وسط استمرار الجدل حول توقيت الانتخابات البرلمانية العراقية، حذّر الخبير القانوني المستشار سالم حواس من أن تحديد موعد الاقتراع قبل انتهاء المدة الدستورية للمجلس النيابي يمثل مخالفة واضحة للدستور، معتبراً أن هذا القرار قد يضع البلاد أمام مأزق قانوني مزدوج بين تقديم الانتخابات وتأجيلها.

وقال حواس في تصريح لوكالة اعلامية، إن المادة (56) من الدستور العراقي "نصّت بوضوح على أن عمر مجلس النواب أربع سنوات تقويمية كاملة"، مضيفاً أن "إجراء الانتخابات قبل انتهاء هذه المدة يشكل مخالفة شكلية واضحة، لكنها لا تؤدي تلقائياً إلى بطلان العملية الانتخابية".

وأوضح الخبير، أن إبطال الانتخابات يتطلب قراراً صادراً عن المحكمة الاتحادية العليا بعد النظر في الطعون المقدمة، مشيراً إلى أن بيان مجلس القضاء الأعلى بشأن وجود مخالفة "لا يعني بطلاناً تلقائياً، بل يفتح الباب أمام معالجات سياسية أو قانونية لتصحيح المسار".

وأضاف حواس، أن "عدم إسقاط الانتخابات لا يعني التساهل مع المخالفة، بل يستدعي موقفاً حازماً من المؤسسات الدستورية لتصويب الخطأ دون الإضرار بالاستحقاق الانتخابي برمّته".

وفي قراءة أعمق للمشهد، حذّر المستشار القانوني من أن السيناريو المعاكس – أي إعادة الانتخابات بعد الحكم ببطلانها – قد يقود البلاد إلى مخالفة جديدة للدستور، لأن تنظيمها بعد انتهاء المدة المحددة سيعني تجاوزاً آخر للنص القانوني، وهو ما وصفه بـ"الفخّ الدستوري المزدوج".

وأشار إلى، أن هذا التعارض بين مخالفة التقديم ومخالفة التأخير يكشف عن فجوة في النصوص الدستورية تستدعي تفسيراً دقيقاً من المحكمة الاتحادية العليا، أو تعديلاً تشريعياً يحدّد بوضوح الآليات الزمنية لإجراء الانتخابات وحلّ البرلمان، مؤكداً أن "وضوح النص لا يمنع الحاجة إلى تنظيمه بشكل أكثر دقة في التطبيق العملي".

ويرى مراقبون أن تصريحات حواس تأتي في لحظة حساسة من العملية الانتخابية، وسط تساؤلات حول مدى التزام القوى السياسية بالسقف الدستوري الزمني، ومدى قدرة القضاء العراقي على حسم الإشكالات القانونية دون المساس بشرعية العملية الديمقراطية.

ويختم الخبير القانوني حديثه بالتأكيد على أن "احترام المدد الدستورية ليس مجرد إجراء فني، بل هو الأساس الشرعي للانتخابات، وأي تجاوز عليه يضع مؤسسات الدولة أمام تحدٍ مزدوج بين احترام الدستور واستمرار الحياة السياسية".

م.ال

اضف تعليق