لا تفصل منطقة البوبيات في كربلاء عن مركز المدينة الرقديمة سوى مسافة قريبة جدا لا تتعدى مئات الامتار وتكاد تكون أقرب اليها من اي منطقة اخرى بالمحافظة، لكن احوالها لم تتبدل منذ تأسيسها في القرن الماضي، اسوة بمناطق عديدة في المحافظة.
وتعاني البوبيات الذي يشقها نهر الحسينية من نقص حاد في البنى التحتية والتي تحتاج الى ثورة اعمار للنهوض بواقعها المتردي يوم بعد اخر نتيجة الاهمال المتعمد لهذه المنطقة التي يقطنها الاف العوائل وتفتقر لأبسط مقومات الحياة العصرية الحديثة.
ويعاني الكثير من سكنة هذه المنطقة شحة في مياه الشرب بالإضافة افتقارها الى أبسط الخدمات، وما الخدمات الموجودة حاليا هي بجهود الاهالي ومن اموالهم الخاصة بعد ان لهجت السنتهم بمطالبة المسؤولين بتوفيرها دون رد يذكر سوى تطمينات ووعود اصبحت سراب، بالرغم من سكن احد اعضاء المجلس التشريعي بالمحافظة الا انه حسب قول الاهالي بعيد كل البعد عن هموك ومشاكل سكان منطقة البوبيات.
يقول احد سكنة المنطقة هاشم عدنان الوزني، ان "المنطقة تشكو حاليا من الروائح المنبعثة لما يعرف بالبزل (الخايس) والقريب من النهر والذي تحول الى مكب للنفايات وللمياه الآسنة مسببا الامراض المتعددة اصيب بها الاهالي".
ويضيف في حديث لوكالة النبأ للأخبار، انه "نتيجة لإهمال الحكومة المحلية المطالبات المتكررة لمعالجة هذا البزل وانتشال المنطقة من التلوث البيئي، اصيب العديد من سكنة المنطقة بالأمراض الخبيثة مثل مرض السرطان"، مبينا ان "من عائلته فقط ذهب ضحية المرض ثلاثة افراد، ناهيك عن بقية جيرانه"، حسب قوله.
ويشير الوزني الى ان "نهر الحسينية تعتليه النفايات وعلى جرفي النهر ايضا حيث تقوم آليات البلدية بحملات تنظيف غير منتظمة مما يؤدي الى تراكمها على جانبي الطريق نحو 6 كيلو متر باتجاه ناحية الحر".
ويوضح الوزني بأن آليات البلدية تنقل النفايات على مراحل اذ تقوم بنقلها عبر الشفلات من جانبي النهر وجمعها عند البزل القريب بما يعرف بـ"الخايس"، مسببة حفر بالمنطقة ومن ثم تقوم رفعها بعد مدة قد تطول اياما الى مناطق اخرى".
ويتابع الوزني حديثه ان منطقة البوبيات التي تجمع احياءا عدة لا تتوفر بها حاويات لجمع النفايات وعمال بلدية كربلاء لا يصلون الى هناك الى عند حملات تقوم بها البلدية بين حين واخر".
ويواصل الوزني الحديث ان "اهالي المنطقة وعلى نفقتهم الخاصة يجمعون النفايات بالاتفاق مع متعهد بمبلغ مادي وقدره (10,000) يقوم برفعها بشكل دوري، مؤكدا ان "لولا هذا الاجراء لكانت المنطقة تعاني من كارثة بيئية حقيقية".
ويعمد البعض من سكنة منطقة البوبيات الى حرق النفايات نتيجة تأخر رفعها وتراكما على مدار ايام عديدة الى حرقها متسببة تصاعد الدخان مشكلا غيمة كبيرة ومنبعثا للروائح الكريهة، يقول احمد مهدي عباس من سكنة المنطقة.
ويتطرق مهدي في حديثه الى وكالة النبأ للأخبار، ان "الشارع الموازي لنهر الحسينية والممتد من منطقة البوبيات وصولا الى منطقة الحر الصغير اي بطول 6 كيلو متر، تم أكساءه في سبعينات القرن الماضي، ولم تجر عليه اصلاحات الى بسنبة قليلة من بعد سقوط النظام البائد سنة 2003، علما ان عرض الشارع ستة امتار انقصته الحكومة مترا واحد ليكون بسعة خمسة امتار".
ويزيد مهدي ان "الشارع استهلك واصبح باليا ولا يصلح بتاتا لسير العربات اذ تكثر فيه الحفر والمطبات بكثرة"، مشيرا الى ان "المسؤولين الحكوميين اوعدوا ايام الحملات الانتخابية وأثاء زياراتهم المتكررة لها بإصلاح الوضع لكن ذلك لم يحصل".
