لا تزال خرائط أفريقيا الرسمية عالقة في الماضي، وغالباً ما تكون إما قديمة، أو غير مكتملة، أو تكون كلتيهما. لكن الحكومات لا تملك الميزانيات اللازمة لإصلاحها، ما يُصعّب إكمال مشاريع معقدة، مثل تحديد مواقع محطات الطاقة الشمسية الجديدة، أو مشاريع بسيطة، مثل توصيل الطرود البريدية. والآن، يجري العمل على خطة جديدة لرسم خريطة للقارة بأكملها باستخدام بيانات الأقمار الاصطناعية، والذكاء الاصطناعي.
خرائط لأفريقيا
يقول سهيل العبد، المدير العالمي للأسواق الناشئة في شركة إيسري Esri، المختصة برسم الخرائط، التي تقف وراء مبادرة أطلق عليها اسم خريطة أفريقيا إنه: ربما لا تتوفر لدى 90 في المائة من الدول الأفريقية خريطة أساسية دقيقة حالية لبلدانها.
وفي فعالية للأمم المتحدة العام الماضي، التقى العبد برؤساء إدارات رسم الخرائط الوطنية من نحو 30 دولة أفريقية. وقال جميعهم تقريباً إنهم لا يملكون خرائط أساسية دقيقة. وتعد الخرائط الأساسية بالغة الأهمية لكل شيء، من التخطيط الحضري إلى الاستجابة للكوارث. ويقول العبد: كان الجميع يشكون من معاناتهم. لم يكن لديهم تمويل.
وفي رحلة العودة بالطائرة، بدأ يفكر فيما يمكن أن تتيحه بيانات الأقمار الاصطناعية. تقليدياً، كان رسم خرائط بلد ما يتطلب تحليق طائرات متخصصة مزودة بأجهزة استشعار، وكاميرات فوق الأرض لمدة شهر، أو أكثر، إلى جانب جمع مكثف للبيانات على الأرض. ويقول العبد: عادةً ما تكون هذه العملية مكلفة للغاية، وتستغرق وقتاً طويلاً.
الذكاء الاصطناعي يحلل البيانات بتكلفة يسيرة
الآن، يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل بيانات الأقمار الاصطناعية، وإنشاء خرائط مفصلة بتكلفة زهيدة. ومن المنتظر أن يُدرب المشروع الجديد الذكاء الاصطناعي على التعرف على المعالم عبر مختلف التضاريس، من الطرق في الصحراء إلى المنازل في الغابات المطيرة. ثم سيُنتج خرائط أساسية تتضمن السمات المادية للمناظر الطبيعية، والمباني، والطرق، والحدود الجغرافية.
سيقوم المشروع أيضاً برسم خرائط لطبقات إضافية، من الحقول الزراعية إلى البنية التحتية الحضرية، والغطاء النباتي. من الممكن رسم خرائط أيضاً لتحليل نوع المحصول، وفصيلة كل شجرة على حدة.
مشروع على نطاق قاري
ورغم استخدام بيانات الأقمار الاصطناعية، والذكاء الاصطناعي في رسم الخرائط، فإن نطاق المشروع على مستوى القارة غير مسبوق.
ويمكن أن تساعد الخرائط الحكومات على تحديث سجلات الأراضي، والتخطيط لكل شيء، بدءاً من أفضل مواقع نشر مزارع الرياح، والطاقة الشمسية، ووصولاً إلى تحسينات البنية التحتية للمواني. كما يمكنها المساعدة في جعل أنظمة الملاحة أكثر دقة. وفي أجزاء من أفريقيا حيث لا توجد عناوين قياسية -ما يُصعّب توصيل الشحنات، أو نشر خدمات الطوارئ- يمكن للخرائط الجديدة أن تُزوّد الحكومات بالتفاصيل التي تحتاجها لإنشاء أنظمة عناوين.
شركة فضائية تتعاون مع مايكروسوفت
وسيُطلق المشروع مطلع العام المقبل، حيث ستُوفّر شركة «سبيس42» Space42 للتكنولوجيا الفضائية -مقرها الإمارات العربية المتحدة- بيانات الأقمار الاصطناعية، وستُوفّر مايكروسوفت البنية التحتية السحابية، وإطار عمل الذكاء الاصطناعي.
ويجب على كل دولة أفريقية تقديم طلب رسمي للمشاركة. وبعد تدريب الذكاء الاصطناعي، سيصبح تحديث الخرائط أقل تكلفة بكثير، وستحصل كل دولة على نظام إدارة بيانات للتحديثات السنوية، أو نصف السنوية.
ويمكن أن يُساعد هذا النهج المناطق الأخرى التي تعاني من نقص في بيانات الخرائط، بما في ذلك أميركا الجنوبية، وأجزاء من آسيا. ويُشير العبد إلى أن «المنصة التي نبنيها لأفريقيا مصممة لتكون قابلة لإعادة الاستخدام، وفعالة من حيث التكلفة لمناطق أخرى، ويمكنها إنتاج خرائط أساسية في أي مكان في العالم».
مجلة فاست كومباني.. خدمات تريبيون ميديا



اضف تعليق