للتحرك.
صعوبات
وعلى الرغم من أن مسار الرحلة الأقصر الذي يتبعه الكابل سيسمح بزمن وصول أقل ونقل أسرع للبيانات، فإن التشغيل في القطب الشمالي يمكن أن يكون أكثر صعوبة وتكلفة، حسب المجلة.
ويقول إيكارد: "إن الجليد الذي يساعد على حماية الكابل، يمكن أن يجعل إصلاحه أكثر صعوبة في حالة حدوث ضرر غير محتمل"، لافتا إلى أن ذلك "قد يستغرق أسابيع أو حتى أشهر، استناد على وقت التنفيذ من السنة".
وتزيد تكلفة المشروع البالغة مليار يورو (1.07 مليار دولار) بكثير عن مشاريع الكابلات في الطرق الأخرى، وفق "بوليتيكو".
ويقول آلان مولدين، مدير الأبحاث في شركة" TeleGeography"، وهي شركة استشارية مقرها واشنطن، إن كابلا عبر المحيط الأطلسي يكلف حوالي 250 مليون يورو (268 مليون دولار)، فيما يكلف مد كابل في المحيط الهادي حوالي 320 مليون يورو (343 مليون دولار).
وقال مولدين: "من الناحية الفنية، من الممكن تنفيذ المشروع، لكن من الناحية التجارية لا يمكنك تحصيل المزيد من الرسوم لمجرد أن الكابل لديه مسار فريد مقارنة بالأنظمة الأخرى".
ا.ب
اضف تعليق