بغداد – جعفر مهدي
ثلاث حالات اغتيال طالت شبان في مدينة الصدر خلال اقل من ساعة، القاتل مجهول وأسباب القتل غير معلومة، لتسود أزقة المدينة الضيقة حالة من الذكر والهلع في أشارة لعودة مسلسل الاغتيالات في العاصمة بغداد، وعدد من المحافظات الجنوبية على وجه الخصوص.
إذ سجلت العاصمة بغداد خلال شهر أيلول الماضي سلسلة من الاغتيالات المنظمة التي استهدف شخصيات وأسماء معروفة كان آخرها قتل الموديل تاره فارس، وقبلها سيدتان تديران مراكز للتجميل هما (رفيف الياسري ورشا الحسن).
اتساع دائرة عمليات الاغتيالات الأخيرة طرحت علامات استفهام لدى مفوضية حقوق الإنسان، مؤكدة ان "الأمر يتطلب معرفة دوافع تلك الجهات التي تقوم بهكذا نوع من الأعمال".
اذ ابدى عضو مكتب مفوضية حقوق الإنسان، مهدي التميمي استغرابه من عمليات اغتيال طالت شخصيات غير معروفة وعشوائية بعد أن اتصفت سلسلة الاغتيالات الأخيرة باستهداف أسماء معروفة مجتمعيا ً.
التميمي كشف أمس الأحد، عن مقتل سيدتين، تدير إحداهما صالوناً للتجميل، إضافة إلى شاب غير معروف بنشاطاته السياسية أو الإحتجاجية.
وذكر التميمي ، أن "الأمر المحير هو أن الإستهدافات الأخيرة طالت أشخاصاً غير فاعلين اجتماعياً، ومغمورين في البصرة وبغداد"، لافتا الى أن "هذا الأمر يتطلب معرفة دوافع تلك الجهات التي تقوم بهكذا نوع من الأعمال".
ووفقا لآراء جانب من المراقبين فإن هذه العمليات تتم بتخطيط مخابراتي من دول لا تريد الاستقرار السياسي والأمني للعراق لجعل هذا البلد يعاني من الفوضى وانعدام الاستقرار شأنه شأن ليبيا وسوريا ودول أخرى.
المتخصص في شؤون الإرهاب الكاتب علي الطالقاني أكد أن "أحداث الاغتيالات الأخيرة ليست عابرة بل هي مؤشرات لمرحلة عراقية جديدة سمتها الاضطراب الأمني والسياسي والتوترات الاجتماعية".
وأضاف "برهنت عمليات الاغتيال الأخيرة على أن الوضع العراقي السياسي والأمني لم يعد مستقرا، سيما مع تراجع الأمن وسوء الأوضاع الاقتصادية وتأزم ومعاناة المواطن من الخدمات وانتشار العقائد المتطرفة وانعدام ثقافة السلم المجتمعي".
الطالقاني نوه الى أن "بروز عمليات الاغتيالات خلال الأيام الماضية جعلها عاملا يصب في إطار اهتزاز ثقة المواطن العراقي بقوات الأمن وجعله يعيش في حالة دائمة من الخوف على حياته فيما ينفي جانب آخر علاقة هذه الحوادث بالتجاذبات السياسية".
ويرى الخبير الأمني هشام الهاشمي أن "الاغتيالات ليست جديدة في العراق وإنما أصبحت متزايدة في ظل حالة من الفوضى بسبب تراخي القيادات الأمنية التي تخشى من التغيير المرتقب بعد الاتفاق على تشكيل الحكومة".
ويوضح الهاشمي أن "القادة الأمنيين لا يريدون توجيه الاتهامات لجهات محددة حتى لا يفقدون مناصبهم، لأن الاغتيالات تتم من خلال جماعات مسلحة وعصابات وعشائر، وليس هناك منصب أمني يتم إسناده إلى شخص محدد إلا بعد أن يتم التوافق بين الجماعات المسلحة والأحزاب والعشائر".
وأعلنت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق "يونامي"، في الأول من تشرين الأول الجاري ، تسجيل مقتل 79 مدنيا وإصابة 179 آخرين خلال الشهر الماضي.
وقالت البعثة في بيان لها ، ان "البعثة سجلت مقتل 75 مدنيا عراقيا وإصابة 179 آخرين جراء أعمال الإرهاب والعنف والنزاع المسلح التي وقعت في العراق خلال شهر أيلول 2018".
وأضاف، أن "هذه الأرقام تشمل كل المواطنين وغيرهم ممن يعد من المدنيين وقت الوفاة أو الإصابة، كالشرطة في مهام غير قتالية، والدفاع المدني وفرق الأمن الشخصي وشرطة حماية المنشآت ومنتسبي قسم الإطفاء".
وأشار البيان إلى ، أن مجمل الأعداد التي سجلتها بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق "يونامي" في شهر أيلول، هو مقتل 71 مدنيا (مستثنيا عناصر الشرطة منها).
وتابع البيان، بأن محافظة بغداد كانت الأكثر تضررا، حيث بلغ مجموع الضحايا المدنيين 101 شخص (31 قتيلا و70 جريحا).
وأوضح البيان ، أن البعثة أعيقت من التحقق على نحو فعال من أعداد الضحايا في مناطق معينة، وهناك بعض الحالات التي لم تتمكن فيها البعثة من التحقق إلا بشكل جزئي فقط من حوادث معينة.
ويبدوان عودة عمليات الاغتيال في بغداد إشارة لتراجع الاستقرار الأمني الذي شهده العراق عموما بعد هزيمة تنظيم داعش، اذ رافقت عودة تلك الاغتيالات عودة منظمة لتفجيرات هزت شوارع العاصمة بعبوات ناسفة وزعت في مناطق متفرقة أمس الأحد إضافة الى العثور على سيارة مفخخة تم تفكيكها والسيطرة عليها".
الأمر الذي أقرت به جهات أمنية في بغداد وصفت ما يحدث بالانفلات الأمني الجزئي نتيجة لكثرة السلاح ووجود جهات غير منضبطة.
إذ أكد عضو مجلس محافظة بغداد سعد المطلبي أن "عودة عمليات ومحاولات الاغتيال في العاصمة بغداد الى وجود انفلات امني جزئي في ملف الأمن علينا أن نقر به وضرورة معالجته بأسرع وقت".
وأضاف، أن "سبب الانفلات هو كثرة السلاح ووجود جهات غير منضبطة أهدافها ابتزازية مالية ولديها أهداف أخرى سياسية". انتهى/خ.
اضف تعليق