توقع الكثيرون ان يمر تفجير "الكرادة"، وسط العاصمة العراقية بغداد، حاله حال الكثير من العمليات الإرهابية التي ابتلي بها الشعب العراقي، بعد عام 2003، من دون عقاب لمن قصر في عمله.
ومع ان استقالات وإقالات كثيرة، حدثت بعد أيام من التفجير، الذي راح ضحيته المئات بين شهيد وجريح، الا ان أهالي الضحايا مازالوا يشعرون بالغبن والتهاون ورخص الدماء العراقية، التي اعتاد المواطنون فيها الى لملمة جراحاتهم، ودفن ذويهم، وترميم أماكن رزقهم، بعد كل مصيبة او امتحان يمر عليهم.
ولعل "أبو احمد" الذي اعتاد ان يمر من امام "موقع الجريمة الكبرى"، على حد وصفه، كان يتوقع ان يطيح "هذا الحادث المأساوي"، بكل "الفساد الذي يبتلع المنظومة الأمنية، والمحاصصة السياسية التي حاصرت تقدم الديمقراطية في هذا البلد، وانتجت حكومات فاشلة لم تصمد امام العمليات الإرهابية المتواصلة".
في حين خالف (م.ر) في حديثه لمراسل وكالة النبأ للأخبار، توقع "أبو احمد" بالقول: ان "النتيجة معروفة سلفا، كل ما سيبقى في الذاكرة، مجموعة صور وفديوهات تذكرنا بما حدث من (مجزرة) مروعة وقعت في الكرادة".
مضيفا: "من الصعب تصور تغيير جذري في أداء الحكومة، بعد عشرات التفجيرات الإرهابية الضخمة التي وقعت في بغداد وكربلاء والنجف وبابل وغيرها، والتي لو وقعت في بلدان أخرى لهزت الجميع بدون استثناء".
بعد أسبوعين، شارع الكرادة داخل المنكوب، فتح امام حركة السيارات والأشخاص، وعادت الحياة الطبيعية الى الأسواق والمحال المجاورة لمكان الحادث، باستثناء الذكريات الأليمة التي احتفظ بها اهالي الضحايا ومن فقد أصدقاءه او عاش لحظة الانفجار ونجا منه بأعجوبة طبعا...!
كانت الفرصة الوحيدة السانحة امام الإعلاميين والمنظمات الحقوقية وحتى ضحايا الإرهاب، هي الأيام الفاصلة بين مكان وقوع الجريمة بكل ما تحويه من تفاصيل الرعب ورائحة الموت، وبين إعادة الحياة لهذا الشارع الحزين، والتي ستغير حتما، معالم الأجساد التي التصقت بالجدران من شدة الانفجار.
الفرصة من اجل التوثيق، والاحتفاظ بالذكرى، قبل ان تأكل الأيام موقع سيبقى شاهد على عصر الإرهاب الذي غيب مئات الالاف من العراقيين، وابعدهم عن أهلهم وامانيهم وذكرياتهم واحلامهم، سيما وان مطالب تحويل "مكان الانفجار" الى متحف يختزل الإرهاب العالمي والفكر التكفيري الذي نال العراق منه "حصة الأسد"، لم تلقى اذان صاغية في بلد ينتظر المزيد من اشباه "انفجارات الكرادة" ويستعد لتوديع المزيد من ابناءه في "مواكب الموت" التي لا تنتهي.
تصوير: علي خالد الخفاجي
تحرير: باسم الزيدي
اضف تعليق