منذ عقد ونصف عاشت نخبة ارستقراطية في استكبار لامثيل له، بينما لم يجنِ المواطن سوى الظلم والبؤس، هكذا استهل الكاتب الصحفي علي الطالقاني حديثة لوكالة النبأ للأخبار، ويقول ايضا، "يبدو ان هذه الطبقة استغلت موازنات العراق التي هي استحقاقات المواطن لخلق طبقة ثرية تتمتع بإمتيازات خاصة، ولا فرق بين هيئة هذه الطبقة وزيها إلا ما شذ وندر، وهو الامر الذي ما كان يتم الا عبر استخدام مفردات الدين والطائفية والبعث والصفوية".
ويشير الكاتب الى حركة الاحتجاجات الشعبية التي عمت محافظات وسط وجنوب البلاد قائلا: "اذا ما اريد النجاح لحركة الاحتجاجات ان تكون مطالبها واضحة، التركيز على الاستثمار الاجتماعي والجماهيري في مجالين استراتيجيين مهمين"، موضحاً "الحفاظ على الديمقراطية ونمو التعليم والوقوف على المخاطر التي تهدد هذين العاملين"، مبينا ان "مع كل حراك جماهيري تنكشف مصادر قوته وضعفه ومن هنا تستغل الانظمة السياسية تلك المخاطر التي تهدد مكتسبات الشعب".
ويعتقد الطالقاني ان "هناك مجتمعات معينة يقودها متنفذين واصحاب أموال أوجدوا مجتمعات كبيرة مظلومة ليجعلوا منها كبش فدائهم وليحملوها الخطايا".
وبحسب الكاتب "لاتزال القراءة الحكومية للاحتجاجات والاستحقاقات الشعبية سطحية، متماهية بوعي أو من دون وعي، مع الاطروحات من قبل بعض الشخصيات التي تقابل المسؤول الحكومي والتي تتجاهل الاسباب الاجتماعية والاقتصادية لنشوء هذه الاحتجاجات بحيث تختصر أسبابها في شكلها".
ويضيف بقوله "حتى بات الربط الالي بين الاستحقاقات الحقيقية وبين مدعي التمثيل ربطاً بديهياً يتسابق الكثير من الاشخاص الى اللقاء بالمسؤول دون نقد أو دراسة جدوى اللقاءات، وكأنه المسؤول لا يعلم مطالب المواطنين ولا وجود لدوائر معنية تعي متطلبات المواطنين".
وفي كيفية تعاطي المسؤول مع الاحداث الجارية يقول الكاتب "لقد شعر المسؤول بفقدان شرعيته، بعد ان كانت آخذت بالاضمحلال بعد الانتخابات"، مشيرا الى "عدم وجود قيادات للمظاهرات وعدم وجود معارضة سياسية وضع المواطن أمام خيارين، القمع أو ضرب المطالب عرض الحائط".
وعن الدور المرجو من المثقف العراقي في حركة الاحتجاجات بديمومتها وضبط ايقاعها، يمضي الكاتب الصحفي بقوله، "لم يكسب المثقف فهماً عميقاً ولم تتمكن الاحتجاجات من القضاء على الفقر والتخلف المتعاظمين، لكن حققت في كثير من الاحيان زيادة الاستقطاب السياسي وتلميع صورة المسؤول، عبر اطلاق العنان لخطاب اعلامي فج، وشحذ ايدولوجيات تعبويه لدى الحركات الحزبية التي تدفع نحو مزيد من التخدير والوعود التي لا يمكن تحقيقها حالياً".
ومع ذلك يبين الطالقاني ان حركة الاحتجاجات افرزت مجاميع من المنتفعين والمتسلقين على جراح وهموم المواطن، فالمواطن المتظاهر غير الذي يركب الموجة"، مشددا "وبالتالي ستضيع حقوق المتضررين وتزداد الفجوة بين من هو منتفع وبين من هو متضرر، الشعور بحاجات المواطن الفقير لا تأتي من جماعات تتظاهر بالقيادة وهي تفتقد لأبسط مقومات التعايش مع هموم الوطن".
ويؤكد الكاتب في اشارة الى خطبة الجمعة في كربلاء، انها شخصت ولأول مرة مرافق الخلل بهذه الدقة وقدمت حلولا واضحة وشفافة وجريئة، ولم تدع امام رئيس الوزراء حيدر العبادي أيضا سوى السير قدما في ضرب المفسدين"، مضيفا ان "الخطبة دخلت في جميع مرافق الخلل التشريعي والتنفيذي، كما دعمت المظاهرات بشكل واضح، ووضعت حدا للمنافع للأحزاب والاشخاص"
ويوضح الطالقاني انها "لو استمرت هذه الخطب بهذه الجراءة ستساهم بدعم المظاهرات وسلميتها كما انها ستغير الكثير".
ويدعوا الكاتب الصحفي علي الطالقاني في ختام حديثه قائلا: "لم تتغير ارواحنا بعد كل الهزات التي تعرضنا لها منذ عام 1920 الى اليوم بل بقينا على ما كنا عليه، وذلك بسبب اختلاف امزجتنا ونفسياتنا، لذلك فهي دعوة اكثر مما هو تشخيص الى دراسة خلفيات تلك النفسيات والامزجة ومكوناتها وسبب الخلافات والاختلافات، فمن المؤسف عدم الركون والاستفادة من مساهمات تاريخنا التي ساهمت بتقدم الحضارات".انتهى/س
عامر الشيباني
اضف تعليق