لم تعلم عائلة الطفلة جمانة بان الاحتفال بطفلتهم الحاصلة على المرتبة الأولى في المدرسة على شرفات مرطبات الفقمة في منطقة الكرادة ببغداد، سيكون مثواها الأخير، وإنها ستغادرهم وهي متفحمة بنار الإرهاب سائلة باريها "بأي ذنب قتلت". اذ انفجرت سيارة مفخخة أول أمس الاثنين بالقرب من مرطبات الفقمة في الكرادة ببغداد، مخلفة عشرات الضحايا بين شهيد وجريج.
لكن السؤال الأهم والذي يطرحه البغداديون عموما والكراديون خصوصا لماذا التركيز على الكرادة بالرغم من الطوق الأمني المفروض على مداخلها ومخارجها، وانتشار مكثف للسيطرات الأمنية تبعا لوجود شخصيات برلمانية وسياسية تقطنها لا سيما قربها من المنطقة الخضراء المحصنة؟
المحلل السياسي باسل الكاظمي قال إن "ما حدث في الكرادة وبغداد يجب أن لا يتحملها الجهد الاستخباراتي والقوات الأمنية بالدرجة الأساس"، فالمؤامرات بحسب الكاظمي "تحاك من قبل متصارعي السياسية، حول المركز والنفوذ"، وواقع الحال يجزم بتحصين الكرادة من الأحزاب السياسية على اختلاف توجهاتهم السياسية والطائفية، وتبعا لسكناهم بين أزقتها وشوارعها الرئيسية، مما يدل ذلك امنياً بأن المفخخات التي تضربها خرجت من مكان قريب ومن داخل الكرادة ذاتها وليس من خارجها ولم يتجاوز سيطراتها الأمنية. بحسب الكاظمي.
وتوقع الكاظمي ارتفاع معدلات الإرهاب داخل العاصمة بغداد مع "قرب إعلان النصر على داعش وتحرير نينوى".
وغالبا ما تشهد منطقة الكرادة تفجيرات إرهابية ضد المدنيين، كان أخرها مساء الاثنين قرب مثلجات الفقمة، وراح ضحيته عشرات الشهداء والجرحى وأعنفها كان في الثالث من تموز العام الماضي، عندما انفجرت سيارة مفخخة قرب مجمع تجاري أسفر عن استشهاد 324 شخصاً وإصابة أكثر من 200 آخرين غالبيتهم من الشباب، فضلا عن أضرار مادية في المحال التجارية.
أهالي الكرادة لم يستبعدوا وجود دوافع تجارية واقتصادية تستهدف حيهم الراقي في مركز العاصمة، خاصة مع تزامن الانفجار للذكرى السنوية لمجزة العام الماضي في مجمع الليث التجاري، اذ تعتبر الكرادة المركز التجاري في بغداد، وتقصده العائلات من مناطق مختلفة، خصوصاً في ساعات الليل المتأخرة وأيام الأعياد والمناسبات.
الأربعيني أبو حسن من سكنة الكرادة في حديث لــوكالة النبأ للاخبار أوضح إن "استهداف الكرادة مقصود من بعض الشخصيات المتنفذة سياسياً وماديا فالغاية تكمن في السعي للاستحواذ على عقاراتها، باخس الأسعار من خلال تخويف ساكنيها الأصليين من المكوث فيها ومغادرتها حفاظا على ما تبقى منهم".
ما تحدث عنه أبو حسن أكده النائب عن التحالف الوطني علي البديري، اليوم الأربعاء، بأنه لا يستعبد وجود أسباب اقتصادية وراء كثرة التفجيرات الإرهابية والاستهداف المتكرر للكرادة.
البديري وفي تصريحات صحفية قال إن "الكرادة مركز تجاري واقتصادي مهم في بغداد ومتنوعة ومتجانسة، وتعتبر قلب العاصمة إضافة إلى مكانتها ولا نستبعد أن يكون أحد أسباب استهدافها المتكرر بالتفجيرات الإرهابية هو الدافع الاقتصادي".
وأضاف، إن "هناك نقطة أخرى يجب تسليط الضوء عليها، وهي إن استهداف الكرادة قد يكون رسالة من أصحاب المؤتمرات الخارجية من خلال الاعتداءات الإرهابية للتبرير على أن أهم منطقة في العاصمة غير مؤمنة".
وتابع، إن "استهداف منطقة الكرادة القريبة من المنطقة الخضراء، وفي أوقات خاصة بالمناسبات يعد رسالة تحدٍ للقوات الأمنية والحكومة أيضا"، داعيا إلى إعادة النظر بالخطط والإجراءات الأمنية. انتهى/خ.
اضف تعليق