اعدت وحدة استطلاع الرأي العام في مركز مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية دراسةٌ سـوسيولوجية ميدانيَّة في مدينةِ كربلاء المقدسة حول الاضطراباتُ النفسيَّةُ الناتجةُ عن الجماعاتِ الإرهابية.
وجاء في الدراسة: تُعد جماعات الإرهابية من أخطر الظواهر الاجتماعية والنفسية التي واجهها المجتمعُ العراقي؛ نتيجةً لِما ترتكبُه من مجازرٍ وتفجيرٍ وتهجيرٍ وتدميرِ الأماكن وتخريبها، ونشر العنف، والتّطرف الفكريّ، وزعزعة الامن والاستقرار الاجتماعي والسياسي، لذا شكّلتْ هذه الجماعاتُ الإرهابية معضلةً أمام تقدُم المجتمعِ في كثير مفاصل حياته الفكرية والاجتماعية والسياسية، وهذا ما دفع وحدة استطلاع الرأي العام في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية الى الاهتمام بهذا الامر من خلال اجراء هذه الدراسة.
إنَّ مشكلةَ هذه الدراسة تدورُ حولَ ظاهرةُ الجماعات الإرهابية في المجتمع العراقي وما زالت من أهم وأخطر الظواهر الاجتماعية حتى وقتنا الحاضر، فهي لا تُهدد سلامةَ الفرد أو مجموعة من الأفراد، بل إنّها تُهدد سلامة النظام الاجتماعي بأكمله، كما أنّها تساهم في ادخال الرعب النفسي لدى معظم افراد المجتمع العراقي.
وكانت أهمية هذه الدراسة ترتكزُ على خطورةِ شيوع ظاهرة الجماعات الإرهابية في المجتمع العراقيّ بشكلٍ خاص والمجتمعات العربية بشكلٍ عام. فهذا الأمر المتمثلُ بخطورة الظاهرة وشيوعها، يدعو إلى ضرورةِ البحث والدراسة فيما يقفُ وراء هذه الظاهرة؟ والآثارُ والتداعيات التي تترتّب على شيوع ظاهرة الإرهاب بأشكالهِ وصورهِ المختلفة.
وتحقيقاً لأهمية هذه الدراسة تم الانطلاق من تساؤلات منها: ما هي أهمّ الجماعات الإرهابية التي تعاني منها المجتمعات العربية ومن ضمنها المجتمع العراقي؟ وما هي أهم الأفعال التي تُساهمُ بها هذه الظاهرة في اضطراب حياة الفرد العراقي؟
بناءً على هذه التساؤلات وغيرها تم توزيع (300) استمارة على عينةٍ عشوائية من أفراد مجتمع الدراسة من أربع مناطق سكنية في محافظة كربلاء، وبعدها قسّمّ المحافظة على قسمين هما: (مركز المدينة، وقضاء الهندية)، وفيما يتعلق بمركز المدينة كربلاء فتمّ اختيار حيين سكنيين هما: (حي الجوادين، حي العامل)، وفيما يتعلق بقضاء (الهندية) تمّ اختيار ايضاً حيين سكنيين هما: (حي العسكري، وحي أم الهوى).
وجرى الاعتماد على منهجِ المسح الاجتماعي الوصفيّ في تحديد ومعالجة متغيراتها، والتي تتمثل بالاضطرابات النفسية الناتجة من الجماعات الإرهابية، ولغرض تحليل استجابات الاستبيان، تم استخدام عدد من الوسائل الإحصائية مثل النسبة المئوية والوسط الحسابي وقد نفذ التحليل الإحصائي على الحاسبة الالكترونية باستخدام التطبيق الاحصائي (SPSS) وتطبيق (Excel).
وكانت أهمّ نتائج التي خلصتْ لها هذه الدراسةُ هي:
1. أنّ أفراد عينة الدراسة يعانون من اضطراب نفسي وجسدي ناتج عن أفعال الجماعات الإرهابية، فقد أشارت نتائج الدراسة إلى أنّ نسبةَ الموافقين بشدة بلغت (77.7%) بواقع (233) مبحوثاً ومن أصل (300) مبحوث من مجتمع الدراسة، أكبر من نسبة غير موافقين بشدة والبالغة (19.7%) بواقع (59) مبحوثاً، وأكبر من نسبة المحايدين لحد ما والبالغة (2.7%) بواقع (8) مبحوث، ويعزو الباحث ارتفاع نسبة الموافقين إلى تعرضهم لحالاتٍ نفسية وصحية سابقة تركت آثاراً على حياتهم الاجتماعية فضلاً عن تعرضهم لعمليات إرهابية : من تفجير السيارات والمحلات فإن هذه العمليات الإرهابية على الحياة الاجتماعية للأفراد.
2. أنّ العصبيةَ الطائفية تتركُ آثاراً مهمة على استمرار الحالات الإرهابية بمختلف أشكالها سواء كانت حالات نفسية أم اجتماعية متمثلة بالقتل والتهجير والخطف، إذ أشارت نتائج الدراسة إلى أن نسبة الموافقين بشدة بلغت (83.7%) بواقع (251) مبحوث ومن أصل (300) مبحوثاً من المجتمع الأصلي أكبر من نسبة غير موافقين بشدة، والبالغة نسبتهم (15.3%) بواقع (46) مبحوثاً وأكبر من نسبة المحادين لحد ما والبالغة (1.0%) بواقع (3) مبحوثاً.
3. أنّ الدين يُعد من أهم العوامل التي تساهم في تخفيف حالات الاضطراب النفسي الناتج من الجماعات الإرهابية، فقد إشارات نتائج هذه الدراسة إلى أن نسبة الذين أجابوا بأن : الدين (الصلاة، الزيارة، الدعاء) يساهم في تخفيف الاضطراب النفسي هي الأكبر والبالغة نسبتهم (60.7%) بواقع (182) مبحوثاً ومن أصل (300) مبحوث من مجتمع الدراسة الحالية، وإنّ نسبة الذين أجابوا: بأن المساندة الاجتماعية تساهم في تخفيف الاضطراب النفسي والبالغة نسبتهم (38.3%) بواقع (115) مبحوثاً، أمّا نسبة الذين أجابوا بقطع الروابط الاجتماعية فهي أقل نسبة في الدارسة الحالية والبالغة نسبتهم (1.0%) بواقع (3) مبحوث.
وخلصت هذه الدراسة إلى مجموعة من التوصيات كان أبرزها:
1. ضرورة توعية أفراد مجتمع الدراسة عن طريق وسائل الإعلام والصحف والمجلات بمضار الجماعات الإرهابية وما لها من تأثير على حياتهم الصحية الجسمية والنفسية والعقلية.
2. ترسيخ وتعزيز القيم الدينية من خلال المؤسسات التربوية والإعلامية لما لها دور ايجابي في السيطرة على تخفيف حالات التوتر النفسي، وكذلك السيطرة على سلوك الأفراد، كما يجب على المؤسسات الدينية التأكيد -من خلال دورها- على مكافحة الخطط الدينية المتطرفة وخطورتها على الفرد والمجتمع، وتقوية الرادع الديني كوسيلةِ ضبط في التنشئة الاجتماعية الأسرية.
3. إنشاء مراكز الصحة النفسية، ورصد مبالغ لإجراء دراسات وبحوث لمعالجة المشاكل الصحية لكثرة الحروب التي خاضها بلدنا، فضلاً عن الحصار الاقتصادي الذي دام لسنواتٍ. وأخيراً الاحتلال الأجنبي الذي اجتاح بلدنا منذ السنوات الأخيرة. انتهى /خ.
اضف تعليق