أثار إعلان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر عدم مشاركة تياره في الانتخابات البرلمانية المقبلة، مخاوف من غياب المعارضة الفاعلة في البرلمان العراقي، وسط تقديرات بأن الخطوة ستعيد تشكيل التوازنات السياسية داخل البيت الشيعي وتفتح الباب أمام صعود قوى أخرى.

وأكد الصدر، في بيان صدر يوم الخميس، أن قرار الانسحاب من العملية الانتخابية جاء نتيجة "هيمنة الخارج وقوى الدولة العميقة"، معتبراً أنه "لا فائدة تُرجى من مشاركة الفاسدين والتبعيين"، في إشارة إلى النفوذ السياسي الذي قال إنه يعطل الإصلاحات.

قرار الصدر جاء مفاجئاً للبعض، خاصة بعدما دعا أنصاره مؤخراً إلى تحديث سجلاتهم الانتخابية، وهي خطوة فُسرت سابقاً على أنها تمهيد للمشاركة في الانتخابات.

وبحسب محللين، فإن غياب التيار الصدري، الذي حصل على غالبية المقاعد البرلمانية قبل انسحابه من العملية السياسية عام 2022، سيعزز من فرص التحالفات الشيعية التقليدية، مع ترجيحات بإحياء التحالف الشيعي السابق.

ويرى مراقبون أن هذا التطور قد يمنح رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني مساحة أكبر للتحرك، خصوصاً مع تكهنات بأنه يسعى لتشكيل تحالف مستقل بعيداً عن "الإطار التنسيقي"، ما قد يعزز حظوظه في البقاء في منصبه بعد الانتخابات المقبلة.

وفي ظل غياب التيار الصدري، يبرز تساؤل حول مصير المعارضة داخل البرلمان، حيث كان التيار الصدري أحد أبرز اللاعبين في مشهد المعارضة خلال الدورات السابقة.

ويؤكد فهد الجبوري، عضو تيار الحكمة، على أهمية تمثيل التيار الصدري داخل مجلس النواب، مشيراً إلى أن "التيار الصدري جزء أساسي ومهم من الوضع العراقي، ولديه قاعدة جماهيرية واسعة لا يمكن تجاهلها".

من جهته، يرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية، عصام الفيلي، أن غياب الصدر عن المشهد الانتخابي قد يسمح بظهور قوى سياسية شيعية جديدة، لكنه في المقابل يفقد البرلمان أحد أهم أقطاب المعارضة، ما قد يؤثر على التوازن السياسي في البلاد.

وقال الفيلي: "الصدر يدرك أن الطبقة السياسية فشلت في معالجة الملفات الحيوية، لا سيما ملف الفساد الإداري، ولذلك هو يرى أن لا جدوى من العودة إلى المشهد الانتخابي، طالما أن القرار السياسي ما زال مرتبطاً بتأثيرات خارجية".

وأضاف الفيلي أن "انسحاب الصدر سيغير شكل المنافسة السياسية، حيث ستنكب القوى الشيعية على إعادة ترتيب أوراقها، فيما ستجد القوى السنية والكردية نفسها أقرب إلى رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، الذي قد يصبح التحدي الأكبر لكثير من الأطراف السياسية".

وأكد أن "الصدر يمتلك قاعدة جماهيرية قادرة على التأثير في أي حكومة، كما أن الأحداث السابقة أثبتت أن الشارع العراقي قادر على تغيير المعادلة السياسية، مثلما حدث في احتجاجات تشرين، التي أدت إلى تغيير قانون الانتخابات".

م.ال

 


اضف تعليق