مع فوز دونالد ترامب بولاية رئاسية جديدة، تعود السياسات "الترامبية" لتفرض نفسها على المشهد السياسي الدولي، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط.

اختيارات الرئيس الأمريكي المنتخب لشغل المناصب العليا في إدارته تحمل رسائل واضحة عن توجهه المقبل، حيث أظهرت التقارير تعيين ماركو روبيو وزيراً للخارجية ومايكل والتز مستشاراً للأمن القومي، وهما شخصيتان معروفتان بتوجهاتهما الصارمة تجاه قضايا المنطقة، بما في ذلك الملف العراقي.

رسالة استباقية بتغير السياسة الخارجية

وفقاً لرئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، فإن اختيار ترامب لشخصيات متشددة مثل روبيو والتز يعكس رغبته في توجيه رسالة استباقية بشأن التغيرات المتوقعة في السياسة الخارجية الأمريكية.

هذه الاختيارات تمثل انعكاساً مباشراً لأفكار الرئيس، الذي يرى أن سياسات إدارة بايدن أضعفت مكانة الولايات المتحدة عالميًا.

ويشير الشمري إلى أن العراق سيكون أمام سياسة أمريكية صارمة لا تسمح بـ"مناطق رمادية"، فمبدأ التوازن الذي حاول العراق اتباعه، والذي يوازن بين العلاقات مع واشنطن وطهران، سيتعرض لضغوط شديدة في ظل إدارة ترامب الجديدة.

سياسات مشددة تجاه العراق

ويتوقع المحلل السياسي نزار حيدر أن تكون خيارات ترامب انعكاساً لنهجه القائم على الولاء المطلق لفريقه التنفيذي.

هذه الإدارة، بحسب حيدر، ستضع خطوطاً حمراء واضحة للعراق، بما في ذلك الحد من النفوذ الإيراني، حماية المنشآت الدولية، وضمان عدم تهديد العراق لجيرانه في الخليج.

أحد أبرز الملفات المثيرة للجدل هو مذكرة الاعتقال العراقية بحق ترامب على خلفية اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس.

ويرى حيدر أن هذا الملف سيخلق مشكلة دبلوماسية كبيرة، وقد يدفع واشنطن لاتخاذ إجراءات ضد شخصيات بارزة في القضاء العراقي، مثل رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، الذي يُتهم في واشنطن بالولاء لطهران.

تحالف إنجيلي متشدد

من جانبه، يشير مدير المركز العراقي للسياسات الاستراتيجية غازي فيصل إلى أن "الترامبية" تمثل تياراً إنجيلياً متشدداً يربط بين الولايات المتحدة وإسرائيل على أسس دينية وسياسية.

هذا التيار يهدف إلى دعم إسرائيل عسكرياً واقتصادياً، وفي الوقت نفسه فرض عقوبات مشددة على إيران وحلفائها في المنطقة، بما في ذلك العراق.

مستقبل العراق في ظل "ترامبية متشددة"

خلال ولايته الأولى، وضع ترامب تصورات صارمة للعلاقات مع العراق، شملت تحجيم النفوذ الإيراني، تعزيز الوجود العسكري الأمريكي، وضمان حماية المصالح الأمريكية.

هذه المبادئ قد تعود للواجهة مجددًا، لكن بجرعة أكبر من التشدد، مما يضع العراق أمام خيارات صعبة قد تتطلب إعادة ترتيب أولوياته السياسية داخلياً وخارجياً.

ومع اقتراب تشكيل الإدارة الجديدة، يبقى السؤال: كيف سيتعامل العراق مع الضغط الأمريكي المقبل؟ وهل سيكون قادراً على التوفيق بين مصالحه الإقليمية والدولية في ظل سياسة لا تعترف بالمناطق الرمادية؟


م.ال

اضف تعليق