يشهد العالم تحولًا جيوسياسيًا دراماتيكيًا مع توسع مجموعة البريكس (البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب أفريقيا، الإمارات، وحلفاء آخرون)، التي باتت قوة منافسة غير مسبوقة للنظام العالمي القائم، وفقًا لما أكده الكاتب الصحفي خافيير فيلامور.
وتحولت مجموعة البريكس، التي تأسست عام 2009 كتجمع اقتصادي ناشئ، إلى مركز استراتيجي لما يُعرف بـ "الجنوب العالمي"، هذه المجموعة تضم قرابة نصف سكان العالم وتتفوق بالفعل على مجموعة السبع الكبرى في قطاعات حيوية مثل إنتاج النفط والسيطرة على المعادن الاستراتيجية.
بفضل مبادرات مثل نظام BRICS Pay لتقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي واتفاقيات التجارة بالعملات المحلية، تسعى البريكس إلى إعادة تشكيل النظام المالي العالمي، هذا التحول يمثل تحديًا حقيقيًا للدول الغربية التي اعتمدت لعقود على هيمنتها الاقتصادية والجيوسياسية.
موقف الاتحاد الأوروبي
بحسب فيلامور، يقف الاتحاد الأوروبي أمام مفترق طرق تاريخي؛ إما أن يتكيف مع عالم متعدد الأقطاب تقوده مجموعة البريكس، أو يكتفي بدور المشاهد الذي يتراجع نفوذه تدريجيًا. أوروبا، التي كانت حليفًا استراتيجيًا للولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية، تواجه اليوم أزمة نفوذ متفاقمة في مناطق مثل أفريقيا وآسيا، حيث تفقد جاذبيتها لصالح مقترحات ملموسة تقدمها البريكس.
وأشار الكاتب إلى أن الهيمنة الاقتصادية والبشرية لمجموعة البريكس تشكل تهديدًا مباشرًا لأهداف أوروبا الاستراتيجية، خاصة أجندة التحول الأخضر، مع سيطرة الصين وروسيا على الموارد الأساسية للتكنولوجيا النظيفة، أصبح الاتحاد الأوروبي أكثر عرضة للتبعية.
وتواجه الصناعات الأوروبية، خصوصًا في مجالات التكنولوجيا والتصنيع، منافسة شرسة في ظل سياسات الحماية الاقتصادية المتزايدة من الولايات المتحدة، وتوسع نفوذ البريكس في الأسواق العالمية.
وبينما تنهمك أوروبا في مناقشات بيروقراطية وسياسات مناخية طموحة، تعمل البريكس على تعزيز التنمية المستدامة من خلال استراتيجيات قائمة على الوقود الأحفوري والنمو المتسارع.
ماذا تحتاج أوروبا لتجاوز الأزمة؟
يرى فيلامور أن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى:
1- بناء تحالفات جديدة: خاصة مع الاقتصادات الناشئة وأفريقيا، بعيدًا عن الإملاءات الثقافية والسياسية.
2- تعزيز التنافسية: من خلال الاستثمار في الابتكار التكنولوجي والبنية التحتية والطاقة النووية.
3- الاستقلال الاستراتيجي: تقليل الاعتماد على الولايات المتحدة، مع الحفاظ على شراكة براغماتية معها.
4-إصلاح النموذج السياسي: اتخاذ خطوات جادة للحد من البيروقراطية والتركيز على الأولويات الجيوسياسية.
مع استمرار البريكس في تحدي الهيمنة الغربية، تجد أوروبا نفسها في موقف صعب، فإما أن تواجه التحدي بخطة استراتيجية واضحة، أو أن تتحول إلى قوة هامشية في النظام العالمي الجديد.
م.ال
اضف تعليق