مع اقتراب حلول شهر الأحزان والآلام شهر محرم الحرام 1438للهجرة، وفي مساء يوم الأربعاء السادس والعشرين من شهر ذي الحجّة الحرام1437للهجرة (28/9/2016م)، وفد المئات من المبلّغين والخطباء الحسينيين ـ كالسنوات السابقة ـ على بيت المرجعية الدينية بمدينة قم المقدّسة، واستمعوا إلى الكلمة القيّمة للمرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله.
الوفود تضمنت العديد من الفضلاء والمبلّغين وطلبة العلوم الدينية من مدينة قم المقدّسة وأصفهان وباقي المدن الإيرانية.
فيما يلي، قبسات من كلمة سماحته دام ظله:
في مستهلّ كلمته القيّمة أشار سماحة المرجع الشيرازي دام ظله إلى قضية نشر الإسلام الحقيقي، وقال: مع توفّر الكثير من وسائل الإعلام وتنوّعها، يجدر أن نعرّف ثقافة الإسلام الأصيل إلى المجتمعات البشرية بالعالم بشكل يوازي ما ذكره القرآن الكريم، وهو قوله عزّ من قائل: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا) سورة الأعراف: الآية158. فما نشهده اليوم من أعمال بهذا الصدد يستحقّ التقدير، ولكنه قليل، ومسؤوليته تقع علينا جميعاً. وهذه المسؤولية العامّة هي أكبر وأهمّ على صنفين، وهما: العلماء وحكّام الدول الإسلامية.
وأوضح سماحته: وليس العلماء من كان فقيهاً أو أستاذاً بالحوزة وأمثالهما فقط، بل كل من تعلّم وعرف من علوم الدين، ويبذل جهوداً في هذا السبيل، فهو عالم بمستوى ما عنده من علم، وهو مسؤول أيضاً. والأمراء والحكّام فدورهم أكثر تأثيراً لما لهم من قدرة وإمكانات. وهذان الصنفان، أي العلماء والحكّام، لهما التأثير الأكثر في نشر الإسلام الحقيقي.
وحول تأثير وسعة قدرات الحكّام، قال سماحته: لدينا العشرات من الدول الإسلامية، وإن افترضنا أنها ثلاثين دولة مثلاً، فحتى هذا العدد من الدول الإسلامية لديها الألوف من الممثّلين والسفراء. فكم سعى هذا العدد الكثير من الممثّلين والسفراء في نشر الإسلام؟ فربما نحن مقصّرون في هذا العمل الضعيف؟ ونرجوا أن لا نكون ممن تنتابهم الحسرة والخسران في اليوم الذي تكشف فيه الحقائق، أي يوم القيامة.
بهذا الصدد ذكر سماحته مثالين، وقال: ذات ليلة ذهب أبو ذر مع رجل إلى النبيّ الكريم صلى الله عليه وآله، فوجدوه حزيناً. وذهبا إليه صلى الله عليه وآله في اليوم الثاني فوجداه مسروراً. فسألاه عن ذلك، فقال صلى الله عليه وآله: بقي عندي درهمين من بيت مال المسلمين، ولم أجد من يستحقّ العطاء. والمثال الآخر هو أنه ذكروا بأن الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان ذات يوم بين يديه كمية من القرنفل (من أنواع الورد)، فجاء أحد الأصحاب وطلب منها. فأدخل الإمام يده في جيبه وكان فيه من ماله الشخصي واستخرج منه درهماً وأعطاه لذلك الصحابي، وقال له خذ هذا حالياً، وإن زاد من هذا القرنفل شيئاً وبعد تقسيمه على المسلمين، سأعطيك من سهمي الشخصي.
وعقّب سماحته بقوله: إن الدرهمين الذين قتّرا راحة بال رسول الله صلى الله عليه وآله، وهذا المقدار من ...الذي اعتبره الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه من الحقّ العام للمسلمين، هما نموذجان فريدان، ويجب أن نوصل ذلك للبشرية. فيجب أن تعرف البشرية ما هو الإسلام الأصيل.
