ما أن أعلن عن اغتيال الروائي والأكاديمي علاء مشذوب في مدينة كربلاء المقدسة من قبل مسلحين مجهولين يستقلون دراجة نارية، حتى اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي مندّدة بهذه المحاولة، التي عدت جزءا من موت الكلمة الحرة وصناعة الجمال.
ففي الساعة السابعة مساء، كما يقول شهود عيان في المنطقة، كان مشذوب عائدا من أمسية ثقافية أقامها اتحاد أدباء كربلاء، وهو يقود دراجته الهوائية كما هي عادته في كل يوم، حيث يتنقل بها داخل المدينة القديمة، حتى اعترضه مجهولون وأطلقوا عليه 13 رصاصة ليبقى نازفا دمه حتى فارق الحياة.. الأمر الذي جعل مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة الفيسبوك تعج بالكلمات والترحم والتنديد والمواجهة. فقد نشر على وقع اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين خبر النعي الأول وجاء فيه "لغزُ الحياة وحيرة الألباب أن يستحيل الفكر محض تراب.. ينعى الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق الروائي علاء مشذوب الذي اغتيل مساء السبت 2/ 2/ 2019 في حادث جبان في مدينته كربلاء. والاتحاد يدين هذه الجريمة الدنيئة بحق مثقف في وطن الثقافة، ويطالب بفتح تحقيق عاجل ونزيه للكشف عن الذين ارتكبوا الجريمة أيّاً كانوا. الذكر الطيّب للفقيد العزيز (أبو مصطفى) والصبر الجميل والسلوان لأهله وذويه ومحبيه".
وكتب الروائي وارد بدر السالم "اغتيال علاء مشذوب في كربلاء خبر صادم ولا يمكن تصديقه بسهولة. شخصياً لم أستطع استيعاب الحادثة بعد، لكن اتصالاتنا المستمرة مع كربلاء ومع المقربين من الراحل تؤكد اغتياله هذا المساء، عندما كان خارجاً من أمسية اتحاد الأدباء! خبر أكثر من صادم وجارح ومؤلم جدا". أما الروائي أحمد سعداوي فقد نشر على صفحته "أي خسّة ونذالة وجبن أن تطلق النار على شخصٍ أعزل إلا من كلماته وأحلامه. العزاء لعائلة الكاتب والناشط علاء مشذوب، وللوسط الثقافي العراقي ولكل محبي وأصدقاء الفقيد، الذي اغتيل مساء (هذا اليوم) بـ13 رصاصة أطلقها عليه مجهولون وأردته قتيلاً أمام بيته في مدينة كربلاء. العار سيلاحق المجرمين والقتلة أينما كانوا. والعار سيلاحق السلطات المحلية في كربلاء ومن خلفهم أجهزة وزارة الداخلية، إن لم تسارع للكشف عن الجناة وتقديمهم للعدالة بأسرع وقت.. فلترقد بسلام عزيزي علاء، لقد ارتحت من محنتنا الكبيرة". وكتب رئيس الملتقى الفلسفي سليم جوهر "لا أدري كيف طاوعت نفسها الرصاصات (13) أن تخترق قلبك المسكون بالمحبة والسلام صديقي علاء مشذوب، يا لهم من مساكين يبغضون المحبة ويرفضون السلام".
فيما كتب الشاعر نوفل الحمداني أمين الشؤون الثقافية في اتحاد أدباء كربلاء كلمة "فجيعةٌ كبرى.. وخسارةٌ فادحة.. تلك التي حلت بكربلاء قبل قليل باغتيال نخلتها الباسقة وقامتها السامقة الروائي والناقد علاء مشذوب، يا فخامة الرئيس.. ستبكيك.. جمهورية باب الخان كثيراً وستشكرك لأنك أنبأتها أن اختلاف الرأي يقتلُ للودِ ضحية.. إلى رحمة الله". أما الناقد العراقي أمجد نجم الزيدي فقد اختصر كلمته بقوله "كلنا مشاريع للاغتيال برصاصات التخلف والجهل 13 رصاصة غادرة تغتال الروائي علاء مشذوب.. إنا لله وإنا إليه راجعون.. خبر صادم".
