في وقت يتصاعد فيه القلق العالمي من تأثيرات الذكاء الاصطناعي على مستقبل الوظائف التقليدية.
تكشف تقارير دولية عن وجه آخر لهذه الثورة التكنولوجية، يتمثل في ظهور مهن جديدة لم تكن موجودة من قبل، ما يشير إلى تحوّل نوعي في طبيعة سوق العمل العالمي.
وبحسب تقرير نشرته وول ستريت جورنال، فإن التوسع المتسارع في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لا يؤدي فقط إلى أتمتة المهام، بل يفرض في المقابل الحاجة إلى وظائف متخصصة تُعنى بفهم هذه الأنظمة وضبط أدائها وضمان استخدامها بشكل آمن وأخلاقي.
وأوضح التقرير، أن من أبرز هذه الوظائف دور «مُفسِّر الذكاء الاصطناعي»، وهو اختصاصي يمتلك معرفة تقنية عميقة تمكّنه من شرح آليات عمل الأنظمة الذكية بلغة مبسطة لصنّاع القرار والجهات التنظيمية والأطباء والقضاة، خصوصًا مع دخول الذكاء الاصطناعي في مجالات حساسة مثل القروض والعلاج الطبي والتوظيف.
كما أشار إلى، وظيفة «مُحدِّد الخيار»، التي تُعنى بمساعدة الشركات على اختيار أنسب أنظمة الذكاء الاصطناعي وفق احتياجاتها، من خلال تقييم قدرات التقنيات المتاحة وتوجيه المؤسسات خلال مراحل الشراء والتشغيل والدمج مع بيئات العمل القائمة.
وفي سياق متصل، لفت التقرير إلى تنامي الحاجة إلى مدققي ومُنقّحي الذكاء الاصطناعي، وهي وظائف تركز على رصد الانحيازات والأخطاء المحتملة في مخرجات الأنظمة الذكية، والعمل على معالجتها عبر إعادة التدريب أو تنقية البيانات، بما يضمن الامتثال للمعايير الأخلاقية والقانونية.
أما الوظيفة الرابعة، فتتمثل في مدرّب الذكاء الاصطناعي، الذي يتولى إعداد برامج تدريب مخصصة للعاملين، تعتمد على تكييف المحتوى التعليمي وفق قدرات واحتياجات كل فرد، ولا سيما للموظفين في منتصف مسيرتهم المهنية أو في المؤسسات الصغيرة.
وفي هذا الإطار، أكدت خبيرة الذكاء الاصطناعي المعتمدة من جامعة أوكسفورد، هيلدا معلوف ملكي، أن وجود مفسّري الذكاء الاصطناعي داخل المؤسسات بات ضرورة لتقليل المخاوف وتصحيح المفاهيم الخاطئة حول هذه التكنولوجيا، مشيرة إلى أن الذكاء الاصطناعي يجب أن يُنظر إليه كأداة تمكينية لا كبديل عن الإنسان.
من جانبه، اعتبر مطوّر البرمجيات ريان داغر أن الوظائف الجديدة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي تمثل فرصة لإعادة هيكلة سوق العمل، مؤكدًا أن الدمج الذكي بين الإنسان والآلة يمكن أن يعزز الإنتاجية ويحد من المخاطر القانونية والأخلاقية.
ويخلص التقرير إلى أن الذكاء الاصطناعي، رغم ما يثيره من مخاوف، يفتح في الوقت نفسه أبوابًا واسعة أمام سوق عمل جديدة تتطلب مهارات متقدمة، ما يجعل تطوير القدرات البشرية شرطًا أساسيًا لمواكبة التحولات التكنولوجية المتسارعة.
م.ال



اضف تعليق