تتعرض المواقع الأثرية في العراق إلى ضغوط بيئية ومناخية غير مسبوقة، وسط تحذيرات متصاعدة من انهيار معالم تاريخية تمثل ركناً أساسياً من الهوية الحضارية للبلاد.
ارتفاع درجات الحرارة، وتزايد العواصف الغبارية، وتكرار الفيضانات، إضافة إلى تراجع الغطاء النباتي والنشاط الصناعي غير المنظّم، باتت جميعها عوامل تدفع نحو تشقّق المباني الأثرية وتآكلها بوتيرة مقلقة.
تقول خبيرة التلوث البيئي إقبال لطيف جابر، إن المواقع الأثرية في العراق تواجه اليوم تحديات “عميقة ومعقدة”، لافتة إلى أن الحروب والإهمال الحكومي والتغيرات المناخية أضعفت مناعة هذا الإرث التاريخي.
وتشير جابر إلى، أن موجات الحرارة الشديدة، وارتفاع مستوى المياه، والفيضانات، إلى جانب الأمطار الغزيرة في مناطق مقابل الجفاف في مناطق أخرى، تُخلّف “أثرًا مباشرًا وخطيراً” على المعالم، خصوصًا تلك المشيدة من مواد طينية وحجرية شديدة الحساسية.
وتضيف:
“الحرارة العالية تُجفّف المواد البنائية وتُصدّعها وتغيّر لونها، بينما تحمل الفيضانات أملاحًا ومعادن تسرّع عمليات التآكل.
كما تسهم الأشعة فوق البنفسجية في تكسير الطبقات الخارجية للمنشآت الأثرية، في حين أدى الإهمال بعد عام 2003 إلى ترك العديد من المواقع بلا صيانة، ما جعلها أكثر عرضة للتدهور.”
وتؤكد جابر أن الحدّ من الأضرار المناخية يتطلب حلولاً عملية، أبرزها إنشاء أحزمة خضراء حول المواقع الأثرية تضم أشجاراً ونخيلاً قادراً على:
- تخفيف تركيز الملوّثات في الهواء
- تقليل آثار الأشعة فوق البنفسجية
- امتصاص المياه الفائضة وتقليل خطر الفيضانات
- الحد من شدة العواصف الغبارية والرياح
وتشدد على ضرورة وجود فرق متخصصة تموَّل بشكل كافٍ وتضم خبراء جيولوجيا وكيمياء وبيئة، تتولى مراقبة هذه المواقع وصيانتها بصورة دورية.
من جانبه، يحذر مصطفى الغزي، التدريسي في جامعة واسط وممثلها لشؤون التراث الثقافي، من أن الصناعة العشوائية والاستخدام غير الفعّال للطاقة تسببا في زيادة التلوث وتراجع الزراعة، ما أدى إلى اضطراب المناخ المحلي وتفاقم المخاطر التي تتعرض لها الآثار.
ويقول الغزي: “التغيرات المناخية الحالية تتسبب في التجوية والأكسدة والتميؤ وانهيار التربة وزحف الكثبان الرملية، وهي عوامل تهدد بزوال مواقع أثرية عريقة.”
ويشير إلى أن مواقع تاريخية بارزة تأثرت خلال السنوات الأخيرة، من بينها، أوروك، أور، بابل، عقرقوف، طاق كسرى، واسط الأثرية، وسامراء.
ويجدد الخبراء دعوتهم إلى أن يكون ملف حماية الآثار أولوية وطنية، عبر تعاون الهيئة العامة للآثار والتراث مع الوزارات والجامعات والمنظمات الدولية، واعتماد خطط صيانة مبنية على أسس علمية للحفاظ على الهوية الثقافية التي يهددها التغير المناخي والتلوث.
المصدر:وكالات
م.ال



اضف تعليق