بغداد – سوزان الشمري
قيل سابقاً بأن "خير جليس في الزمان كتاب" ، تلك المقولة لم تعد تجد لها موطئ قدم في ارض اولى الحضارات التي علمت الانسان الكتابة، بعد ان غدت التقنية بديلا غير متكافئ للكتب في مجتمعاتنا والمظاهر غاية تدرك، ليتنحى الكتاب عن عرش الريادة في صنع شخصية الانسان وليكون مجرد اكسسوار لطالب العلم.
في اروقة الجامعة المستنصرية حيث منبر العلم والعلماء يفترش الكتاب على رصيف احد زواياها مقترب بعبارة اعلانية تشكو سوء حال كتاب بــ(1000 دينار) تلك العبارة لم تحرك غريزة العلم عند طالب جامعي كما حرك اعوجاج خصر طالبة غريزته الذكورية، ولم تشفع تلك العبارة من جذب اي طالبة جامعية كما جذبها بازار الإكسسوار والهدايا، ليشكو الكتاب فقر العلم وشحة طالبيه.
الشاب حسين هو صاحب فرشة (بسطيه) للكتب في الجامعة المستنصرية والذي يبدو انه الوحيد الي يقترب من الكتاب ويتصفح أوراقه بينما انحرف طلبة جامعيون عن طريق تلك الفرشة خوفا من لدغة كتاب بـ (1000) دينار.
يقول حسين ان "عصر الكتاب قد ولى منذ عقد من الزمن فلم يعد العراق يقرأ ما يكتبه وما تطبعه لبنان او تخطه مصر بعد ان توجهت اهتماماته نحو لايك مارك، وسناب شات، واتساب"، مشير ا الى ان "زمن القراءة اختفى بفعل التطور الذي افرز نتائجه السلبية في صنع شخصية الانسان".
ويضيف " اشفق على حال الطلبة اليوم فهم بعيدين كل البعد ان اي توجه ثقافي معلوماتي فلا تمسكوا بالكتاب ولا استحسنوا استخدام التقنية بالشكل الذي يصنع منهم قواعد ثقافية واعدة".
ويشير حسين الى ان "الطلبة اليوم عبارة عن هاتف نقال ومظهر مميز(ستايل خاص) وايام الدراسة لا تعدو بان تكون أوقات ممتعة لا تفي القراءة باختصارها".
ويتابع "اقيم يوم امس بازار يعود ريعه لمعالجة اطفال مرضى السرطان اختلف المعرض ضمن البازار بأغلبية من الإكسسوار والهدايا حيث تعج تلك المواقع بالمشترين من الطلبة والطالبات في حيت يشكو بازار الكتب المقابل لأي طالب مشتري او حتى متصفح واحد".
وعن ظاهرة هجر الكتاب يقول الدكتور غزوان جبار الاكاديمي في كلية الآداب الجامعة المستنصرية بان "مشاغل الحياة وصعوبتها في ظل واقع سياسي ومعاشي واجتماعي متعب ادى للعزوف عن الكتاب".
واضاف "الانشغال لا يعد سبب رئيسي وانما إلى طغيان وسائل الإعلام الحديثة من إذاعة وتلفزيون وفيديو وإنترنت، حيث اصبحت هذه الأجهزة تقدم المعلومات (جاهزة) دون أدنى مجهود يبذله المستمع أو المشاهد وبالتالي أصبح دور الكتاب محدوداً لدى هذه الفئة".
ويعتقد جبار في حديثه لــ وكالة النبأ للأخبار ان "حل ظاهرة قلة الاهتمام بالقراءة يجب أن تكون هناك حملات توعوية للتعريف بأهمية القراءة؛ حيث إنّها ستضمن تقدُّم أبناء الأُمة وزيادة وعيهم، وهذا من شأنه الانعكاس على الواقع وتخفيف حدّة المشاكل الاجتماعية والسياسية التي تُعاني منها الكثير من الدول فالوعي والثقافة مرتبطان باستقرار أبناء البلد الواحد، وعكس ذلك الجهل وقلة المعرفة التي تخلق مشاكل ربما تكون جديدة ولم يسبق أن حدثت في المجتمع".
وعرضت معلومات نشرتها احدى المراكز البحثية الاوربية بلغة الارقام للمقارنة بين القاريء العربي والاوربي حيث اشارت الدراسة الى انه في "الدول العربية 1.1% فقط من معدّل الإنتاج العالمي للكتاب". وان "كل 20 عربيا يقرأ كتابا واحدا في السنة، بينما يقرأ الأوروبي 7 كُـتب في العام".
واشارت الدراسة الى ان "معدّل القراءة عند الإنسان العربي، يبلغ 6 دقائق في السنة، مقابل 36 ساعة للإنسان الغربي"، فيما يقدّر ما يصدر في الوطن العربي من كُـتب جديدة 5000 كتاب، بينما يصدر في أمريكا ما يزيد على 290 ألف كتاب جديد سنويا".
وقالت منظمة اليونسكو عام 2008: ان هناك 100 مليون شخص في الوطن العربي لا يعرفون مسْـك القلَـم، ما يعني أن 30% من شعوب الوطن العربي محرومون من القراءة".
وانه خلال الألف عام التي مضَـت منذ عهد المأمون، ترجَـم العرب من الكُـتب ما يساوى عدد الكُـتب التي تُـترجمها إسبانيا خلال عام واحد فقط!، في مقابل ذلك، تُـترجم إسرائيل 15 ألف كِـتاب سنوياً باللغة العِـبرية، وهي لغة منقرِضة أصلاً، لا تترجم الدول العربية مجتمعة أكثر من 330 كتاباً سنوياً!".
ويصدر الناشرون العرب سنوياً كتاباً واحدا لكل رُبع مليون شخص في العالم العربي، مقابل كِـتاب لكل خمسة آلاف شخص في الغرب، أي مقابل كل كِـتابيْـن يصدُران في العالم العربي، هناك 100 كِـتاب يصدر في الغرب، بينما يُـقيم الكاتِـب المصري حفلا يدعو له الجميع، إذا وافقت دار النّـشر على طباعة ثلاثة آلاف نُـسخة من كتابه، احتفل الكاتب البرازيلى باوْلو كُـوهيلو، بتوزيع النسخة رقم مائة مليون من رواياته، منها 35 مليون نسخة من روايته الشهيرة "الخيميائى". انتهى/خ.
اضف تعليق