تعاني السجون العراقية من إهمال كبير ومن غياب للدور الرقابي المنوط بالجهات الحكومية وكذلك تلك المسؤولة عن حقوق الإنسان، في وقت يجري الحديث عن سيطرة بعض الجهات السياسية على السجون.

إذ قال رئيس الوزراء الأسبق اياد علاوي الذي يعتبر أول رئيس للوزراء فيما بعد العام 2003، في تقرير لصحيفة “ذا ناشيونال " إن السجون تحولت إلى ارضٍ خصبة للتطرف”، مضيفا أن الصراع كان في السابق “بين السنة والشيعة، وأصبح الآن يشمل العشائر والمناطق والمحافظات، وفي حال استمرت المشكلة بهذا الشكل، ستكون حربا أهلية في أنحاء البلاد”.

وخلال المقابلة التي أجريت معه في منزله في لندن، وبعد مرور 20 سنة على توليه منصبه، تحدث علاوي،  ان ملفين خطيرين قد تسببا بخسارة العراق بأكمله، ألا وهما “السجون” و”منصب رئيس البرلمان وبين ان السجون “مكان تكاثر لداعش وان الجماعة المتطرفة قد تكون في صعود”، مضيفا ان “احد الحلول يتمثل في “تطهير السجون” من “المتهمين لأسباب سياسية، ويجب ان يكون هناك عفو”.

وبعدما لفت علاوي الى ضرورة ان “يكون هناك دفع نحو الوحدة الوطنية والمصالحة بين مختلف المكونات العرقية والدينية، اعرب عن خيبة امله مما واجهه العراق خلال العقدين الماضيين منذ الغزو الامريكي الذي أدى إلى تفكيك نظام صدام حسين والقوى الامنية وسلطات تطبيق القانون حيث هيمنت منذ ذلك الوقت سنوات الفساد والطائفية على السياسة، وتسللت الأحزاب العرقية والطائفية الى الوزارات والمناصب الحكومية”.

ويبلغ عدد السجون في عموم البلاد يبلغ 30 سجنا، تضم نحو 60 ألف سجين بين محكوم وموقوف بجرائم جنائية أو بقضايا “الإرهاب”، ومن بين السجناء 1500 امرأة و1500 سجين عربي، إضافة إلى سجن آخر فدرالي يعرف بسجن “سوسة” في محافظة السليمانية ضمن إقليم كردستان العراق المرتبط بوزارة العدل الاتحادية.

ونوه التقرير الى “سنوات العنف والحرب الوحشية العام 2006 ثم صعود تنظيم داعش العام 2014، نقل التقرير عن علاوي قوله إنه: “بينما تبدو فترات الاضطراب هذه قد انتهت، إلا أن التوترات القوية والمدمرة نفسها تتصاعد مجددا، خلف الكواليس”.

وبحسب علاوي فان “هناك الان حربا اهلية غير معلنة، كنت ضد الاحتلال والحرب لكن الاميركيين أرادوا تقسيم البلاد إلى سنة وشيعة، والان نرى الشيعة مقابل السنة، والشيعة ضد أنفسهم، والسنة ضد بعضهم البعض”، مشيرا إلى أن “السنة لا يستطيعون حتى الآن انتخاب رجل لرئاسة البرلمان بسبب خلافاتهم”.

ويعدّ منصب رئيس مجلس النواب من حصة السنة وفقا للعرف السياسي الدارج في العراق منذ تشكيل النظام السياسي بعد العام 2003، في حين يذهب منصبا رئيس الوزراء للشيعة، ورئيس الجمهورية للكرد.

وبعدما نوه التقرير الى دستور العام 2005، نقل عن علاوي قوله ان “الخطأ هو أننا لم نطبق المواطنة المتساوية على الجميع، وكان لدينا حكومة تدار بالمحاصصة”.

ونقل التقرير عن علاوي الذي وصفه بأنه سياسي قاد البلد لمدة 9 أشهر مضطربة، قوله إن “الولايات المتحدة وحلفائها لم يحموا الديمقراطية في العراق، وهو ما قاد الى صراع داخلي لا نهاية له امتد الى المنطقة”.

وفي حين اشار التقرير الى ان علاوي فاز بانتخابات العام 2010 إلا أنه لم يتمكن من تحقيق الأغلبية، فانه يتهم ايران بعرقلة محاولته ان يصبح رئيسا للوزراء حيث جاء نوري المالكي بدلا منه، نقل عن علاوي قوله إن: “إيران أدت دورا سلبيا للغاية، ولقد دعمنا الأمريكيون منذ البداية”.

ونقل التقرير عن علاوي قوله إن “إيران أدت دورا عندما أطاحت امريكا بصدام، فانها تعاونت مع الأمريكيين وبدأوا يقومون باملاء الامور مع مسار الأحداث في العراق، وصولا الى العام 2010 عندما جاءوا وقالوا: لا يمكن لعلاوي تشكيل الحكومة”.