ويلفت مهدي الى ان "اهالي منطقة البوبيات والتي يصل مجموع احيائها نحو خمسة عشر حيا سكنيا، اوصلت مياه الاسالة على نفقتهم الخاصة حيث لم تقم الحكومة المحلية بتوفير المياه الصالحة لسكنة هذه المناطق رغم الوعود الكثيرة بهذه الشأن، ورغم ذلك يعاني الكثير من سكنتها مع النقص الحاد بمياه الشرب، مما ادى بالبعض الى حفر آبار ارتوازية في حدائق المنازل لتعويض نقص المياه، فضلا عن عدم وجود شبكة للمجاري"، يقول مهدي.
ومما يزيد من معاناة اهالي المنطقة عدم وجود مؤسسات صحية وتربوية وامنية وخدمية فيها، حيث يؤكد مهدي ان "اقرب مستوصف صحي للمنطقة موجود في قضاء الحر، وكذلك يؤكد عدم وجود المدارس ورياض الاطفال، كما ان ليس هناك مركز للشرطة".
ويشير مهدي ان "احد سكنة المنطقة تبرع بقطعة ارض بمساحة دونم، قبل عشر سنوات لغرض بناء مدرسة، لكن الحكومة قابلت ذلك بإهمال المشروع بالرغم من تسجيل مالك قطعة الارض بدائرة (الطابو) باسم وزارة التربية".
اما صلاح شمخي يقول ان "المسؤولين والمتنفذين عند حاجتهم للجمهور تحت اي ظرف، يتوافدون الى منطقة البوبيات كسائر مناطق كربلاء الاخرى، يقدمون له الوعود البراقة والكلام المعسول، الى حين انقضائها او انتفاء حاجتهم يذوبون وتوصد ابوابهم امام الناس ولا نراهم الا حين الحملات الانتخابية"، حسبه.
ويبين ان "الناس لن تطلي عليهم حيلة المسؤولين مرة اخرى، فقد بانت اساليبهم، فالمنطقة عانت ومازالت تعاني الامرين دون حلول ناجعة تنتشل واقعها المتردي".
ويكشف شمخي في حديث لوكالة النبأ للأخبار، ان "اغلب المشاكل اليومية التي تصادف الاهالي من خلال اعطال تصيب شبكات المياه او المجاري او الكهرباء تعالج بإعطاء الرشوة لعمال الدوائر المعنية لغرض لإصلاحها".، مبينا انه "من بعد المناشدات والمراجعات المتكررة لهذه الدوائر لكن لا جدوى مرجوة منهم".
وبخصوص رداءة الكهرباء ونوعيات الأسلاك التي تحملت اهالي المنطقة تكلفتها بعيدا عن تدخل الدولة في تزويدها بالطاقة الكهربائية، يتحدث شمخي بقوله، ان "اغلب اسلاك الكهرباء ذات نوعيات رديئة ولا تتحمل الضغط الحاصل عليها", مضيفا "وتتحمل الاهالي تكلفة دخول الاسلاك الى الافرع بمبالغ طائلة".
وكذلك الحال بالنسبة الى شبكات الماء والمجاري يكمل شمخي، حيث يدفع صاحب الدار لا يقل عن (500,000) الى (600,000) الف دينار اذا كان داخل احد الشوارع الفرعية اما اذا كان داره يطل على الشارع الرئيسي فالمبلغ يكون مرتفعا حيث يصل الى (700,000) الف دينار، وذلك من اجل الحصول فقط على الطاقة الكهربائية".
ومن جانب اخر يكشف شمخي عن، ان "آليات تحمل ارقاما حكومية تقوم بسحب المياه الاسنة من الدور السكنية التي لا تصل اليها شبكة المجاري وترميها بالبزل "الخايس" القريب من نهر الحسينية مقابل اجور مادية تتراوح ما بين (15000) الى (10,000)".
كاظم جبار احد اقدم ساكني المنطقة يقول، ان "الطريق الرئيسي لمنطقة البوبيات مليء بالحفر والمطبات والنفايات وكثرة التجاوزات ولا من مجيب".
ويعزو جبار ان "ما وصلت اليه المنطقة الى هذا الحال من تردي في الخدمات الى الفساد الاداري والمالي المستشري في دوائر الدولة".
وبحسب جبار، ان "احد اعضاء مجلس المحافظة يسكن في منطقة البوبيات، وقريبا جدا من النهر لم يقدم شيئا يذكر".
ويناشد اهالي منطقة البوبيات، عبر وكالة "النبأ للأخبار" الحكومة المحلية بتغليف النهر درء للمخاطر، والذي يشهد على مدار السنة سقوط السيارات بسبب عم وجود سياج يحميها من الانزلاق في النهر، كما ان هناك العديد من حوادث الغرق راح ضحيتها الاطفال ابان موجات الحر عند نزولهم للسباحة فيه، وتوسيع الشارع الرئيسي، وانشاء البنى التحتية بشكل كامل للمنطقة". انتهى/خ.
تقرير: عامر الشيباني
تصوير: فاضل المياحي
اضف تعليق