كما ذكر سماحته مثالين آخرين هما عكس المثالين الآنفي الذكر، وقال: كان أبو ذر حاضراً ذات مرّة عند أحد الخلفاء، وجيء للأخير بخراج أفريقيا، وكان قرابة خمسائة ألف دينار ذهب أو أكثر. فسأله أبوذر: ماذا ستفعل بهذه الأموال؟ فقال الخليفة: أنتظر أن يأتيني المزيد منها لكي أقسّمها حسب رغبتي. وهذا نموذج واحد من الإسلام غير الحقيقي. وأتوا كذلك ذات يوم بخراج مصر إلى معاوية وكان قرابة ثلاثة ملايين ديناراً، أي تقريباً عشرة أطنان ذهب. وكان معاوية كعادته دائماً يأخذ منها بمقدار الثلث لنفسه. وذكروا أن هارون العباسي صرف وبذّر في زواجه من زبيدة خمسة عشر طنّاً من الذهب.
وقال سماحة المرجع الشيرازي دام ظله: لقد قال الإمام الحسين صلوات الله عليه في خطبته المعروفة أنه يريد أن يسير بسيرة جدّه وأبيه صلوات الله عليهما وآلهما، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر. ونحن مسؤولون اليوم بهذا الصدد، وخير فرصة لتبيين الإسلام وإقامة العزاء الحسيني هو شهر محرم وشهر صفر. فيجب أن تنتشر الشعائر الحسينية أكثر وأكثر. وعلينا أن لا نتعب من الضغوطات والآلام التي تأتينا من بعض، وعلينا أن نغتنم الفرص.
وأضاف سماحته: قام العلاّمة الأميني بطباعة كتاب الكامل في الزيارات مع هوامشه المختصرة، في النجف الأشرف طباعة خطية. وكانت من هوامشه الأكثر تفصيلاً هي حول تأكيده على حفظ الشعائر. فيجب الدفاع عن الشعائر حتى لو وصل ذلك لمستوى القتل في هذا السبيل. فالأئمة صلوات الله عليهم أوصوا بإحياء الشعائر.
وأشار سماحته إلى مراسيم الزيارة الأربعينية الحسينية المقدّسة، وقال: يقع الحمل الثقيل والرئيسي لخدمة الزائرين على عاتق الفقراء، بحيث ان بعضهم يقوم ببيع بيته ليخدم في هذا السبيل. وهذا يعني ان الفقراء قد خاضوا الامتحان. وأقول للتجّار والحكّام المسلمين ان الإمام الحسين صلوات الله عليه هو للكل وللجميع، فيجب عدم التقصير في خدمة زائريه صلوات الله عليه. فعلى التجّار والحكّام والمسؤولين أن يوفّروا السكن للزائرين في كربلاء وأطرافها، فهذا الأمر لا يمكن تحقّقه بالكامل على يد الفقراء، بل هو خارج قدراتهم.
الأمر الآخر هو قضية نقل الزائرين. فتوفير وسائط النقل وفتح الطرق للزائرين هي مسألة مهمّة جدّاً،. ومثال ذلك نجده في أماكن أخرى. فمن الضروري إحياء الشعائر الحسينية وتكريم الزائرين وتوفير السكن والرفاه للزائرين، ومنها إلغاء تأشيرة الدخول، والتركيز على تقنين مثل هذه التسهيلات.
هذا، وبعد كلمة سماحة المرجع الشيرازي دام ظله، أقيم مجلس عزاء حسيني، واختتم بقراءة دعاء التعجيل في ظهور مولانا الطالب بحقّ أهل البيت صلوات الله عليهم الإمام المهديّ الموعود عجّل الله تعالى فرجه الشريف، والدعاء لنجاة الشيعة في كل مكان وخلاصهم من المظالم والمآسي والمشاكل.
يذكر، أنه سنوافيكم بالنصّ الكامل لهذه الكلمة القيّمة، لاحقاً، إن شاء الله تعالى.انتهى/س
اضف تعليق