وبعدما لفت التقرير الى ان “علاوي قاد حكومة ائتلافية يقول إنها كانت ملتزمة بمستقبل علماني للعراق، الا انه اشار الى ان علاوي يعتبر أن الظروف السياسية السائدة وقت إجراء الانتخابات وآليات الاقتراع لم تكن مؤاتية لنظام تصويت عادل، مضيفا انه “لو كنت أدرك أن هذا هو الحال، لما اجريت الانتخابات”.

 وتابع قائلا انه “لم يكن ينبغي أن تكون هناك اي جماعة أو قائمة تظهر على انها شيعية او سنية او كردية. وهذا شيء كان ينبغي ليّ فعله”.

واشار التقرير الى ان علاوي أبلغ مؤخرا كبار السياسيين في بغداد من حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بمخاوفه، إلا أنهم ردوا بالقول انهم غير قادرين على القيام بأي شيء إزاء هذا الوضع.

وذكر علاوي “انا قلت لماذا؟ ما هي المشكلة؟ عليكم أن تقوموا بذلك، عليكم الدعوة إلى انتخابات مبكرة، فنحن بالفعل بحاجة الى تصحيح انفسنا قبل خسارة العراق بأكمله”.

وبحسب التقرير فان “علاوي يحمل الولايات المتحدة المسؤولية عن خلق انقسام في البلاد بين السنة والشيعة والكرد وإشعال التوترات الطائفية.

ونقل عنه قوله إن “هذا النوع من المشاكل حدثت في العراق في ذلك الوقت، وتضاعف تدريجيا مع مرور الوقت ليصبح هناك العراق الذي نعرفه الآن”.

وبعدما لفت التقرير الى “سنوات العنف والحرب الوحشية العام 2006 ثم صعود تنظيم داعش العام 2014، نقل التقرير عن علاوي قوله إنه: بينما تبدو فترات الاضطراب هذه قد انتهت، إلا أن التوترات القوية والمدمرة نفسها تتصاعد مجددا، خلف الكواليس”.

وفي حين ذكّر التقرير بالهجوم على مطاعم “كنتاكي” في بغداد، نقل التقرير عن علاوي تعليقا قال فيه، إن “هذه الهجمات تثير تساؤلات حول ما إذا كان بالإمكان الحفاظ على الهدوء والاستقرار النسبيين في العراق خلال السنوات التي تلت هزيمة داعش، وهي هجمات تسلط الضوء على تفلت الميليشيات”.

وتابع علاوي قائلا انه “اذا استمر ذلك، فاننا سنشهد هجوما مباشرا على الامريكيين المتمركزين في العراق، وهذا احتمال كبير”.

ونقل التقرير عن علاوي تحذيره من “احتمال تقسيم العراق في حال تواصلت الخلافات بين الأحزاب السياسية”.

وأكد علاوي “اننا بحاجة الى سيادة القانون والوحدة الوطنية، وبحاجة إلى تطبيق مفهوم المواطنة. كما تعلمون، العراقيون على استعداد للغرق في البحر بدلا من أن يكونوا مواطنين في بلد يفشل في توفير الخدمات العامة الكافية”.

وفشل مجلس النواب، في 18 آيار مايو الماضي، في اختيار رئيس جديد له، بعد أن أخفق في عقد جولة ثالثة “حاسمة” لترجيح كفة أحد المرشحين النائب سالم العيساوي عن حزب السيادة، ومحمود المشهداني المدعوم من حزب تقدم.

وشهد التصويت منافسة محتدمة بين النائبين سالم العيساوي، ومحمود المشهداني، حيث حصل الأول على 158 صوتا في حين حصل الثاني على 137 صوتاً، كما حصل النائب عامر عبد الجبار 3 أصوات، بينما بلغت الأصوات الباطلة 13 صوتاً، وأدلى 311 نائبا (من إجمالي 329) بأصواتهم في الجولة الأولى التي انطلقت في الساعة الرابعة عصرا بتوقيت بغداد.

إلا أن الجولة الثالثة لم ترَ النور بسبب شجار بين النواب تطور إلى اشتباك بالأيدي، حيث وثقت هواتف النواب، مشادة كلامية وتشابك بالأيدي بين نواب من تقدم وزملاء من كتل أخرى على خلفية انتخاب رئيس للبرلمان.

وتدعم كل من قوى “تقدم”، و”الصدارة”، محمود المشهداني، فيما تقف كل من “العزم” و”الحسم” و”السيادة” خلف دعم سالم العيساوي، مع انقسام واضح داخل قوى الإطار التنسيقي.

وكانت المحكمة الاتحادية العليا قد قررت في تشرين الثاني نوفمبر 2023 إنهاء عضوية رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي على خلفية قضية رفعها ضده النائب ليث الدليمي اتهمه فيها بتزوير استقالة الدليمي من مجلس النواب، لينتهي الحكم بإنهاء عضوية الاثنين.

ا.ب

اضف تعليق