في مثل هذا اليوم من شهر نيسان/أبريل قبل اثنتي عشرة سنة، وُلد ملتقى النبأ للحوار كمبادرة فكرية مستقلة، تستند إلى الإيمان العميق بأهمية الحوار البنّاء، والانفتاح الواعي، والعمل الجماعي من أجل بناء مجتمع أكثر وعيا واستقرارا.

انطلقت مسيرتنا بعد أن شهد العراق تصاعد التوتر الطائفي والسياسي والاعتصامات في مدن غرب العراق، مع عودة نشاط تنظيم القاعدة، الذي أعلن في العام نفسه اسم "الدولة الإسلامية" (داعش)، ولاحقا شهد العراق سلسلة من العمليات الإرهابية الكبيرة، خاصة في العاصمة بغداد ومناطق أخرى.

وفي الشهر ذاته، أُجريت الانتخابات المحلية في 20 محافظة عراقية، باستثناء الأنبار ونينوى لأسباب أمنية، وتعقّد الأمر أكثر مع توتر العلاقات مع إقليم كردستان حول النفط والميزانية والمناطق المتنازع عليها.

ومع ظهور بوادر أحداث كبيرة ومفصلية قبل عام 2014 غيّرت مجرى الأوضاع الأمنية والسياسية في البلاد، منها سيطرة تنظيم داعش على مناطق واسعة، رافقها انهيار أمني راح ضحيته آلاف الضحايا والنازحين والمهجّرين، جاءت فكرة تأسيس ملتقى النبأ للحوار كمواكبة للأحداث واستباق لأخرى، نتيجة قراءة موضوعية وحوارات مطوّلة.

عُدَّ الملتقى الأول من نوعه، انطلاقا من حاجة ملحّة، إذ كانت الساحة العراقية تخلو من منتديات سياسية وحوارية، في وقت كانت البلاد مقبلة على انتخابات برلمانية، وصراعات حول منصب رئاسة الوزراء، تزامن ذلك مع التدخل الدولي في العراق سياسيا وعسكريا.

أدوار وإنجازات

على مدى اثنتي عشرة سنة، قام ملتقى النبأ للحوار بأداء أدوار محورية تمثّلت في:

 أولا. اضطلع بدورٍ دبلوماسي فاعل من خلال استضافة عدد من البعثات الدبلوماسية والمنظمات، وتبادل الزيارات مع شخصيات سياسية وأكاديمية مرموقة، مما أسهم في تعزيز جسور التفاهم والحوار المحلي والدولي.

 ثانيا. إنتاج غزير من البحوث والدراسات الرصينة، إضافة إلى محتوى رقمي متنوع شمل الأخبار والمقالات التحليلية والمواد التوعوية، ليكون الملتقى منصة فكرية إعلامية تواكب المتغيرات وتسهم في صناعة الوعي.

 ثالثا. تنظيم مئات الحوارات والندوات وورش العمل التي جمعت باحثين، ومسؤولين، ومؤسسات مجتمع مدني، ومنظمات دولية، وبعثات دبلوماسية، ووسائل إعلام في نقاشات مسؤولة حول القضايا السياسية والاجتماعية والدينية والتنموية.

 رابعا. إصدار تقارير وتحليلات استراتيجية ساهمت في تعزيز الفهم العميق للواقع العراقي، وتقديم توصيات لصنّاع القرار.

 خامسا. إطلاق حملات وطنية، منها: قانون التقاعد والضمان الاجتماعي، وحملة نحو عراق_أخضر التي تسعى إلى نشر الوعي البيئي وتعزيز مفهوم التنمية المستدامة، وحملات توعية في مجالات إنسانية وعلمية متنوعة.

 سادسا. بناء جسور التواصل مع الجامعات والمؤسسات الدولية، وتقديم منصة مفتوحة للحوار بين مختلف التوجهات الفكرية والسياسية.

 سابعا. تبنّي قضايا حقوق الإنسان والحريات العامة، والدفاع عن قيم المواطنة، والتسامح، والعدالة الاجتماعية.

نحو المستقبل

وفي إطار رؤيتنا للمستقبل، نولي اهتماما متزايدا بدفع التوجهات التنموية الهادفة إلى القضاء على الفقر أو التخفيف من نسبته، ومعالجة البطالة والتضخم، باعتبارها تحديات أساسية تمس الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.

كما نؤمن بأهمية تعزيز التماسك الاجتماعي، الذي تُعد الأسرة ركيزته الأساسية، من خلال العمل على خفض نسب الطلاق والحد من انتشار المخدرات، بما يسهم في حماية النسيج المجتمعي.

وفي هذا المسار، نواجه تحديات أخرى لا تقل أهمية، منها ضعف المشاركة السياسية للشباب، واتساع الفجوة بين المواطن وصنّاع القرار، وتراجع الثقة بالمؤسسات، إضافة إلى التحديات البيئية، والتحديات المرتبطة بالتحول الرقمي والأمن السيبراني، وهي قضايا تتطلب تضافر الجهود وتكامل الأدوار بين مؤسسات الدولة والمجتمع المدني.

وإذ نحتفل بهذه الذكرى المهمة، نؤكد التزامنا بمواصلة رسالتنا، وتوسيع نطاق أنشطتنا لتشمل مجالات جديدة في الحوكمة، والبيئة، والشباب، والتحول الرقمي، إيمانًا بأن الحوار هو الطريق الآمن نحو بناء الدولة العادلة والمجتمع المتماسك.

شكر وامتنان

وها نحن اليوم، إذ نُحيي الذكرى الثانية عشرة لتأسيس الملتقى، نقف بفخر وامتنان أمام المسيرة التي امتدت عبر سنوات من العمل الجاد والتفاعل الحيوي مع قضايا الوطن والمواطن.

نعرب عن شكرنا وامتناننا لكل من شاركنا هذه المسيرة من شركاء وأصدقاء وباحثين ومؤسسات.

كما نؤكد أن أبوابنا ستبقى مفتوحة لكل صوتٍ حرٍّ يسعى إلى الإصلاح والتغيير من أجل عراقٍ أكثر سلامًا وعدلا.

هوية الملتقى

ملتقى النبأ للحوار هو مركز فكري مستقل يُعنى بإنتاج وتبادل الرؤى والتحليلات المتعلقة بالشأن العراقي والإقليمي والدولي، ويعمل على تعزيز ثقافة الحوار والتعايش، ودعم السياسات العامة المستندة إلى مبادئ حقوق الإنسان والتنمية المستدامة.

رسالتنا

إرساء ثقافة حوارية رشيدة تعزّز الاستقرار المجتمعي، وتسهم في بناء مؤسسات الدولة والمجتمع على أسس العدالة والمشاركة واحترام التنوع.

 

ملتقى النبأ للحوار

حوارٌ من أجل الإنسان، وطنٌ يتسع للجميع

24 نيسان 2025



اضف تعليق