بعد اختتام عملية الاقتراع العام للانتخابات البرلمانية العراقية في 11 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، وإعلان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات عن النتائج الأولية، تدخل البلاد مرحلة جديدة من التعقيد السياسي والدستوري، تبدأ بالطعون القانونية ولا تنتهي إلا بتشكيل الحكومة ومباشرة مهامها رسمياً.
ووفقاً للنتائج الأولية لتوزيع المقاعد في مجلس النواب المقبل – وهي نتائج قابلة للتغيير بعد الطعون – يتصدر ائتلاف الإعمار والتنمية بزعامة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني المشهد بـ 46 مقعداً، تليه كتلتا دولة القانون بزعامة نوري المالكي وتقدم بزعامة محمد الحلبوسي بـ 29 مقعداً لكل منهما، بينما حصل كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف صادقون على 28 مقعداً لكل واحد منهما.
أربع مراحل دستورية لتشكيل الحكومة
الخبير القانوني حميد الصائغ أوضح في حديث للاعلام، أن تشكيل الحكومة يمر بأربع مراحل رئيسية:
- مرحلة الطعون والمصادقة على النتائج من المحكمة الاتحادية.
- مرحلة دعوة رئيس الجمهورية البرلمان الجديد للانعقاد وانتخاب رئيس مجلس النواب ونائبيه.
- مرحلة انتخاب رئيس الجمهورية وتكليف مرشح "الكتلة الأكبر".
- مرحلة الحوارات السياسية بين الكتل الفائزة لتشكيل الحكومة الجديدة.
وأشار الصائغ إلى أن النتائج المعلنة ليست نهائية، إذ يحق للمرشحين الطعن خلال ثلاثة أيام من إعلانها، تليها عشرة أيام للهيئة القضائية للبت في الطعون، على أن تصادق المحكمة الاتحادية على النتائج النهائية بعدها.
وبعد المصادقة، يدعو رئيس الجمهورية البرلمان الجديد للانعقاد خلال 15 يوماً لانتخاب رئيس مجلس النواب ونائبيه، ثم انتخاب رئيس الجمهورية خلال 30 يوماً، بأغلبية الثلثين من عدد الأعضاء، وهو المنصب الذي يؤول عرفياً إلى المكون الكردي.
الكتلة الأكبر وتكليف رئيس الوزراء
وبحسب الدستور العراقي، يُكلف رئيس الجمهورية خلال 15 يوماً من انتخابه مرشح "الكتلة النيابية الأكبر" بتشكيل الحكومة، وهي الكتلة التي يمكنها جمع تحالفات كافية لتشكيل أغلبية داخل البرلمان.
ويملك رئيس الوزراء المكلف 30 يوماً لتقديم تشكيلته الوزارية إلى مجلس النواب لنيل الثقة، قبل أن تعتبر مهمته منتهية في حال الإخفاق، ويُكلف غيره خلال المدة ذاتها.
تحديات سياسية وعودة "الثلث المعطّل"
في السياق ذاته، حذر الباحث في الشأن الانتخابي محمد عواد من احتمال تكرار سيناريو عام 2021، حين أدت أزمة "الثلث المعطّل" إلى تأخير تشكيل الحكومة لأشهر عدة، بعد أن اشترطت المحكمة الاتحادية حضور ثلثي أعضاء البرلمان لانتخاب رئيس الجمهورية.
وقال عواد، إن "التنافس داخل الإطار التنسيقي الشيعي، بين رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني الساعي لولاية ثانية، وزعيم دولة القانون نوري المالكي، قد يعمّق الانقسامات السياسية، خصوصاً في ظل استمرار مقاطعة التيار الصدري".
ورجّح أن تستغرق عملية التفاهم على الرئاسات الثلاث وقتاً طويلاً، مشيراً إلى أن تأثير العوامل الإقليمية والدولية قد يكون حاضراً بقوة في مسار المفاوضات المقبلة، خصوصاً في اختيار رئيس الوزراء، في ظل سعي القوى الكبرى لضبط توازن علاقات العراق الخارجية.
ويُنتظر أن تشهد الأيام المقبلة حراكاً سياسياً مكثفاً بين القوى الفائزة بهدف تشكيل التحالفات الكبرى، فيما تواصل المحكمة الاتحادية النظر في الطعون الانتخابية تمهيداً للمصادقة النهائية على النتائج، التي ستفتح الباب أمام تشكيل حكومة جديدة وسط مشهد سياسي متشابك.
م.ال



اضف تعليق