كربلاء / عدي الحاج
ضمن ملتقى النبأ الفكري الإسبوعي الذي تستضيفه مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام، عقد مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث في كربلاء المقدسة، حلقة نقاشية بعنوان (الحسين وعاشوراء ونحن..الدروس المستفادة)، قدّمها مدير المركز حيدر الجراح، وحضرها عدد من رجال الدين ومدراء مراكز دراسات وبحوث وأكاديميين وباحثين ومهتمّين بالشأن الإسلامي وإعلاميين وناشطين مدنيين.
وقال الجراح، لمراسل وكالة النبأ للأخبار، انه "منذ العام 2003م تنفّس الكيان الشيعي العراقي هواءً جديداً أو هكذا بدا للوهلة الأولى ونحن نشاهد إسقاط أحد النصب الصنمية للقائد الضرورة في ساحة الفردوس صبيحة التاسع من نيسان، لكنّنا إكتشفنا بعد مرور كل هذه السنوات أنّه هواءٌ ملوّث بأدران كل القرون التي سبقته، لم نستطع إمتلاك إرادة التحرّر من العبودية للأشخاص أو المناصب أو الإمتيازات التي كثف من ظهورها وحضورها ما طرأ على الواقع، وأصبح الصنم الواحد أصناماً متعدّدة، ولكن هذه المرّة بوجوه ومسمّيات جديدة".
مضيفاً أنّ "الخراب متبادل صعوداً أو نزولاً، وكلٌّ يُسابق الآخر للنزول الى القاع، قاع الذل والهوان، وتقدّمت الوسائل المنحرفة على الغايات التي كانت تنادي بها تلك الأحزاب وهي تستذكر مظلومية الإمام الحسين (عليه السلام) والتي جرّدتها من كل معاني الحق والخير والجمال".
مشيراً الى أنّ "كل حضور حسيني هو غريب عنّا في صحراء التيه التي نعيش فيها، مثلما تاه صوته في تلك الصحراء في نهار قائظ منذ قرون طويلة، ألا من ناصر ينصرني؟ هل قدرنا أن لا نستمع لهذا الصوت رغم إستحضارنا لصداه كل عام؟ لماذا نبقى على عبوديتنا تلك ونبقيها ولا نستطيع التحرّر منها رغم جحافل الصدق وإكتناز المعنى الحسيني بكل قيم الحق والخير والجمال؟".
من جانبه قال مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية، الدكتور خالد العرداوي، "ما لم نتعلّمه من الإمام الحسين (عليه السلام) هو أنّ الدين يُمكن أن يكون غطاءً لإرتكاب أبشع الجرائم، فقد تمّ قتله (عليه السلام) بإسم الخروج على الملّة، وأنّ اللحاق المتأخّر بركب الإصلاح لا يمنع وقوع الجريمة، فلحاق الحر (رحمه الله) المتأخّر لم يُغيّر شيء في الميدان، وأنّ البكاء والعويل بعد حصول الجريمة لا يُواسي المجني عليهم ولا يُعيد الحقوق بعد إنتهاكها، فبكاء أهل الكوفة لم تكن فيه مواساة لعيال الإمام الحسين أبداً".
مضيفاً "كما أنّ الطامعين بالمال والسلطة يجب أن لا يُسلّطوا على رقاب الناس لأنّهم آفة مدمّرة تهلك الحرث والنسل ولا يحصل أي تقدّم حضاري في ظل قيادتهم، وأنّ طلب الأمان بمهادنة الظالمين تجارة خاسرة فلا سلام ولا أمن في ظل حكم الطغاة، كما أنّ الشعوب الجبانة لا تصنع التأريخ وأنّ الرهان على مثل هكذا شعوب كالرهان على سراب الماء في الصحراء، وأنّ الرأي العام يُمكن التلاعب به، وليس كل ما يميل إليه هذا الرأي يُعد حقيقة مطلقة أو صواباً أبلجاً، بل قد يكون باطلاً محضاً جرى خداع الرأي العام به من خلال أدوات دعائية ذكية".
ويُشير العرداوي الى أنّ "المناهج الإصلاحية ممكن أن تبقى قرون طويلة مجرد حبر على ورق ما لم تتحوّل الى مناهج حياة تطبّق على أرض الواقع، فتسندها سلطة حقيقية ويعيشها الناس في القول والعمل، كما إنّ الإقتداء بالإمام الحسين (عليه السلام) لا يعني السماح بقتل أنفسنا وسبي عيالنا ونهب أموالنا كما حصل معه (عليه السلام) بل يعني عدم تكرار الجريمة مرّة أخرى من خلال منع تمكين المجرمين من رقاب الناس بإقامة الحُكم العادل الرشيد ووضع السلطة بيد الشرفاء الأمناء وتأسيس مؤسسات قوية وحازمة للرقابة والمحاسبة وتطبيق القانون بعدالة وتوزيع الثروة بإنصاف".
من جانبٍ آخر بيّن مدير مركز الإعلام العراقي في واشنطن، الكاتب نزار حيدر، أنّ "أعظم مشاكل الشعوب والأمم عندما لا يُؤمن الفرد بدوره كفرد، وفي نفس الوقت هو عاجز عن أداء دور ما في الجماعة، فلا هو يبادر بأداء دوره بمفرده ولا هو يبادر بأداء دوره في الجماعة وفي المحصّلة يركن الدور جانباً بإنتظار من يبادر إليه".
مضيفاً أنّ "عاشوراء مدرسة في المبادرة على المستويين الفردي والجماعي، فلا دور الفرد ألغى دور الجماعة ولا دور الجماعة ألغى دور الفرد، ولذلك كانت عاشوراء عظيمة في تضحياتها وهي المعركة الوحيدة في التأريخ الذي أستشهد فيها كل المقاتلين بلا إستثناء".
ويُتابع حيدر، أنّنا "إذا أردنا أن نُنجز أهدافنا ونُحقّق غاياتنا السامية يجب أن نُفكّر بعقليتين في نفس الوقت، عقلية الفرد حتى لا تضيع طاقات كل واحد فينا وعقلية الجماعة حتى تتكامل طاقات الجميع وتنصهر في بوتقة واحدة وجهتها هدف واحد ولنتذكّر أنّ العقلية الفردية لوحدها تصنع أصناماً وأنّ العقلية الجمعية لوحدها تئد صناعة القادة". انتهى/م.
اضف تعليق