رغم حصول قائمة رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، على أعلى نسبة من الأصوات في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، إلا أن هذا التفوق لا يكفي لضمان ولاية ثانية، فالنظام السياسي العراقي يقوم على تشكيل حكومات ائتلافية تتطلب غالباً ما يقارب ثلثي مقاعد البرلمان البالغ عددها 329 مقعداً، وهو ما لم تحققه أي قائمة بشكل منفرد.

ويقول علاء مصطفى، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، إن "الانتخابات لم تفرز غولاً، بل قوائم متقاربة في الحجم"، ما يجعل مفاوضات تشكيل التحالفات "أمراً حتمياً" لاستكمال الاستحقاق الدستوري.

ويضيف، أن المشهد العراقي ما زال قائماً على توازنات بين شيعة وسنة وأكراد وغيرهم، فيما استقر العرف السياسي منذ عام 2003 على أن تكون رئاسة الحكومة من نصيب الكتل الشيعية.

شارع منقسم بين التفاؤل والخيبة

في أحد مقاهي بغداد، يعكس حديث مجموعة من الشباب صورة الانقسام الشعبي تجاه النتائج.

يقول شاب عشريني: "المناطق الشيعية لا تنتخب سنية، والمناطق السنية لا تنتخب شيعية… لذلك يبقى المشهد محكوماً بالتقسيمات نفسها".

أما زميله فيرى أن "الولايات المتحدة لا تزال ذات تأثير كبير داخل البرلمان… نحن دولة غير حرة بالكامل".

واشنطن والفصائل… تأثير متقاطع

ويبقى الموقف الأميركي عاملاً لا يمكن تجاهله في مفاوضات تشكيل الحكومة، فالولايات المتحدة طالبت مراراً بنزع سلاح الفصائل المسلحة، وهو مطلب لم يتحقق حتى الآن، ما يزيد تعقيدات المشهد، لا سيما أن تلك الفصائل ترتبط بعدد من الأحزاب التي حققت تقدماً في الانتخابات.

ارتفاع ملحوظ في نسبة المشاركة

ارتفعت نسبة المشاركة إلى أكثر من 55% مقارنة بالانتخابات السابقة، وفق مفوضية الانتخابات.

كما قاطع الزعيم الشيعي مقتدى الصدر عملية الاقتراع، لكنه دعا عقب إغلاق صناديق التصويت إلى "السيطرة على السلاح خارج إطار الدولة" واصفاً إياه بأنه "تهديد للعراقيين"، مؤكداً أنه سيبقى "مراقباً للمشهد".

الصدريون كانوا قد فازوا بأغلبية انتخابات 2021، لكنهم انسحبوا لاحقاً بعدما تعذر عليهم تشكيل تحالف يكفل اختيار رئيس للوزراء.

ويرى الخبر السياسي كاظم الياور، أن الصدر "خارج الصورة هذه المرة، لكنه قد يتدخل استراتيجياً إذا ظهرت خلافات بين القوى السياسية أو بين واشنطن وطهران"، سواء عبر مواقف سياسية أو عبر التعبئة الشعبية.

ورغم الزخم السياسي، لا يزال جزء من الشارع العراقي غير مكترث بالانتخابات. تقول شابة حديثة التخرج: "كل ما نريده هو الأمان وفرص عمل أفضل… أما السياسة فلا تغيّر الكثير في حياتنا اليومية".

م.ال

اضف تعليق