وكالة النبأ
كشف تقرير للكاتبين بن فريمان ونيك كليفلاند عن تمويل مراكز الأبحاث في الولايات المتحدة، حيث أظهر أن هذه المؤسسات التي يُفترض أنها مستقلة تتلقى تمويلًا ضخمًا من حكومات أجنبية وشركات دفاعية وحتى الحكومة الأمريكية، ما يثير تساؤلات حول مدى تأثير هذه الأموال على توجهاتها البحثية.
بحسب قاعدة البيانات الجديدة موقع متتبع تمويل مراكز الأبحاث، فإن الحكومات الأجنبية وحدها ضخت أكثر من 110 ملايين دولار إلى أبرز 50 مركز أبحاث في أمريكا خلال السنوات الخمس الماضية. وكانت الإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة وقطر في مقدمة المانحين، حيث قدمت 16.7 مليون دولار، و15.5 مليون دولار، و9.1 مليون دولار على التوالي.
وتصدرت مؤسسة بروكينغز، ومجلس الأطلسي، وصندوق مارشال الألماني قائمة المؤسسات الأكثر تلقّيا للأموال الأجنبية، حيث حصلت على 17.1 مليون دولار، و20.8 مليون دولار، و16.1 مليون دولار على التوالي منذ عام 2019.
شركات الدفاع تضخ الملايين
إلى جانب الحكومات، لعبت شركات الدفاع الأمريكية والدولية دورًا رئيسيًا في تمويل مراكز الأبحاث، حيث قدمت أكبر 100 شركة دفاعية أكثر من 34.7 مليون دولار خلال نفس الفترة.
وكانت نورثروب غرومان (5.6 مليون دولار)، ولوكهيد مارتن (2.6 مليون دولار)، وميتسوبيشي (2.1 مليون دولار) من بين المانحين الرئيسيين. واستفاد مركز الأمن الأمريكي الجديد، ومجلس الأطلسي، ومركز الدراسات الاستراتيجية والدولية من هذه الأموال، حيث حصلوا على 6.6 مليون دولار، و10.2 مليون دولار، و4.1 مليون دولار على التوالي.
الحكومة الأمريكية في قلب التمويل
ورغم الانتقادات المستمرة حول تأثير المال السياسي على الأبحاث، فإن الحكومة الأمريكية نفسها قدمت أكثر من 1.49 مليار دولار لمراكز الأبحاث منذ عام 2019. والمثير للجدل أن 1.4 مليار دولار من هذا المبلغ ذهب إلى مؤسسة راند، التي تعمل مباشرة مع الحكومة الأمريكية.
غياب الشفافية يثير المخاوف
قام التقرير بتقييم شفافية أكبر 50 مركز أبحاث عبر نظام تقييم من خمس نقاط. وكانت النتائج مثيرة للقلق:
9 مراكز فقط (18٪) تُعتبر شفافة تماما.
23 مركزًا (46٪) شفافة جزئيا.
18 مركزًا (36٪) تعتمد على "الأموال المظلمة"، أي أنها لا تكشف عن مصادر تمويلها.
ويثير هذا الغموض تساؤلات جدية حول مدى استقلالية مراكز الأبحاث، خصوصا عندما يكون بعض الباحثين مرتبطين بحكومات أجنبية أو شركات كبرى، ما قد يؤدي إلى تضارب المصالح والتأثير على سياسات الولايات المتحدة.
يقترح التقرير عدة خطوات لمعالجة هذه القضية، أبرزها:
إلزام الإعلاميين بالكشف عن أي تضارب في المصالح عند استضافة خبراء من مراكز الأبحاث.
سن قوانين تجبر هذه المؤسسات على الإفصاح عن الجهات المانحة التي تقدم أكثر من 10,000 دولار.
وضع معايير أكثر صرامة لتسجيل المراكز التي تمارس أنشطة لصالح جهات أجنبية ضمن قانون تسجيل الوكلاء الأجانب .
إنهاء ظاهرة "الأبحاث المدفوعة" وضمان استقلالية الدراسات الصادرة عن هذه المراكز.
تكشف هذه الأرقام عن مدى النفوذ الذي يمارسه المال على مراكز الأبحاث الأمريكية، ما يضع علامات استفهام حول استقلاليتها ودورها في تشكيل السياسات العامة. وبينما تزداد الدعوات للشفافية، يبقى السؤال الأهم: هل يمكن حقا فصل البحث الأكاديمي عن تأثير المال السياسي؟
اضف تعليق