يشهد العراق منذ أسابيع حراكاً سياسياً متزايداً بشأن ضرورة تشريع قانون يحمي الحريات والمعتقدات الخاصة بالأقليات الدينية.

هذا القانون، الذي تأمل مكونات دينية عدة كالمسيحيين، الأيزيديين، الشبك والصابئة المندائيين تقديمه للبرلمان قريباً، يأتي في ظل سلسلة من التشريعات المثيرة للجدل التي لم تراعي التنوّع الثقافي والديني في العراق.

ومن أبرز تلك التشريعات، قانون حظر بيع واستيراد الخمور، وقانون العطل الدينية، إضافة إلى مساعٍ لتعديل قانون الأحوال الشخصية بما يثير قلق الأقليات الدينية في البلاد، كونه يحمل صبغة دينية قد تهمش خصوصيتهم.

مطالب بحماية قانونية لأقليات العراق

في هذا السياق، أعلن عضو البرلمان العراقي عن أقلية الصابئة المندائيين، أسامة البدري، عن مشروع قانون جديد لحماية حقوق الأقليات وضمان حصولهم على وظائف في المؤسسات الحكومية المختلفة، بما في ذلك الجيش والشرطة، قائلاً، أن "هذا القانون يُعد خطوة ضرورية للحفاظ على حقوق المكونات الدينية، في ظل التحديات التي يواجهونها يومياً، بدءاً من الاضطهاد الاجتماعي وصولاً إلى تهميشهم سياسياً".

وأكد البدري، أن "الأيام المقبلة ستشهد مناقشة مسودة القانون مع لجنة حقوق الإنسان في البرلمان"، مشيراً إلى أن "الأقليات تمثل حوالي 10% من سكان العراق، لكنهم تعرضوا على مدار العقدين الماضيين لنزوح جماعي وهجرة واسعة نتيجة للعنف والإرهاب الذي ضرب البلاد".

معاناة الأقليات في ظل المحاصصة السياسية

عضو البرلمان عن مكون الشبك، وعد القدو، أكد أن "المحاصصة السياسية في العراق أضعفت الأقليات بشكل كبير، مما يجعل تشريع قانون يحميهم أمراً في غاية الأهمية.

وأشار القدو إلى، أن "هذه الأقليات تعرضت للاضطهاد والتهميش، وفقدت العديد من حقوقها، لا سيما في المناطق التي شهدت سيطرة الفصائل المسلحة والنزاعات الطائفية.

من جهته، عبّر بطريرك الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية في العراق والعالم، الكاردينال لويس ساكو، عن مخاوفه من أن يصبح العراق خالياً من المسيحيين في المستقبل، مشيراً إلى أن استمرار العنف والتمييز ضدهم يجعلهم يفكرون في مغادرة البلاد.

وأكد ساكو، أن "الجماعات المسلحة تمثل خطراً على المجتمع المسيحي، وأن غياب الإعمار والخدمات في مناطقهم يزيد من صعوبة عودتهم إلى بيوتهم".

تشريع قانوني في مواجهة صعوبات التنفيذ

ورغم دعم الأقليات لفكرة قانون يحمي حقوقهم، إلا أن هناك خشية حقيقية من عدم قدرة الحكومة على تنفيذ هذه التشريعات بشكل فعال.

الناشط السياسي من محافظة نينوى، سنان الشماس، عبّر عن قلقه من آلية تطبيق القانون، مشيراً إلى أن التحدي الأكبر يكمن في مواجهة القوى السياسية الكبيرة التي قد تعرقل تنفيذ مثل هذه القوانين، خصوصاً في ظل وجود أجنحة مسلحة مرتبطة بتلك القوى.

ويأمل ممثلو الأقليات في العراق أن يكون هذا القانون خطوة جدية نحو حماية حقوقهم وضمان تمثيلهم العادل في الحياة السياسية والاجتماعية، بعيداً عن سياسات المحاصصة التي كرّست التمييز والطائفية خلال السنوات الماضية.

ومع استمرار النقاشات في البرلمان حول مسودة القانون، يبقى السؤال: هل سيتمكن العراق من ضمان حقوق جميع مكوناته الدينية في ظل الظروف الراهنة؟

 

م.ال


اضف تعليق