باتت أهوار العراق تحتضر، في ظل تزايد معدلات الجفاف جراء ارتفاع درجات الحرارة وشح الأمطار بسبب تفاقم ظاهرة التغير المناخي، في حين تقف حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، مكتوفة الأيدي أمام سياسية دول المنبع وتحديدا تركيا التي تمتنع عن إعطاء العراق حصته العادلة من المياه رغم الاتفاقيات الموقعة بين البلدين.

حيث، حذر النائب عن محافظة ذي قار عادل الركابي، من كارثة بيئية قد تصيب اهوار العراق في المحافظة بسبب قلة الاطلاقات المائية وبسبب السدود التي تنشئها تركيا.

يشار إلى أن غالبية مناطق الأهوار حالياً شبه خالية من السكان، بينما كانت الحياة فيها قبل سنوات قليلة مزدهرة، سواء القطاع السياحي، أو صيد الأسماك والطيور، أو تربية المواشي، حيث تحولت خلال السنوات القليلة الماضية إلى أراض قاحلة.

ويوفر العراق نسبة 70 بالمئة من إيراداته المائية من خارج الحدود، حيث تسعى الحكومة إلى التنسيق مع دول أعالي الأنهار بشأن الإيرادات.

إذ قال الركابي في حديث تابعته النبأ، إن “محافظات الوسط والجنوب تعاني من شح المياه بسبب إقامة السدود التركية على نهري دجلة والفرات”.

وأضاف أن “أشد المحافظات تضررا من هذه السدود هي محافظة ذي قار خصوصا الاهوار التي دخلت على لائحة التراث العالمي”، مشيرا إلى أن “مناطق الاهوار دخلت مرحلة حرجة بسبب قلة الاطلاقات المائية “.

وأشار إلى أن “محافظة ذي قار مهددة بكارثة في حال بقاء الوضع على ما هو عليه”، مطالبا الحكومة بـ”الاسراع بحل ملف المياه مع تركيا واطلاق حصص العراق المائية”.

وكانت لجنة المياه والاهوار البرلمانية، كشفت ففي 12 مايو آيار الماضي، عن عدم تطبيق تركيا الاتفاقية بشأن الحصص المائية العادلة، داعية الحكومة إلى استغلال الحكومة مقررات القمة العربية التي عقدت في المنامة لضمان حصوله على حقوقه المائية من تركيا.

وشدد البيان الختامي للقمة العربية التي عقدت في العاصمة البحرينية المنامة، في 16 آيار مايو الماضي، على أن الأمن المائي العربي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، خاصة لكل من جمهورية مصر العربية وجمهورية السودان، والتشديد على رفض أي عمل أو إجراء يمس بحقوقهما في مياه النيل، وكذلك بالنسبة للجمهورية العربية السورية، وجمهورية العراق فيما يخص نهري دجلة والفرات، والتضامن معهم في اتخاذ ما يرونه من إجراءات لحماية أمنهم ومصالحهم المائية، معربين عن القلق البالغ من الاستمرار في الإجراءات الأحادية التي من شأنها إلحاق ضرر بمصالحهم المائية.

وصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في 22 نيسان أبريل الماضي، إلى العاصمة بغداد في زيارة هي الاولى منذ 13 عاما، فيما وصف رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، زيارة اردوغان الى العراق، بأنها “ليست زيارة عابرة”، وستتضمن لأول مرة وضع الحلول بدلا من ترحيل الأزمات، فيما وقع العراق مع تركيا ، 26 اتفاقية ومذكرة تفاهم تتعلق بمجالات مختلفة أبرزها اتفاقية إدارة الموارد المائية.

ورغم الترحيب الرسمي، فقد أثارت الاتفاقية غضب خبراء المياه لعدم إنهائها الخلاف حول “محلية” أم “دولية” نهري دجلة والفرات، وعدم الوضوح في تحديد كميات المياه التي سيتم إطلاقها إلى العراق، حيث تعتبر أنقرة نهري دجلة والفرات نهرين محليين تركيين، وليسا نهرين دوليين.

وحذر تقرير صادر عن منظمة اليونسكو، فى 1 إبريل نيسان الماضي، بأن يكون العراق مقبل على حرب مياه بحلول العام 2050.

وشهدت الاهوار العراقية العام الماضي، اقسى موسم جفاف منذ إعادة اغمارها بالمياه من جديد بعد عام 2003، بحسب الخبير البيئي جاسم الاسدي.

وأدى ارتفاع درجات الحرارة في العراق إلى انخفاض كبير في هطول الأمطار السنوي، والذي يبلغ حاليا 30 في المئة، ومن المتوقع أن يصل هذا الانخفاض إلى 65 في المئة بحلول عام 2050.

وأصبحت تربية الجاموس “عبّ” على عاتق المربين فغياب المراعي الخضراء أدى إلى ارتفاع “العلف النباتي” من 300 الف دينار للطن الواحد إلى 800 ألف.

ويفقد العراق 100 كيلومتر مربع من الأراضي الزراعية سنوياً نتيجة التصحُّر ويخلُص تقرير، صدر عن وزارة الموارد المائية العراقية، إلى أن موجات الجفاف الشديد المتوقعة حتى سنة 2025 ستؤدي إلى جفاف نهر الفرات بشكل كامل في قطاعه الجنوبي، بينما سيتحوَّل نهر دجلة إلى مجرى مائي بموارد محدودة.

ويشتكي العراق منذ سنوات من السياسات المائية غير العادلة التي تنتهجها تركيا، عبر بناء العديد من السدود على نهر دجلة ما تسبب بتراجع حصصه المائية، وأيضاً إيران، من خلال تحريف مسار أكثر من 30 نهراً داخل أراضيها للحيلولة دون وصولها إلى الأراضي العراقية، بالإضافة إلى ذلك، فاقمت مشكلة الجفاف وقلة الأمطار خلال السنوات الأربع الأخيرة من أوضاع البلاد البيئية والزراعية.

وانخفض الحجم الإجمالي للمياه الواردة من دجلة والفرات بشكل ملحوظ من 93.47 مليار متر مكعب في عام 2019 إلى 49.59 مليار متر مكعب في عام 2020، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى تصرفات دول المنبع.

ورصدت المنظمة من منتصف أيلول سبتمبر 2023 نزوح أكثر من 21 ألفا و700 عائلة بواقع 130 ألفا و788 فردا، أغلبهم من المحافظات الجنوبية، وما تزال هذه المناطق في حالة نزوح بسبب حالات التغير المناخي، وكانت ذي قار الأكبر عددا بحالات النزوح إذ وصل عددهم إلى 7890 عائلة، تليها ميسان، ومن ثم النجف.

ومع حلول كل فصل صيف تضرب الأهوار والأراضي الزراعية أزمة مائية تؤدي إلى انحسار مساحات كبيرة في الأهوار وتقليص الخطط الزراعية بسبب شح المياه الواصلة إلى البلاد من دول المنبع، وأحيانا تبلغ الأزمة ذروتها في بعض المحافظات وتؤثر سلبا على تغذية محطات مياه الشرب بالكميات الكافية لانخفاض مناسيب الأنهار المغذية لها وتحولها إلى ضحلة يعصب تنقيتها.

ا.ب

اضف تعليق