استذكاراً ليوم دفن الأجساد المطهّرة للإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه(عليهم السلام)، انطلق بعد ظهر اليوم الثالث عشر من محرّم الحرام (1438هـ) الموافق لـ(15تشرين الأوّل 2016م) أكبر عزاءٍ عشائريّ في العالم شاركت فيه عشائرُ محافظة كربلاء المقدّسة بمركزها وأقضيتها ونواحيها وقراها فضلاً عن وفود عشائرية أخرى قدمت من محافظات عراقية أخرى للمشاركة في هذا العزاء تقدّمتهم عشائر قبيلة بني أسد.
كانت انطلاقةُ مواكب العزاء العشائرية كما هو معروف ودأبت العشائر على إقامته من مرقد السيّد جودة الذي يبعد ثلاثة كيلومترات تقريباً عن المرقدين الطاهرين، حيث كان تجمّعهم في هذه النقطة وتوجّهت مسيرتُهم صوب مرقد صاحب المصيبة التي أبكت أهل السماء والأرضين الإمام الحسين(عليه السلام) ليُختتم عند مرقد قمر العشيرة وساقي عطاشى كربلاء أبي الفضل العبّاس(عليه السلام) حيث يُختم فيها العزاء بقراءة مجلس تعزية.
بدأ العزاء بأفواج النساء المعزّيات وهنّ يحملن المعاول وأكياس التراب وغيرها من الأدوات التي تُستخدم في مراسيم الدفن وقد قمن بتلطيخ رؤوسهنّ بالطين وهي عادةُ العراقيّات المفجوعات منذ القدم في عزاء أحبّتهنّ، ومَنْ أعزُّ عليهنّ من الإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه(عليهم السلام)؟؟.
أعقبهنّ دخولُ أفواج أخرى من الرجال من العشائر وهم يلطمون الصدور وتلهج أصواتهم بعبارات العزاء والنصرة وكلّ عشيرةٍ ضمن مجموعة بطريقة تتابعية.
تخلّلت هذه المراسيم التي استمرّت نحو ثلاث ساعات التشابيه التي تمثّل قصّة الدفن ومسير السبايا من كربلاء عبر البلدان وقدحت في الأذهان ما جرى قبل مئات السنين على أهل بيت النبوّة ومهبط الرسالة.
رئيسُ قسم الشعائر والمواكب الحسينيّة في العراق والعالم الإسلامي التابع للأمانتين العامّتين للعتبتين المقدّستين الحاج رياض نعمة السلمان بيّن من جانبه لشبكة الكفيل: أنّ هذا العزاء يُعتبر من العزاءات التاريخيّة التي تقوم بها العشائر الكربلائيّة، وأنّ هذا اليوم شهد مسير (65) موكباً للعشائر العراقيّة في المحافظة
يُذكر أنّ عزاء بني أسد هو أحد أقدم العزاءات، ومن أهمّ الموروثات الحسينيّة التي دأبت على إقامتها العشائر والقبائل من داخل وخارج كربلاء، ويذكر المؤرّخون أنّ نساءً من قبيلة بني أسد حضرن يوم الثالث عشر من محرّم الحرام عام (61هـ) الى الغاضرية -حيث الواقعة العظيمة-، فوجدن الأجساد الطاهرة للإمام الحسين وآله(صلوات الله عليهم) وصحبه الأبرار(رضوان الله عليهم)، وهم باقون على رمضاء كربلاء بلا دفن، فأسرعن في العودة إلى رجال بني أسد ونَدَبْنَهُم وحثَثْنَهم لدفن الأجساد وهنّ معولات لاطمات، وما إن حضروا للدفن واجهوا مشكلةً وهي أنّ الأجساد كانت بلا رؤوس فلم يعرفوا أصحابها، فبينما هم في حيرتهم وإذا بفارسٍ قد أقبل من جهة الكوفة وأَمَرَهم بمساعدته على دفن الأجساد، وبعد الانتهاء عرّفهم بنفسه أنّه الإمام زين العابدين علي بن الحسين(عليهما السلام). ومنذ ذلك الحين دأب بنو أسدٍ في كربلاء المقدّسة على الخروج بموكبِ عزاءٍ يجسّد واقعة الدفن وفي نفس تاريخها.
وفي عام 1975م عندما مَنَعَت السلطةُ الدمويّة البعثيّة السابقة إقامة الشعائر الحسينيّة في العراق، فتُركت هذه الشعيرة حتّى سقوط هذه السُّلطة، حيث عادت في عام 2004م بإحياء مراسيم هذه الشعيرة، والتحقت بها مجموعةٌ من القبائل والعشائر من محافظة كربلاء ومناطق الفرات الأوسط لتشكيل موكبٍ عزائيّ ضخمٍ ينطلق بعد صلاة الظهرين من الساحة المجاورة لمقبرة السيد محمد السيد عبود آل جودة المحنّا(طاب ثراه)، حيث يبدأ هذا العزاء من هذه المنطقة وينتهي عند العتبتين المقدّستين.انتهى/س
المصدر: شبكة الكفيل العالمية
اضف تعليق