من جهته كتب رئيس مهرجان النخيلة الثقافي الناشط حميد الهلالي "كربلاء للشرفاء كربلاء ليست للقتلة.. كربلاء لجمهورية علاء مشذوب باب الخان ولحمام اليهودي ولروايته الجميلة.. كربلاء مدينة السلام.. من يريد جوار الحسين فليتخلق بأخلاقه العظيمة… كربلاء مدينة قالت قولتها بصوت علاء مشذوب هيهات منا الذلة.. كان بطلا متصديا شجاعا جريئا.. مهما فعلتم لن نترك الوطن لكم أيها القتلة… ازهرت دماء الشرفاء والوطنيين وأنتم إلى مزابل التاريخ.. ستطاردكم دماء الشرفاء الأحرار.. هل يعقل أن يقتل الإنسان لكلمة لرأي ماذا تختلفون عن صدام… سيبقى صوت العراق صوت الإبداع الصوت الوطني والمنتمي للعراق، رغم أنوفكم وسننتصر… الرحمة إلى روح فقيدنا الكبير الروائي الفذ والوطني الصادق علاء مشذوب".
في حين قال مدير دار سطور للنشر بلال البغدادي، إنه في الوقت الذي يستنكر عملية الاغتيال التي طالت الروائي العراقي، فإن الدار ستقيم حفل التوقيع الذي كان من المزمع إقامته في اليوم الثاني من معرض بغداد الدولي للكتاب احتفاء بصدور روايته الجديدة "شارع أسود" وأن هذا اليوم الذي أراده الروائي حفلا كبيرا سيتحول إلى عرس ثقافي. أما صديقه الروائي علي لفته سعيد فقد عبّر عن مأساته مختصرا "قتل علاء مشذوب.. أي حرف يستقيم.. أي كلمة ترتل.. أي عزاء يكفي.. أي دموع تغسل الحزن.. أي صورة توضح ابتسامتك يا علاء.. أي وطن يكفي لتهريب الرصاص".
فيما نعت نقابة المعلمين على صفحتها الرسمية "بمزيد من الحزن والأسى.. تنعى نقابة معلمي كربلاء المقدسة فقيدها المغدور الروائي والناشط المدني علاء مشذوب.. الذي اغتيل مساء هذا اليوم بثلاث عشرة رصاصة في قلبه النابض بالحب والحياة.. أسكنه الله جنانه الواسعة وألهم ذويه الصبر والسلوان.. وإنا لله وإنا إليه راجعون". وكتب رئيس فرع اتحاد الأدباء في كربلاء الشاعر عمار المسعودي "لماذا؟ كان يود الوصول إلى بيته ويطرق الباب وتفتح له ويشرب شايا مراً قبل الجيكارة.. ويقول لامرأته.. ماذا ينقصك لغدائنا غدا.. وبعد أن يكمل كل ذلك.. يستعد للصعود لإكمال روايته.. لقد اكتملت يا ابا مصطفى الرواية كنت بطلها المقتول….لماذا ااااا؟".
والروائي الراحل تخرج في كلية الفنون الجميلة في جامعة بغداد عام 1992-1993، وحاصل على ماجستير فنون جميلة عام 2008 – 2009، وعلى دكتوراه فنون جميلة عام 2013- 2014. عضو نقابة الفنانين العراقيين، وعضو نقابة الصحافيين العراقيين، وعضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، وعضو في جمعية السلم والتضامن. أصدر أكثر من 25 كتابا بين الرواية والقصة والرحلات وعن السينما والدراما والجسد.
المصدر: صحيفة القدس العربي
اضف تعليق