على طاولة النقاش في مجلس النواب العراقي، مقترح أثار جدلاً واسعا داخل البرلمان وعلى المستوى الشعبي، أذ يمنح المسؤولين السياسيين كافة منذ عام 2003، وعائلاتهم، جوازات سفر دبلوماسية مدى الحياة، فيما يراه عدد من أعضاء مجلس النواب العراقي، أنه يتنافى مع مبادئ العدالة الاجتماعية التي تقتضي تحقيق المساواة في التعامل بين المواطن والمسؤول.

المقترح الذي بحث النواب، السبت الماضي، قراءته الأولى، يهدف إلى تغيير المادة 17 من نظام جوازات السفر العراقية، ليمنح كل من أدرجت مناصبهم تحت هذه المادة في قانون 2011، جواز سفر دبلوماسي مدى الحياة، ويكون ذلك بأثر رجعي لكل من شغل تلك المناصب بعد تاريخ 9 أبريل 2003 (تاريخ سقوط النظام السابق)، وكذلك منح هذا النوع من الجوازات لعائلاتهم.

ويأتي على رأس قائمة المناصب التي ينادي النواب بمنحها "جوازات سفر دبلوماسية"، "رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء ورئيس إقليم كردستان والنواب والقضاء الأعلى"، وفي نهاية القائمة الطويلة الأمناء العامين، ومساعديهم من العراقيين، العاملين في المنظمات العربية والدولية الحكومية.

وطال المقترح المعروض داخل البرلمان، اعتراضات وتحذيرات نيابية، معتبرين منح الجواز الدبلوماسي، مرتبطاً بالوظائف الدبلوماسية، والوظائف العامة ذات الطبيعة السيادية، وينتهي بانتهاء أشغال تلك الوظيفة، وليس إرثاً مدى الحياة للمسؤولين وعائلاتهم والمتقاعدين من أصحاب المناصب، ممن شغلوها بعد عام 2003.

واعتبر المعترضون من أعضاء مجلس النواب العراقي، تعديل هذا القانون وفق هذه الكيفية يتنافى مع مبادئ العدالة الاجتماعية التي تقتضي تحقيق المساواة في التعامل بين المواطن والمسؤول، بل ويعمل هذا التشريع على زيادة "أزمة الثقة بين الحكومة والمواطن".

وقال النائب محمد جاسم الخفاجي في وقت سابق، "مضى مجلس النواب بإجراءات تعديل قانون الجوازات بعد ادراجه للقراءة الثانية في جدول أعماله الاول لهذا الفصل، اذ يمنح هذا التعديل امتيازات إضافية للمسؤولين وعوائلهم بمنحهم الجواز الدبلوماسي مدى الحياة".

وأضاف، "لم تنجح مساع كتلة إشراقة كانون من جمع التواقيع الكافية لسحب القانون و اعترض نواب الإشراقة في اكثر من مداخلة على المضي بالتعديلات التي تمنح امتيازات غير مبررة".

وأبدى عضو مجلس النواب العراقي، مصطفى الكرعاوي، في تصريحات، اعتراضه على تعديل قانون الجوازات، "لأنه مرتبط بالسلك الدبلوماسي، والوظائف العليا بالدولة، وينتهي عند نهاية التكليف بشغل الوظيفة".

واضاف: "التصويت على هذا التعديل داخل مجلس النواب، يتنافى مع مبدأ المساواة والعدالة الاجتماعية بالتعامل بين المواطن والمسؤول".

وتابع: "لا نعرف الغاية والوسيلة للقوى السياسية النافذة، من منح الجواز الدبلوماسي للمسؤولين وعائلاتهم مدى الحياة"، لافتاً إلى أن النواب المعارضين للتعديل يجمعون التواقيع النيابية لإيقاف تمريره.

الجواز الدبلوماسي وآلية منحه

وبحسب اتفاقية فيينا المقرة في عام 1961 للعلاقات الدبلوماسية "لا يمكن منح الجواز الدبلوماسي، إلا لمن يستحقه".

وتشير إحصاءات لجنة النزاهة البرلمانية في العراق، أن عدد الجوازات الدبلوماسية العراقية التي مُنحت بعد عام 2003، تتجاوز 45 ألف جواز دبلوماسي، منها 10 آلاف منحت لأشخاص "لا يعملون بالسلك الدبلوماسي".

الخبير القانوني علي التميمي، اعتبر في تصريح، أن آلية منح الجواز الدبلوماسي العراقي لعوائل المسؤولين وأبنائهم، مخالف للقانون والاتفاقات الدولية.

ويحتل الجواز العراقي المرتبة 108 عالمياً وفقاً لمؤشر جايد لترتيب جوازات السفر Guide Passport Index، إذ يتيح جواز السفر العراقي لحامليه السفر بدون تأشيرة إلى 30 دولة، في حين أنهم سيحتاجون إلى الحصول على تأشيرة مسبقة قبل السفر إلى 153 دولة.

ومع استمرار الخلافات بين القوى السياسية داخل البرلمان العراقي، لتمرير قانون الجوازات وفق تعديل يقتضي منح الجواز الدبلوماسي للسياسيين وذوي المناصب وعوائلهم مدى الحياة، لا يمتلك آلاف العراقيين جوازاً للسفر، إذ تبلغ كلفة إصداره 69 دولاراً، بسبب "أوضاعهم المادية".

المصدر: الشرق - النبأ

ع.ع

اضف تعليق